أخيرا طُويت صفحة الخلاف في تونس وفتح عهد جديد أساسه التوافق والتراضي بين الأطياف السياسية التي ثتمّنت جهودها بالمصادقة على دستور البلاد وتشكيل حكومة مستقلة تستجيب لتطلعات الشعب وتضع حدا للأزمة السياسية التي عاشتها البلاد وطال أمدها في ظل التجاذب الذي حصل بين الفاعلين في الحقل السياسي. وقّع أمس رؤساء الجمهورية والحكومة والبرلمان في تونس على الدستور الجديد للبلاد الذي صادق عليه المجلس الوطني التأسيسي بغالبية ساحقة أمس الأول، لينشر بعدها في الجريدة الرسمية للبلاد على أن يدخل حيز التنفيذ تدريجاً في انتظار انتخاب برلمان ورئيس جديدين، وهي الخطوة التي وصفها الرئيس التونسي محمد المنصف المرزوقي بالانتصار الديمقراطي لتونس، وأضاف المرزوقي في خطاب ألقاه أمام البرلمان أن الطريق ما تزال طويلة، وهناك الكثير والكثير من العمل لدمج قيم الدستور في الثقافة التونسية، وبعد مرور ثلاث سنوات من ثورة الياسمين وبتأخر سنة كاملة عن الموعد الذي كان مقررا لوضع الدستور التونسي بسبب الاختلاف وجهات النظر، توصل المجلس التأسيسي في تونس أول أمس إلى المصادقة على الدستور الجديد للبلاد، ونجح رئيس الوزراء في تحقيق التوافق على تشكيلة حكومته المستقلة المنتظر أن تنجح في قيادة البلاد حد انتخابات هذا العام في أولى خطوات دعم الانتقال الديمقراطي في تونس، حيث صوت 200 نائب بالموافقة على الدستور الثاني في تاريخ البلاد من أصل 216 نائباً شاركوا في عملية الاقتراع ب”نعم” على الدستور المكوّن من ”توطئة” و149 فصلاً، فيما صوّت ضده 12 نائبا وامتنع 4 عن التصويت، ليعوض بذلك الدستور الجديد دستور عام 1959، الذي عُلق العمل به بعد الإطاحة بنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي في 14 جانفي من سنة 2011.، وفي نفس اليوم الذي حضي فيه الدستور بالإجماع نجح مهدي جمعة في ضبط طاقمه الوزاري الذي يخلف حكومة النهضة التيار الإسلامي الحاكم في البلاد. من جهته بارك الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون النجاح التونسي ورحب بمصادقة البرلمان التونسي على دستور البلاد معتبرا الخطوة حدثا تاريخيا، وقال بان كي مون في بيان أن تونس خطت خطوة تاريخية بمصادقتها على الدستور، مؤكدا أن النموذج التونسي يمكن ان يكون مثالا للشعوب الهادفة الى الإصلاحات”، وشدد البيان على أن تعزيز المؤسسات الديمقراطية بقيم الدستور وغيره من القوانين يساعد على تقوية المسؤولية ورئاسة القانون مع الاحترام التام لحقوق الإنسان.