تأثرت كثيرا، وتفاعلت كثيرا كشاوية حرة، عبر شبكات التواصل، لما صدر عن رئيس الحكومة ”سلال”، ولكن يا أهلي ويا عشيرتي في منطقة الأوراس الأشم، الجزائر جزائرنا والرجال زائلون. لذلك كله أقول: لنتجرد من المشاعر الذاتية قليلا، ونتوقف لنغلب مصلحة الوطن أولا، خاصة وأن الجزائر تعيش وضعا حساسا جد خطير. لنحلل الحدث ”سلال” تحليلا موضوعيا، فنقول: أن للحدث وضعية، وله أطراف فاعلة تتحمل المسؤولية. الوضعية: الوضعية التي قال فيها ”سلال” ما قاله عن الشاوية كانت وضعية رجل عادي من عامة الشعب، ولم يكن في وضعية رئيس حكومة أو مدير حملة. وهذه الوضعية الرجل يترك العنان لمشاعره ولسانه، فيهرج ويقول بعفوية تامة، كل ما يمكن أن يثير حالة من المزاح والضحك عند زملائه ومن يحيطون به، دون أية قيود ولا مراقبة ذاتية. الأطراف الفاعلة: ”سلال” هو الطرف الرئيسي في الحدث، ”سلال” مدير حملة الرئيس المترشح لعهدة رابعة غير مرغوب فيها، من قبل شريحة كبيرة من الشعب الجزائري. ”سلال” مدير حملة مترشح للانتخابات الرئاسية، ومن المفترض أنه يعي جيدا أن خصوما سياسيين، من المعارضين، يترقبون ويترصدون هفواته السياسية، خاصة الهفوات الكلامية المعروف بها كرئيس حكومة، فما بالك بمدير حملة انتخابية. إذا كان ”سلال” يعلم جيدا أن هناك ”كامرات” تصور في لحظة الوضعية الحرة والمتحررة من قيود المنصب الذي يشغله، ولم ينتق ألفاظه بدقة، ولم يبال بالظرف السياسي الملتهب الذي تعيشه البلاد، واستهتر بمشاعر منطقة تاريخية لها وزن ثقيل جدا في الجزائر، يعرف عن أهلها أنهم لا يعتدون، وإذا اعتدي عليهم فهم لا يتسامحون. في هذه الحالة هو متعمد. وإذا كان ”سلال” الرجل أو ”سلال” مدير الحملة الانتخابية لا يعلم بوجود مصور، هنا المسؤولية يتحملها الطرف الثاني في الحدث، وهي قناة ”النهار”. قناة ”النهار”: تتحمل القناة في الحقيقة مسؤوليتين: الأولى عندما قامت بالتصوير دون إعلام ”سلال”، والثانية عندما بثت ما كان يصور دون الاهتمام بالمضمون، لماذ؟ قد يقول قائل: القناة تنقل الحدث، أو المعلومة كما هي إلى المشاهد، والمسؤول الأول هو فاعل الحدث، هذا جميل ويدخل في صميم الوظيفة الإعلامية، ولكن السؤال الذي يطرح الآن: هل هناك مسؤولية أخلاقية ووطنية ينبغي على الإعلامي مراعاتها، أم الحرية هنا مطلقة؟ حسب المدير العام ل قناة ”النهار” الذي تدخل معتذرا، اعترف بأن البث لم يكن مرخصا له من قبل ”سلال”، لكنه لم يشر إلى قضية علم ”سلال” بالتصوير من عدمه. اعتذار المسؤول الأول للقناة، يؤكد أن القناة تتحمل المسؤولية الأخلاقية والوطنية، لأن الحدث أثار ضجة في البلاد، وقد تنجر عنه فتنة كبيرة في البلاد. لذلك كله نقول: أن الخدمة الإعلامية سلاح ذو حدية، إذ وظفت بعقلانية وبانضباط ومسؤولية فإنها ستشارك في رقي المجتمع واستقراره، وإذا وظفت دون أي دراسة مسبقة ورقابة ذاتية مستمرة لما تبثه من برامج أو مضامين، فإنها ستصبح أداة تخريبية غير مسؤولة. أهلي وعشيرتي، أردت من خلال هذا التحليل للحدث أن أقول: لا تنجروا وراء مشاعركم الغاضبة، فتقومون بتصرفات تضر البلاد التي ضحى من أجلها آباؤنا وأمهاتنا وإخوتنا الشهداء والمجاهدون. الظروف السياسية الحالية ملغمة، وأطراف - من أنفسنا - وأحيانا من الخارج، تدفع بالجزائر نحو الأزمة والتعفن، فافعلوا ما استطعتم من أجل التهدئة والتعقل. وإذا أردتم القصاص، فليكن من المعتدي بشخصه فقط، ولكن بطرق قانونية، أي أمام القضاء الجزائري، مهما كانت وضعية هذا القضاء، سجلوا رفضكم لمثل تلك التصرفات من مسؤول سام في البلاد حتى لا تتكرر مثل هذه التصرفات. حافظوا على الجزائر من فضلكم.