أصدر، مؤخر، الباحث في التاريخ والتراث الجزائري فوزي مصمودي، عن منشورات دار علي بن زيد للطباعة والنشر ببسكرة، عملا جديدا بعنوان ”بنو سليم بالجزائر، كلمات وجيزة على بعض ما في الأرجوزة” للعلامة النسّابة الشيخ عبد المجيد حبّة، الذي ترك آثارا هائلة على غرار ”قيد الأوابد من حياة خالد”، ”تذكرة أولي الألباب بملخص تاريخ بسكرة والزّاب” وغيرها. الكتاب الذي جاء في 110 صفحات من الحجم المتوسط، عبارة عن مخطوطة جدّ مهمة تركها العلامة الشيخ عبد المجيد حبّة ”1911-1992”، يتطرق فيها مصمودي إلى بعض الجوانب الخفية المتعلقة بالنسب والهوية والانتماء والثقافة والحضارة انطلاقا من بنو سليم، سعى منه لإعادة إحياء علم الأنساب الذي اندرس من المدونة التاريخية الجزائرية بفعل المحو الاستعماري الفرنسي. هذا الأخير حاول جاهدا قطع الجزائريين عن ماضيهم ومسح صلتهم بتاريخهم منذ نهايات القرن التاسع عشر، حيث استحدث أنظمة إدارية جديدة قائمة على الانتماء للبلديات والدوائر الحكومية ”العربية والفرنسية المختلطة”. وحسب ما جاء تقديم الدكتور محمد عبد الحليم بيشي فإنّ القبائل ”السلّمية” ذات حضور كبير الجاهلية والإسلام، وقد اشتهرت بطون أغلب جدّات المصطفى عليه السلام، حيث يقول ”أنا ابن العواتك من سليم”. وكان دخول بني سليم المغرب العربي أيام التغريبة الشهيرة لبني هلال وبني سليم والمعقل عندما أرسلهم الفاطميون من صعيد مصر لتأديب الدولة الزّيرية المتمردة عليها في أواسط القرن ال5 ه. من جهته عاد فوزي مصمودي إلى الموضوع عبر حديثه في المدخل عن العلامة عبد المجيد حبّة السلمي الذي خلّف في ضروب علمية عديدة الكتب والرسائل التي ما زال أغلبها في حيزّ المخطوط، رغم أنّه كان يعمل في صمت بعيدا عن الأضواء التي يتهافت الكثير إليها للوصول إليها وبلوغ ثريّاتها. كما قدّم شذرات من حياته ومسيرته العلمية سواء في التفسير والحديث والفقه والتاريخ والأنساب وغيرها، وكذا نهله من الأفكار التنويرية الإصلاحية التي كان العلامة المصلح العقبي يبثّها بكّار ببسكرة. كما تطرق إلى إسهاماته إبان الثورة التحريرية بالمغيّر، وعضويته الفعالة بجبهة التحرير الوطني، حيث لم يكتف بالنضال السياسي والمقاوم بل أرخّ لفصول الثورة ودون يومياتها. للإشارة فقد ضم الكتاب بعض صور العلامة، وعديد الرسومات والبيانات والوثائق وكذا نسخ من مقالات صحفية نشرت عن الراحل. وحمل الكتاب أيضا ثلة من الرسائل والقصائد الشعرية المختلفة المواضيع.