عقّد تغير الموقف الأمريكي من النزاع السوري مسار الحل السياسي المنتظر الوصول إليه خلال لقاء جنيف المقبل، فبعد قبول واشنطن المشاركة الإيرانية في الحوار شريطة تبني اتفاق جنيف 2012 القاضي بتشكيل حكومة انتقالية في دمشق وكذا ثناء الإدارة الأمريكية على الجهود السورية المتعاونة في مسألة تدمير ترسانتها النووية، تمسّكت المعارضة إثر موقفها المتعنت رافضة حضور المؤتمر الدولي بوجود طهران. أشادت موسكو بتعاون الحكومة السورية في القضاء على السلاح الكيماوي وأكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس نشاط وشفافية النظام في تدمير أسلحته الكيميائية، وقال بوتين في ختام قمة منتدى التعاون الاقتصادي ال21 لدول آسيا والمحيط الهادئ الذي احتضنته جزيرة بالي الإندونيسية، أن المساعي الأمريكية الروسية لم تذهب أدراج الرياح، داعيا إلى توسيع قائمة المشاركين في مؤتمر ”جنيف 2” لتشمل عددا من الدول الإسلامية الأخرى على غرار إندونيسيا باعتبارها أكبر بلد إسلامي، وشدّد الرئيس السوري أن أولويات المجتمع الدولي اليوم لا تقتصر على إتلاف الترسانة النووية السورية بل تجتهد أيضا من أجل استئناف المفاوضات بين جميع الأطراف السورية المتنازعة خلال المؤتمر الدولي المزمع عقده منتصف الشهر القادم. وكانت واشنطن قد أبدت أول أمس ارتياحها من الخطوة الإيجابية للنظام في تعامله مع الملف النووي مؤكدة قبولها مشاركة طهران في مؤتمر الحوار لكن شريطة أن تقبل إيران الذهاب إلى اللقاء على أساس اتفاق ”جنيف 1” القاضي بتشكيل حكومة انتقالية في سوريا، الأمر الذي دفع الإئتلاف السوري المعارض إلى التمسك بموقفه ومطالبته بالمزيد من الضمانات العربية والإسلامية لحضور مؤتمر ”جنيف 2”، وأعلن رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض أحمد الجربا أن مشاركة الائتلاف في المؤتمر الدولي للسلام مشروط بأن يتضمن التفاوض مسألة تسليم نظام الرئيس السوري بشار الأسد للسلطة وتوافر ضمانات عربية وإسلامية لنجاح المساعي الدبلوماسية، وأكد الجربا في مؤتمر صحفي عقده بمدينة إسطنبول التركية على أهمية توفر هذه الضمانات من كل من السعودية، قطر، الأردن وتركيا، كما رفض رئيس الائتلاف السوري المعارض أي دور لإيران كوسيط في المفاوضات بينه وبين الحكومة السورية على أساس أن طهران محتل للأراضي السورية. من جهة أخرى أوصى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بتشكيل بعثة مشتركة قوامها 100 خبير من المنظمة الدولية لحظر الأسلحة الكيماوية والأممالمتحدة لتفكيك الأسلحة الكيماوية السورية على أن يكون لها مكتبان في دمشق وقبرص، وقال كي مون في رسالة لمجلس الأمن الدولي أن عملية البعثة الأممية قد تتطلب المزيد من المساعدة من قبل الدول الأعضاء في الأممالمتحدة. على صعيد آخر قررت تركيا بناء جدار بارتفاع مترين على الحدود مع سوريا لمنع اجتياز حدودها بشكل غير شرعي، حيث شرع عمال البناء بحفر الأساس للجدار بمنطقة نصيبين، وهي منطقة حدودية تبعد 10 كيلومترات عن مدينة القامشلي السورية التي كثيرا ما شهدت نزاعات بين السكان الأكراد والقبائل العربية وبعض مسلحي المعارضة، وأكد المسؤولين الأتراك عدم وجود مشاكل أمنية بالمنطقة لكن سهولة اختراق حدودها يدفع إلى الاحتياط على امتداد جزء يسير من الحدود الممتدة على طول 900 كيلومتر.