نقلت صحيفة “الخبر” أمس، في مقال لها، مأساة آلاف السياح الجزائريين العالقين بتونس، بعد أن فرضت الجمهورية التونسية الأسبوع الماضي في قانون المالية التكميلي، رسوما على السياح تفوق ألفي دينار جزائري على كل سائح يغادر تونس بعد زيارة سياحية. العملية التي أقل ما يقال عنها إنها عملية نصب واحتيال، لأنه وبمجرد صدور القانون باشرت تونس في تطبيقه قبل أن تقوم بحملة لإعلام السياح سواء الراغبين في زيارتها أو المتواجدين بترابها حتى يأخذوا احتياطهم. نعم، قلت هي عملية نصب واحتيال لأنها لم تفرض رسوما على السياح الداخلين، لأنها تعرف أن ذلك سيؤثر على الموسم، وقد يؤدي بالكثيرين إلى إلغاء سفرهم إلى تونس بسبب هذه الرسوم. السلطات التونسية تعرف أن هذا الإجراء موجه بالدرجة الأولى إلى السياح الجزائريين، لأنهم الأكثر عددا من بين كل الجنسيات التي تزور البلد، بل إن مداخيل السياحة التونسية تأتي نسبتها الأكبر من السياح الجزائريين الذين يفوق عددهم سنويا 1.3 مليون سائح يصرفون بسخاء مقارنة بالسياح الأوروبيين، زد على ذلك أن الكثير من الأسر التونسية تحسن مداخيلها السنوية من تأجير بيوتها لعائلات جزائرية، ما يعمل على تحسين مستوى معيشة التوانسة، من خلال عملية تشبه نوعا من التضامن بين الشعبين، زد على ذلك أن السلطات التونسية تعرف أن الوجه الأولى للسياح الجزائريين هي تونس، بسبب أزمة غلق الحدود مع المغرب، وتعرف أن السياح الذين يزورون تونس هم من الطبقة المتوسطة والضعيفة الدخل التي لا تسمح لها إمكانياتها بالسفر إلى أوروبا أو وجهات سياحية أخرى، ومع ذلك فرضت مثل هذه العقوبة على الجزائريين، ودون سابق إنذار. وهو إجراء غير إنساني من جهة، ومن جهة أخرى سيؤثر حتما على قطاع السياحة في تونس الذي يعاني من تراجع بسبب الوضع الأمني، ولم يبق إلا الجزائريون الذين يقصدون تونس أيضا من باب التضامن مع هذ البلد الذي يعاني من أزمة اقتصادية وأمنية منذ ثورة 2011. لا أظن أن الوزير الأول جمعة في زيارته الأخيرة إلى تبسة حيث التقى بالوزير الأول عبد المالك سلال واتفقا على توحيد الجهود لمكافحة الإرهاب في المنطقة، قد عرض على الطرف الجزائري مثل هذا الإجراء، لمجرد الإعلام، لأن لكل بلد الحرية في اتخاذ الإجراءات التي تخص بلاده، لكن كان على السلطات التونسية أن تستثني الجزائريين من هكذا قرار، ليس فقط لأن الجزائر قدمت لها المساعدة أثناء أزمتها، بل أيضا لم تنقطع وفود السياح الجزائريين إليها حتى في عز الأزمة. كان على تونس مثلما أسلفت إبلاغ السياح عن طريق وسائل الإعلام، قبل أن يحدث هذا الإجراء أزمة إنسانية على مراكز الحدود، بسبب هذه الإجراءات التي تشبه النصب والاحتيال، وقبل أن تسيء إلى العلاقة بين البلدين. الأكيد أن تونس ستخسر الكثير من وراء فرض هذه الرسوم، وكان على الوزيرة الجميلة آمال كربول أن تفكر في الأمر مرتين؟!