سقوط مدنيين في اليمن خذل المسار الإيجابي ل"عاصفة الحزم" يرى المحلل السياسي المصري رحاب الدين الهواري، أن المسار "الإيجابي الذي انطلقت فيه عاصفة الحزم" انحرف بعد سقوط مدنيين عزل في المنطقة، مستبعدا أن تنسحب أي دولة من التحالف، كما أشار في هذا السياق إلى أن الزحف الإيراني في المنطقة يطمح للوصول حتى أقصى الغرب الجزائري "وهران". كيف يمكن وصف تحالف "عاصفة الحزم" في ظل الآراء المتضاربة حوله؟ كان اعتقاد الكثيرين في البداية أن عاصفة الحزم سوف تعيد الأمور إلى نصابها ومسارها الصحيح في اليمن وإخراج البلاد من الأزمة التي تسبب بها الحوثيون وحلفاؤهم الذين يتحملون كامل المسؤولية عن كافة النتائج المترتبة على هذه العملية. وظنوا أيضا أن هذا الاتفاق سيؤدي إلى عودة المسار السياسي والحوار الجاد والمسئول لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني التي أجمعت عليها كل القوى السياسية بعد حوار عميق شارك فيه الجميع وتوافقوا على نتائجه، ولكن الآن وبعد قصف المدنيين وموت الأطفال اليمنيين أصبح الأمر مختلفا فما كنا نخشاه بدأ يلوح في الأفق حيث وجه كتاب ومبدعو اليمن رسالة إلى العالم العربي كله مفادها "أين كنتم إزاء ما يحدث فى فلسطين؟، وهل كان اتحادكم لأول مرة يستحق أن يكون في وجه دولة عربية. ماذا تتوقعون للمرحلة المقبلة التي ستخوضها دول التحالف؟ بعد أن تحقق الأمل في المبادرة إلى الفعل الإيجابي الحازم والحاسم لوقف تمدد النفوذ الإيراني وتغلغله في خواصر دول الخليج، فإن المنتظر هو أن يواكب هذه العاصفة، التي ما زالت في مرحلة الضرب من الجو، عمل جاد وسريع على الأرض، تمهيداً للمراحل القادمة من أجل تحقيق أهداف العاصفة، وهذا في نظري يحتاج إلى عمل سياسي دؤوب مع القوى الفاعلة على الأرض اليمنية. فقد أثبتت التجارب أن الحروب الجوية وحدها لا تكفي لتحقيق الأهداف التي شُنت من أجلها الحرب، والاقتصار على سلاح الجو دون تواجد على الأرض يجعل الحرب كلفة باهظة دون عائد أو هدف منجز، وهو ما يحولها -والحال كذلك- إلى ضرب من العبث واللعب بالنار، وبالتالي لا بد من تواجد على الأرض، والتواجد على الأرض يحتاج إلى عمل دؤوب مع القوى المحلية المتواجدة على الأرض وذلك من أجل تقليص الكلفة البشرية والمادية للحرب، وتقصير مدتها، خاصة إذا علمنا أن الحوثيون أدرى بشعاب اليمن من غيرهم وربما يصعب تحقيق الهدف من العاصفة إذا جرت الحرب على الأرض. هل يمكن الحديث عن انسحاب دول من التحالف في حال عدم إثمار نتائج ملموسة من "أرض المعركة" باليمن ضد المد الشيعي بالمنطقة؟ اتفق تماما مع ما قاله السفير السعودي لدى أمريكا عادل الجبير، من أن عمليات التحالف في اليمن مصممة على عودة الاستقرار والشرعية في اليمن، لافتا إلى أن حركة "الحوثي" بدعم من إيران وحزب الله دفعت بالأمور فى اليمن إلى هذه النقطة. وهذا بالطبع ينفى أي نية عربية للتراجع عما أقدموا عليه.. وإن كان ثمة انسحاب فقد يكون أوروبيا أو أمريكيا، واستشهد في ذلك بما قاله مسئول عسكري أمريكي أن الولاياتالمتحدة مستعدة للقيام بعمليات تزويد بالوقود في الجو للطائرات الحربية المشاركة في عملية "عاصفة الحزم"، لكنها لن تمدها بمعلومات استخباري لتحديد الأهداف.. وهذا يعد أول انسحاب ملموس لأمريكا وكأنها تقدم قدما وتؤخر أخرى لتظل محافظة على شعرة معاوية وعلى مصالحها قبل كل شيء. ما رأيك في الموقف الجزائري الرافض تماما لأي مشاركة عسكرية بجيشه خارج حدوده الجغرافية؟ بحسب ما قاله وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، فإن الجزائر عارضت رسميا عاصفة الحزم، معتبرا أن بلاده تعتبر الحوثيين طرفا أساسيا في المعادلة السياسية اليمنية، وداعيا للتركيز على إجراء الحوار السياسي. وهي دعوة قوبلت بترحيب من طرف الطبقة السياسية الموالية للسلطة وحتى من أحزاب محسوبة على المعارضة. ويبدو أن الجزائر ترى أن التدخل الأجنبي في اليمن سيفتح أبواب النار على كل المنطقة، لأنه لا يمكن التدخل لتغليب طرف على آخر، إذ لكل طيف سياسي حلفاء يدعمونه، ولكني أرى، على سبيل المثال أن تصريحات لعمامرة بأن الحوثيين طرف أساسي في المعادلة السياسية، تناقض مع قيم الدولة الجزائرية التي تدعم الشرعية في كل بلد؛ فالحوثيون مجرد مليشيات مسلحة سيطرت بالقوة على العاصمة اليمنية، وتريد الاستحواذ على كل البلاد ولن يوقفها سوى التدخل العسكري. إيران لديها مشروع توسعي يمتد من طهران إلى وهران، وكان على الجزائر أن تتحرك ضده في حرب استباقية "لكن ذلك لم يحدث بل تتحدث عن الحوار السياسي مع مليشيات تتحرك ضمن مشروع يريد أن يلتهم المنطقة بكاملها. ماهو في رأيك الدور الذي يجب أن تلعبه الجزائر في المرحلة المقبلة حسب رأيك؟ على الجزائر أن تحدد دورها جيدًا فإذا كانت ترى أن دعم هذا التحرك العسكري يساهم في إعادة الشرعية في اليمن، ويحافظ على استقراره ووحدته، وإبعاده عن آثار الثورات المضادة فلا بد من المشاركة طالما أن القوى الإقليمية تتصارع في المنطقة عبر الحرب بالوكالة للتحكم في مخرجات الربيع العربي، وما يحدث في اليمن جزء من هذا التدافع.