وزراء يكتفون بالتنديد وفرض تعديلات إدارية بسيطة وخبراء يطالبون بحلول جذرية ”لم تتخذ الحكومة أي إجراءات رسمية لوضع حد للفساد منذ اندلاع الشرارة الأولى لفضيحة سوناطراك 2 قبل 6 أشهر كما اكتفت هذه الأخيرة بفرض بضعة إجراءات إدارية بسيطة لم تغيّر من الوضع شيئا رغم الانتقادات التي واجهتها وتلخصت هذه الإجراءات في تنديدات الوزراء والمسؤولين بالفساد ومطالبتهم للمواطنين بالمساهمة في ”قمعه” حسبما يُجمع عليه خبراء الاقتصاد. انتقد الخبير الاقتصادي ومدير الدراسات سابقا على مستوى مجمع سوناطراك الدكتور عبد الرحمن مبتول تماطل الحكومة في اتخاذ إجراءات رسمية لمواجهة الرشوة والفساد بعد 6 أشهر من تفجير فضيحة سوناطراك 2 والشروع في كشف قضايا الفساد في الساحة الوطنية مشيرا إلى أنه رغم الضجة التي تمت إثارتها على هذا المستوى وما نشرته وسائل الإعلام ورغم تصريحات كبار الوزراء والمسؤولين إلا أنه لم يتم اتخاذ أي قرار رسمي لحد الساعة لاسيما فيما يتعلق بمنع التعاملات ب”الشكارة”. أضاف مبتول في تصريح ل”الفجر” أن مجمل القرارات التي إتخذتها الحكومة هي مجرد إجراءات إدارية بسيطة لن تغير في الوضع شيئا في حين أنه لم يتم اتخاذ أي تعديل جذري للقوانين لحد الساعة مشيرا إلى أن السبب الحقيقي وراء استمرار سيناريو الفساد والرشوة ونهب المال العام وتفشي المحسوبية عبر مجمل القطاعات هو استمرار البيروقراطية والسوق الموازية والتعاملات ب”الشكارة” معتبرا أن الوزير الأول عبد المالك سلال إعترف شخصيا أمس خلال لقائه بالولاة بانعكاسات السوق الموازية والبيروقراطية على تفشي الرشوة والمحسوبية وهو ما يتطلب قرارات حاسمة لوقفها. وصرح مبتول أن تقرير البنك الإفريقي الصادر منذ أيام كشف عن تهريب 173 مليار دينار من رؤوس الأموال خارج الجزائر في الفترة الممتدة من 2000 إلى 2009 كما توقع أن يرتفع الرقم مع نهاية السنة إلى ما يزيد عن 200 مليار دولار وهو ما يعادل قيمة احتياطي الصرف الجزائري في الخارج الأمر الذي يهدد بكارثة اقتصادية ويسمح بتحطيم مستقبل الجزائر المالي داعيا الحكومة إلى اتخاذ قرارات رسمية وحاسمة هذه المرة من خلال تطبيق تعليمة منع التعاملات المالية واستبدالها بتعاملات إلكترونية على غرار ما هو متعامل به في الخارج أو على الأقل اللجوء إلى الصكوك في إبرام الصفقات بعد المعاملات المالية التي تقف وراء غالبية الجرائم الاقتصادية. واعتبر ذات الخبير أنه بعد مرور 50 سنة على استقلال الجزائر لا تزال هذه الأخيرة تعتمد على إقتصاد الريع وهو ما يدعو إلى ضرورة دق ناقوس الخطر كما دعا إلى إعتماد معايير جديدة عند تنصيب مسؤولي المؤسسات العمومية والهيئات الاقتصادية الكبرى بدل تلك المعتمدة حاليا من خلال وضع شرط ”الأخلاق” كعنصر رئيسي لتوظيف العمال وتنصيب المسؤولين وجعل هذا العنصر أساسيا في التوظيف وهو ما سيسهم في تطهير الساحة الاقتصادية من الفساد والمفسدين.