القاعدة العامة أن رزق الله يساق للإنسان في هذه الدنيا على ما قدره الله {نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون}. الزخرف 32. والتسخير هنا هو تبادل المنافع واحتياج كل إنسان للآخر مهما كان وضعه وليست كثرة المال أو قلته دليلا على محبة الله لعبده أو بغضه له فإن الدنيا ليست جزاء لمؤمن وشواهد ذلك من القرآن والسنة كثيرة قال تعالى:{ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون. ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها يتكئون. وزخرفا وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا والآخرة عند ربك للمتقين} الزخرف 33- 35. وجاء في صحيح الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:”لا أحد أصبر على أذي يسمعه من الله عز وجل انه يشرك به ويجعل له الولد ثم هو يعافيهم ويرزقهم”. وروى الترمذي حديثا حسنا صحيحا أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ”لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقي منها كافرا شربة ماء أبدا”. والذي يجب أن يعلمه الناس أن كثرة المال أو قلته إنما هي امتحان من الله لعبده ليشكر أو يصبر قال تعالى {فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن. وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن.. كلا} الفجر 15- 17. ومحبة الله لعبده إنما تكمن في بركة الرزق المساق إليه وليس في كثرته أو قلته ولهذا كان وعيد الله في هذه الحياة للمعرضين عن شرعه هو ما حكاه القرآن المجيد في قوله: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا} طه 124. قال العلماء: الضنك في الدنيا هو الذي لا طمأنينة له ولا انشراح لصدره وإن تنعم ظاهره ولبس ما شاء وأكل ما شاء وسكن حيث شاء فإن قلبه ما لم يخلص إلى اليقين والهدي فهو في قلق وحيرة وشك.