تستحدث الوزارة الأولى بمقتضى قانون المالية لسنة 2014 رقما أخضر يصل المتعاملين والشركات العمومية والخاصة، بالإضافة إلى المواطنين، مباشرة بالوزير الأول عبد المالك سلال، للتنديد بالتجاوزات الإدارية التي تقوم بها الهيئات الرسمية في حق المؤسسات الاقتصادية. ولم تذكر تعليمة الوزير الأول عبد المالك سلال التي تحوز ”الفجر” نسخة منها تفاصيل عن نوعية التجاوزات المعنية، وتركت المجال مفتوحا لكل الممارسات غير القانونية التي يُحتمل أن تقع فيها الهيئات الرسمية أو الإدارات العمومية خلال تعاملها مع الشركات الاقتصادية بالمقام الأول، في إشارة إلى التعاطي بالرشوة واستعمال المحاباة بالإضافة إلى البيروقراطية التي تعطل العديد من المشاريع. وأكدت تعليمة وزير الأول لأعضاء حكومته على ضرورة موافاة سلال شخصيا بالتقارير في نهاية كل فصل حول الردود المقدمة، مشيرة بالمقابل إلى تحديث وتحسين العلاقات بين المؤسسات مع الإدارات ذات الطابع الاقتصادي والبنوك، بوضع موقع عمومي لإحصائيات والمعلومات قصد وضع المشاريع التمهيدية للقوانين والنصوص التنظيمية، بالإضافة إلى المناشير والمذكرات الإدارية المتعلقة بالإجراءات ذات الصلة بالمؤسسة وبفعل الاستثمار، وجعلها تحت تصرف المتعاملين والمواطنين وفق كيفيات يتعين تحديدها مع مختلف الدوائر الوزارية. وضمن نفس الاتجاه، تعمل الحكومة على إنشاء مقياس لمناخ الأعمال بالجزائر، على أن يتضمن تحيينا متواصلا من خلال تدعيمه ونشره بصفة منتظمة، إلى جانب وضع مقاييس لدرجة ارتياح المرتفقين على مستوى كل إدارة وهيئة عمومية، كطريقة للتعرف على رأي المتعاملين مع الإدارة من الشركات الاقتصادية بشكل خاص في كيفية تعاملها مع طلباتهم ودرجة التسهيلات الممنوحة لهم. وتندرج هذه الخطوة المقررة من طرف الحكومة، والتي تجعل الوزير الأول عبد المالك سلال على اطلاع مستمر بما يجري في أروقة الإدارة العمومية والجوانب ”المظلمة” من تعاملاتها مع الشركات الاقتصادية، ضمن التحدي المرفوع من طرفها في تجاوز قضايا الفساد التي لم تستثن أي مجال، لاسيما إثر القضايا التي تورطت فيها مؤسسات ومجمعات كبرى في الجزائر، أكدت المتابعات القضائية أن معظمها مرتبط بالتعاطي بالرشوة من خلال الاستفادة من الثغرات القانونية وضعف الرقابة على الأجهزة والمصالح المعنية. وتجدر الإشارة إلى أن ”صفقات” الفساد جعلت التقديرات الأخيرة للبنك الإفريقي للتنمية صنفت الجزائر من بين أكثر الدولة عرضة لنزيف العملة الصعبة وتهريب الأموال نحو الخارج، وذكرت أن حجم الأموال المهربة من الجزائر إلى الخارج في الفترة الممتدة بين 1980 و2009 بلغت 11.371 مليار دولار، وتجاوزت خلال الخمسين سنة التي أعقبت الاستقلال 250 مليار دولار، أي ما يقارب نصف ميزانية الولاياتالمتحدةالأمريكية، ويعادل ميزانية نحو عشر دول إفريقية مجتمعة.