المواجهة التي انطلقت على شكل ”عاصفة الحزم”، وضمت السعودية ودولاً كثيرة أخرى، لنصرة الشرعية في اليمن، وحماية السعودية من تداعيات التدخل الإيراني السافر في الشأن اليمني، وتهديد حدودها الصريح؛ لا تشمل الجانب العسكري المهم فقط، ولكن هناك جبهة بالغة الأهمية والضرورة ”فتحت” وبقوة، ومن المهم التنبه لها جدًّا. والمقصود هنا هو تحديدًا في الجهة الإعلامية؛ إيران وعملاؤها في المنطقة، وعلى رأسهم زعيم ميليشيا تنظيم حزب الله الإرهابي حسن نصر الله، أخذوا خط ”إثارة” الرأي العام ونشر الأكاذيب وتحويل أصل الموضوع إلى فروع جانبية بعد أن تبين لهم امتداد حجم التأييد لعاصفة الحزم إلى مناطق مهمة ومتزايدة من العالم الإسلامي، وشبه إجماع عريض على دعمها وتشجيعها وتفهم أهدافها بشكل واقعي، وهذا الأمر أحدث ارتباكًا ملحوظًا وقلقًا كبيرًا لا يمكن إنكارهما. الهجمة الإعلامية التي فقدت فيها الموضوعية والطرح العقلاني، وتحولت إلى هجوم عنيف مليء بالسباب والشتائم والإهانة والشخصنة، وزاد الأمر إلى ”اختلاق” مجموعة كبيرة من الأكاذيب تصف المشهد اليمني على ألسنة من يطلق عليهم ”شهود عيان” لا يعرف من أين يتحدثون وبأي صفة، وما إذا كانوا يتحدثون من اليمن أصلاً! وطبعًا يُنقل على ألسنة كمٌّ غير عادي من الأكاذيب والروايات المختلقة التي لا هم لها سوى إبراز النسخة الأسطورية من رؤية إيران وحزب الله لما يحدث في اليمن تحديدًا، والمنطقة عمومًا. تخرج من نفس هذه المصادر ”أخبار” خبيثة لا غرض منها سوى إحداث شرخ واضح بين بعض دول التحالف والتشكيك في نواياهم.. طبعًا يتم تداول هذه الأخبار، وهي لا أساس لها من الصحة أصلاً، في عصر التواصل الاجتماعي الذي لا يرحم أبدًا، وبعد أن قامت نفس هذه المجاميع المحسوبة على إيران بنشر سلسلة من الأكاذيب الشريرة بترويج فتاوى دينية مقززة ومنفرة على ألسنة علماء من دول التحالف وترجمتها باللغة الإنجليزية للتشويش على المشهد الحاصل باليمن. كل ذلك يؤكد حجم الضرر الذي أصاب إيران وأذنابها في المنطقة، وحجم وهول الصدمة التي حصلت لها من ”مفاجأة” الحراك السعودي الحاسم وكبر التأييد العريض لها والمتزايد في آن. الجبهة الإعلامية ستزداد لهيبًا وحدَّة لأنها الجهة ”الوحيدة” التي تستطيع المجاميع المحسوبة على إيران أن تحقق فيها أي نتائج ”ملموسة” و”مضرة”، فحزب الله، وهو أحد المحسوبين على إيران، تعود هذا الأسلوب لفترة غير قصيرة من الزمن كان فيها يروج لنفسه أنه الفريق الممانع والمقاوم، بينما في واقع الأمر لم يكن سوى أداة تنفيذية وفعلية لمشروع استعماري وطائفي بامتياز، تبين وظهر وانفضح مع مرور الوقت والأيام. الحرب النفسية هي كلمة مهذبة وملطفة لحرب الأكاذيب، ولقد استخدمت من قبل الكثيرين من قبل، منهم من مارسها باحتراف ومهنية (إذا جاز توصيف ذلك بهذا الأسلوب)، ومنها ما تم استخدامه بأسلوب سطحي وهزلي وسخيف، ولعل المثال الأشهر عالميًّا هو ما كان يقوم به وزير الإعلام لألمانيا النازية إبان حقبة أدولف هتلر، فلقد كان جوزيف غوبلز يؤمن بمبدأ ويطبقه ولا يحيد عنه أبدًا، وهو ”كرر الكذبة واستمر في تكرارها حتى تصبح حقيقة بالمطلق”، وتبنى هذا المبدأ عربيًّا أكثر من شخصية عبر الأزمنة حتى تحولت مضربًا للأمثال في الزهد في الحقيقة، فالكل لا يزال يتذكر ويستشهد ”بإبداعات” هيكل وأحمد سعيد ومحمد سعيد الصحاف، وحاليًّا الكل يتابع النماذج الهائلة التي قدمها نظام بشار الأسد في سوريا ومن يدعمونه من أشكال بشار الجعفري وطالب إبراهيم وشريف شحادة ووليد المعلم، وطبعًا كبيرهم الذي علمهم السحر نفسه زعيم ميليشيا حزب الله الإرهابي حسن نصر الله، الذي تفوق عليهم مجتمعين، وتحولت معهم قنوات فضائية وصحف ومواقع إلكترونية إخبارية إلى أدوات فعالة لترويج كل هذا الدجل والهراء الخطير. حسن نصر الله ومرتزقته انتقلوا من جبهة القتال إلى جبهة الدجل والكذب؛ ليكونوا في الخانة التي اختاروها، ويبدو أنها الخانة التي تليق بهم أكثر. حسين شبكشي