يتلازم عيد الأضحى بعادات موروثة لا نتخيل إمكانية الاستغناء عنها يوما ، لأنها لا تتكرر إلا مع هذه المناسبة، فبعد أن فقدنا بعبعة الكباش أياما قبل العيد، بسبب غلائها هاهي ”الدوارة” وكذلك ”البوزلوف” يلقيان نفس المصير عند كثير من العائلات الجزائرية، التي تعتبرهما عبئا كان لزاما التخلص منه، بحجة انقطاع المياه. تعيش عائلات على نطاق واسع من البلديات غرب العاصمة ورطة انقطاع المياه مع كل عيد أضحى، وذلك منذ أزيد من ثلاث سنوات، ورغم الشكاوي التي رفعها المواطنون على مستوى شركة ”سيال” لتوزيع المياه، إلا أن مطالبهم لم تلق آذانا صاغية. لتتحول معاناتهم إلى كابوس كون هذه المناسبة الدينية ألفت فيها النسوة غسل ”الدوارة” مباشرة بعد عملية ذبح وسلخ الأضحية، وكذلك ”تشياط البوزلوف”، وهي أعمال منزلية تتطلب وفرة المياه، ما جعل انعدامها في الحنفيات وقتها يدعو عائلات لتؤسس خزانا للمياه، وأخرى تنتهج طريقة أخرى، وهي الاستغناء نهائيا عن ”الدوارة” و”البوزلوف”، بتركها عند الجزار إذا كانت عملية الذبح والسلخ من قبله، أو التصدق بها للفقراء والجيران، ومن النسوة من يقمن برميها تماما في النفايات. عائلتي لا تأكل ”الدوارة” أفضل التصدق بها تعتبر السيدة ”ليلى” القاطنة ناحية بوشاوي، أن تكرار سيناريو انقطاع المياه مع كل عيد أضحى، أمرا غير مقبول، ورغم أنها تقوم بالتصدق ب”الدوارة” لجيران لها من باب أن عائلتها لا تأكلها، فهي تعاني أيضا من طول مدة الطهي وغسل الصحون، ولكنها تستنكر رمي أي شيء من الأضحية كما تفعله بعض من النسوة، فكثير من العائلات لم يسعها دخلها المادي لشراء كبش عيد، فلما لا تكون فرصة لهم للاستفادة بها-حسب تعبيرها-، كما أن الجزار يتقبلها في حال منحها له، لتضيف ذات السيدة ”صحيح أن عاداتنا أجبرت المرأة الجزائرية على طبخ أكلات من الدوارة والبوزلوف لكن لا يعني أن تتحمل ما لا يتلاءم مع نظام بيتها”. ”القراتان” عوض ”الدوارة” والشواء استبدالا ل”البوزلوف” في الوقت الذي كانت تتسابق فيه المرأة مع جاراتها لإعداد أفضل طبق ”دوارة” أو ”بوزلوف” ويجتمعن أياما قبل العيد لتبادل النصائح عن كيفية طهيها بالشكل المطلوب، أصبحت الجزائريات اليوم لا يبالين بالأمر ويعتبرن أن كيفيات الطبخ الحديثة سهلة، ويحبذها أفراد العائلة أكثر، لتلقى كتب الطبخ العصري الخاصة بلحم البقر والغنم رواجا مع اقتراب العيد، كذلك تلجأ بعضهن لتحميل الوصفات من مواقع الانترنت أو متابعتها عبر القنوات التلفزيونية.لتكون أغلب الكيفيات المقدمة عبارة عن ”قراتان” أو لحم مشوي، وهو الشائع في الآونة الأخيرة، لتغير العائلة الجزائرية تدريجيا نظام الاحتفال بعيد الأضحى، حسب ما تواجهه من ظروف.