تظل نكهة عيد الأضحى المبارك تصنعها دون شك تعب غسيل الدوارة وتنظيف البوزلوف .. وقبلها متاعب سلخ الأضحية .. لكن الزمن تغير ولم تعد المرأة الجزائرية قادرة على القيام بمثل هذه المهام الثقيلة على أظافر امرأة ليست ماكثة بالبيت مثلما لم يعد الرجل قادرا على سلخها.. لكن لا حرج فهناك كبش للعيد بخدمات "ما بعد البيع". في بلدية القبة كتب أحد الموالين رقم هاتفه على جدار أحد المنازل واضعا سهما إشهاريا يقود إلى منطقة تم تخصيصها لبيع الكباش اقتربنا من المكان ووجدنا عمي مسعود، رجل تجاوز عمره الخمسين عاما لا يزال يحتفظ بقشابيته وعمامة رأسه تراثا يدل على منطقة الأغواط، حمل بضاعته إلى العاصمة على متن شاحنته التي تحولت إلى بيت مؤقت عندما أخبرناه أننا من الصحافة بدا متخوفا، لكنه سرعان ما غيّر موقفه قائلا ''نحن الموالون نُلام لأننا نبيع غاليا لكن سلعة هذا الموسم أكلت غاليا لهذا وجب بيعها غاليا'' قبل أن يضيف ''..ونحن مستعدون لتقديم خدمات لزبائننا فإبني الذي يعمل كجزار مستعد لتقديم خدمات سلخ الأضحية..لكن بثمن معين مع تخفيض ممن اشترى من عندنا الأضحية ..'' في البداية اعتقدنا أن مثل هذا التصرف وليد نزعة فردية قبل أن نفاجئ بجزار تهافت عليه الكثيرون ليس لاقتناء اللحم والغنم وإنما للحصول على رقم هاتفه من أجل تقديم خدمات سلخ الأضحية وزاد استغرابنا أكثر بعد أن دلتنا إحدى المشتريات أن هناك سيدة تعرض خدمات تنظيف "البوزلوف" وبثمن أرخص من جارتها رقية. خالتي رقية، بباب الزوار، احترفت المهنة منذ عامين ''الفقر .. الحاجة كانت دافعا قويا لطرق أبواب العائلات لعرض خدمات تنظيف البوزلوف مقابل ثمن معين..'' عندما طرقنا بابها اعتقدت أننا من النساء اللواتي قصدناها لطلب خدماتها ليلة العيد وعندما كشفنا عن هويتنا الصحافية تملكها خوف شديد معتقدة أن ما تقوم به مخالفة ستعاقب عليها قبل أن نقنعها بأنه مجرد روبرتاج لكشف خلفيات المهنة .. '' تقول بدأت العمل منذ عامين توفي زوجي وأصبحت أبيع المحاجب والمطلوع السخون، وأتردد على العائلات في الأعراس لتنظيف البوزلوف وغسل الدوارة، قبل أن تتحول إلى مهنة سواء في الأعراس والحفلات وليلة العيد ..'' أما عن الثمن فهي كما قالت لنا 200 دج للدوارة و400 دج للبوزلوف، "لكني آخذ أكثر من حقي لأن العائلات التي أقصدها تدري أني أرملة وأم عيال". يتحول الجزار ليلة عيد الأضحى إلى أكثر الأشخاص طلبا .. عاشور، 39 سنة، زاول منذ صغره تجارة اللحم قبل أن يتحول إلى مهنة أخرى لكنه اكتسب معها الكثير من الحرفة وتحول إلى أكثر الأشخاص طلبا في بلدته حيث يطوف على أكثر من سبعة منازل بداية من منزله ونهاية بمنزل الجيران، يتراوح معدل سلخه للأضحية ب 10 دقائق لا أكثر، ولكنه في كل هذا يقوم بواجبه بالمجان. عمي الخير، 45 سنة، وجدناه أمام باب محله للّحوم بباب الزوار، أكد لنا أنه يطوف على بعض المنازل ليلة عيد الأضحى لكن بثمن، فعملية سلخ الأضحية ليست بالسهلة وفي هذا أكد لنا أنه يتقاضى أجر 1000 دج للكبش، ولكنه عبر لنا عن انزعاج بعض الأشخاص بسبب تذمرهم فيما لو أصيب جلد الأضحية بخدش معين .. وأكد المتحدث أن هناك الكثير من زملائه يمارسون مهنهم ليلة عيد الأضحى لكن لكل ثمنه الخاص. ربما تخلصت بعض النسوة من همّ غسيل الدوارة وتنظيف البوزلوف، لكن يبقى لعيد الأضحى نكهة خاصة تلك اللحظات التي يتحول فيها المنزل إلى ورشة منصبة على سلخ وغسيل وتنظيف الأضحية. فضيلة مختاري