مع انتشار البطالة بصفة مقلقة وغلق جميع الأبواب في وجه الشباب، فضل الكثيرون الاستعانة بخدمات الأنترنت من أجل الحصول على الوظيفة المناسبة لنوع تخصصهم، لاسيما أن عدد المواقع الإلكترونية في هذا المجال تتزايد باستمرار، وتختلف بين الرسمية والفردية، الجادة والمتلاعبة بعقول الشباب وأحلامهم. يلجأ عدد كبير من الشبان الباحثين عن فرصة عمل مناسبة لهم إلى طرق جميع الأبواب التي من شأنها أن تضعهم على أول طريق كفاح لتحقيق ذاتهم. وفي الوقت الذي تمارس أغلب المؤسسات والشركات أنواعا مختلفة من التجاهل لطلبات هؤلاء الخاصة بالتوظيف، من خلال إهمال ملفاتهم ورفض استقبالهم وتعليقهم بوعود وآمال كاذبة، قرر هؤلاء الوصول إلى مبتغاهم بطريقة إلكترونية، وذلك بالإطلاع على عروض المؤسسات وإعلانات التوظيف التي باتت تغزو الشبكة العنكبوتية، وتسيل لعاب الباحثين عن العمل، وبين إعلانات جادة وواقعية وأخرى وهمية واحتيالية يتيه هؤلاء وتختلط أوراقهم. مؤسسات تفتح مواقع إلكترونية خاصة بالتوظيف شركات ومؤسسات تستخدم التكنولوجيا في الإعلان عن توظيف عمالها جملة من الوسائل والطرق، فبعد أن كانت تنشر هذه الإعلانات على صفحات الجرائد وبعض المجلات المتخصصة، وذلك من خلال إيضاح طبيعة التوظيف إذا كان مباشر يعتمد على طبيعة الخبرات ومدى التوافق بين التخصصات والمناصب المتوفرة، أوعن طريق الخضوع لاختبارات الكفاءة ومسابقات التوظيف، ليتم الاختيار بعدها على أساس النتائج وكذا عدد المناصب الشاغرة. غير أن الغزو التكنولوجي واعتماد الشباب خاصة على الانترنت بصفة واسعة وكبيرة في أغلب شؤونهم اليومية، دفع هذه الجهات الحكومية أوالخاصة إلى انتهاج السبل التكنولوجية من أجل الوصول السريع لهؤلاء الشباب والتواصل معهم بصفة مباشرة، سريعة وفعالة. لذا باتت أغلب المؤسسات تصر على امتلاك موقع إلكتروني فعال وحديث يعمل على نشر كل المستجدات، بما في ذلك رغبتها في التوظيف وإجراء المسابقات، عن طريق نشر التفاصيل المتعلقة بعدد المناصب، المؤهلات المطلوبة، وكذا الأجر المعروض لكل منصب وفئة. في السياق، وخلال تعاملنا مع مصطفى مهداوي، المكلف بالاتصال بشركة تأمينات خاصة، أشار إلى أن مؤسستهم قررت استخدام الأنترنت في إعلانها عن التوظيف بعد أن اتضح لها مدى فعاليتها هذه الوسيلة. ومن خلال التعامل بهذه الأخيرة كشف محدثنا أنهم قاموا باختيار 45 شخصا من أصل 260 مهتم بعد الاطلاع على كفاءاتهم وخبراتهم التي احتوتها سيرتهم الذاتية، وأضاف أن المؤسسة قامت بتخصيص موظف لهذه الخدمة يهتم باستقبال السير الذاتية، معالجتها ثم عرضها على الإدارة ليتم الاختيار، كما يعمل هذا الموظف على تحديث الموقع وتجديد معلوماته باستمرار بشكل يتيح للشباب الباحث عن فرصة عمل البقاء على تواصل مستمر مع المؤسسة. مواقع خاصة ب”الخدمة” ما لا شك فيه أن الشبان من أكثر المعنيين بخدمة التوظيف عن طريق الأنترنت، لذا قرر الكثيرون منهم خلق مواقع إلكترونية خاصة بطرح كل ما هو جديد في عالم الشغل، من فرص عمل، مسابقات توظيف، نشر السير الذاتية وكذا ترتيب مقابلات التوظيف. وفي حين تعرف هذه المواقع تزايدا مستمرا ونجاحا كبيرا فيما يخص التواصل مع الشباب، تبرز بعض هذه الأخيرة كمراجع هامة للباحثين عن فرص العمل، على غرار موقع ”خدمة دوت كوم”، ”واد كنيس وظائف”، ”جوبز ألجيريا دوت نات”.. التي باتت الشغل الشاغل لمطوريها من حيث العمل على تحديثها وتعديل معطياتها، وإضافة كل ما هو جديد إليها. وفي السياق يشير عادل سفوح، مطور برامج إلكترونية، إلى أن العمل في هذه المواقع يتطلب الكثير من الجهود، كما يستدعي العديد من العلاقات التي تتيح لهم الاطلاع على جديد المؤسسات والشركات ومن ثم نشر على صفحاتهم، وكذا استقبال السير الذاتية لبعض الشباب وإرسالها لمن يهمه أمر توظيفهم. عروض وهمية وأخرى تحايلية تختلف العروض الإلكترونية للتوظيف عن غيرها من العروض الكلاسيكية من حيث الكشف عن الجهة المعلنة، الأمر الذي يفتح المجال للكثير من العابثين للتلاعب بآمال الشبان الذين يعجبون بطابع المهنة والمبالغ المالية الخيالية التي تعرضها وبعض الامتيازات الأخرى، وتحت غطاء الشركات العالمية تختفي الكثير من الشخصيات الوهمية التي توهم الشباب بفرص عمل خيالية يكتشفون خديعتها بعد إجراء المقابلات الشخصية. وخلال بحثنا عن بعض الشبان الواقعين في فخ الإعلانات الكاذبة، تفاجأنا بعددهم الكبير والذي تم النصب عليهم بطرق مختلفة.. سمير، مهندس دولة في الإلكترونيك، تعرض لعملية احتيال من طرف شخص مجهول أوهمه أنه يمثل شركة للصناعة الإلكترونية بالجزائر، وبعد وعود التوظيف وإغراء بالراتب تبين لمحدثنا أنه ضحية احتيال بعدما اتجه لهذه الشركة وقوبل برد المسؤولين هناك الجازم بعدم نشرهم لأي إعلان في هذا الخصوص. ورغم اصطدام الكثير من الشبان بهذا الواقع المر، فإن حظ الفتيات من هذه التلاعبات يبقى أكبر، فأغلبهن تعرضن لإغراء وظائف على مقاسهن، ساعات العمل والأجر المعروض، فتسارعن في إرسال سيرهن الذاتية المرفقة لرقم الهاتف والعنوان الشخصي، الذي يصبح وسيلة في يد هؤلاء الشبان الذين يتلقون يوميا كميات معتبرة من تلك الملفات المرفقة لطلبات التوظيف، لأجل مضايقة الفتيات هاتفيا ومحاولة تكوين علاقات عاطفية عابرة مع بعضهن، لاسيما إن تم تعليقهن بوعود توظيف زائفة.