يستمر مسلسل انهيار أسعار البترول التي فقدت أزيد من 60 بالمائة من قيمتها في ظرف 7 أشهر، حيث بلغ خام برنت أمس 49.92 دولارا للبرميل، ما ينذر بأزمة اجتماعية واقتصادية خانقة ستؤدي إلى تهديد استقرار البلاد الذي أنفقت الحكومة عليه ملايير الدولارات من عائدات البترول منذ عقود لضمانه وإسكات الجبهة الاجتماعية. سجلت أسعار النفط مستويات منخفضة جديدة في خمس سنوات ونصف، أمس الأربعاء، مع تباطؤ نمو أنشطة الشركات العالمية إلى أدنى مستوى في عام ليهبط خام البرنت إلى 49.92 دولار للبرميل في تعاملات أمس. وحسبما أفاد به مؤشر ”جيه. بي مورجان” لناتج الصناعات العالمية الصادر عن مؤسسة ماركت، فقد تباطأت وتيرة نمو أنشطة الأعمال لتسجل أضعف وتيرة في أكثر من عام نهاية 2014 مع انحسار معدلات النمو في قطاعي الصناعات التحويلية والخدمات. كما تراجعت العقود الآجلة لخام برنت القياسي إلى 49.92 دولار للبرميل مسجلة أدنى مستوياتها منذ ماي 2009 ثم عاودت الصعود إلى 50.60 دولار للبرميل. ونزل الخام الأمريكي إلى 47.27 دولار للبرميل وهو أقل مستوى منذ افريل 2009 ثم ارتفع إلى 47.37 دولار. وكانت أسعار النفط تراجعت للجلسة الرابعة على التوالي، يوم الثلاثاء المنصرم، تحت وطأة المخاوف المتنامية من فائض في الإنتاج لينخفض السعر نحو 10 بالمائة هذا الأسبوع. وتأتي الجزائر في مقدمة الدول العربية الأكثر تأثرا بانخفاض أسعار البترول، الأمر الذي يعرضها لمواجهة هزات اقتصادية قد تثير الطبقات الاجتماعية الفقيرة، نتيجة اضطرار السلطات العمومية لاعتماد سياسة التقشف وترشيد النفقات والتخلص من مجموعة من المصاريف بسبب عدم قدرتها على تغطيتها. ومن جهته قال وزير الطاقة الإماراتي، سهيل بن محمد المزروعي، في تصريحات صحفية أمس، أن وفرة المعروض في أسواق النفط قد تستمر لأشهر وربما سنوات، إلا أن الأسعار ستتعافى إذا تصرف المنتجون خارج الأوبك بعقلانية.وتعتبر تصريحات المزروعي من بين الدعوات السائدة في الخليج العربي من طرف المنتجين الرئيسيين في منظمة الأوبك، والتي تؤكد على ضرورة تخفيض الزيادات المزمعة في الإنتاج من طرف الدول غير الأعضاء في المنظمة للمساعدة على دعم أسعار النفط المتراجعة. ويؤكد المزروعي أن قرار الأوبك في نوفمبر الماضي بعد خفض الإنتاج حظي بالتأييد من طرف كل الأعضاء بمن فيهم دولة الإمارات العربية المتحدة ”ونحن واثقون من الطبيعة الاستراتيجية لمثل هذا القرار فأوبك ليست جزءا من وفرة المعروض ولا يمكن لومها إذا أغرقت دول خارج الأوبك السوق بإنتاجها من النفط”. ومن جهة أخرى فقد الخامان القياسيان - برنت وغرب تكساس الوسيط - أكثر من نصف قيمتهما منذ منتصف 2014. وهبط سعر برنت تسليم فبراير شباط إلى 54.85 دولار للبرميل، مسجلا أدنى مستوى منذ ماي 2009 ثم تحسن قليلا إلى 54.90 دولار بانخفاض 1.36 دولار. ونزل الخام الأمريكي إلى 51.36 دولار أمس وهو أيضا أقل مستوى له منذ ماي 2009. وقال كارستن فريتش، كبير محللي النفط والسلع الأولية لدى كومرتسبنك في فرانكفورت: ”المسار النزولي هو الأسهل للنفط”. مضيفا: ”كل أخبار السوق تقريبا والعوامل الأساسية سلبية ومن الصعب التكهن بأي صعود في الوقت الحالي”. ووافقه في الرأي أدم لونجسون المحلل في مورجان ستانلي الذي قال ”من الصعب التكهن بتحسن كبير في العوامل الأساسية للنفط على المدى القريب”. وكتب في مذكرة للعملاء ”إمدادات جديدة دخلت السوق مما عوض تأثير المشاكل الليبية. معظم الصادرات الإضافية من روسيا والعراق”. وأشار كارل لاري من مؤسسة فروست أند سوليفان إلى أن ”اللوحة لا تزال قاتمة بالنسبة إلى النفط في العالم مع الكثير من إشارات الضعف في أوروبا والصين وفي روسيا”.