يبدو أن الحكومة قد أعلنت الحرب على كل نشاط مواز في الجزائر، فبعد تطهير سوق السكوار، أشهر معاقل تصريف العملة الصعبة في الجزائر، تعتزم السلطات العمومية التكثيف من عملية إزالة الأسواق الفوضوية، خاصة أن هذه الأخيرة تفوق قيمة الأموال المتداولة على مستواها 10 آلاف مليار سنتيم، حسب تقديرات خبراء الاقتصاد. يعد إعلان الحكومة انتهاج سياسة تقشفية لترشيد النفقات ولوضع حد للأموال المتداولة خارج الأطر القانونية والتي تفلت من يد ورقابة الحكومة، ستكثف هذه الأخيرة من عملية تطهير الأسواق الفوضوية المنتشرة عبر ولايات الوطن، وقد باشرتها بإزالة الأسواق غير الشرعية بشرق العاصمة على غرار سوق برج البحري. فبعد أن قامت الحكومة بتقويض بارونات الاستيراد وتقنينهم من خلال ترشيد الواردات وفرض رقابة صارمة على الحاويات، تعد السوق السوداء التحدي المقبل للحكومة، إذ أن هذه الأخيرة تسوّق جزءا كبيرا من المواد المستوردة والتي تفلت من رقابة الحكومة. فقد دعا الوزير الأول، عبد المالك سلال، مؤخرا إلى استرجاع السيولة المالية المتداولة خارج البنوك والتي قدرها ب 3700 مليار دينار، معبرا عن أسفه كون هذا المبلغ الكبير من السيولة المتداولة خارج البنوك غير مستغلة في الاقتصاد الرسمي ولا يستفيد منها الاقتصاد الوطني، في الوقت الذي يوجد هذا الاقتصاد في منعرج يستدعي التفكير في كيفية إنقاذه بالتوجه نحو الاستثمار المنتج بعد تراجع أسعار النفط. من جهة أخرى، تمكنت مصالح وزارة التجارة من القضاء على أزيد من 65 بالمائة من الأسواق الموازية عبر الوطن، إلى غاية أواخر مارس الفارط، وهذا منذ إطلاق عملية التطهير في أوت 2012. وحسبما أفادت به حصيلة لوزارة التجارة حول عملية تطهير الأسواق الموازية عبر الوطن، تسلمت ”الفجر” نسخة منها، فمن إجمالي 1368 سوق مواز التي تم اإصاؤها عبر التراب الوطني، تم إلى غاية 25 مارس المنصرم القضاء على 890 سوق موازية، أي ما نسبته 65.05 بالمائة من هذه الفضاءات. وينشط بهذه الأسواق ما مجموعه 43099 متدخل، حسب ذات المصدر الذي ذكر أنه تمت إعادة إدماج 18942 (44 ٪) منهم في أسواق جوارية شرعية للنشاط بصفة رسمية. ويذكر أن وزارتي الداخلية والجماعات المحلية والتجارة قد شرعتا ابتداء من أوت 2012 في عملية واسعة للقضاء على هذه الأسواق التي تتسبب في خسائر مالية معتبرة للدولة بسبب التهرب الجبائي الناجم عنها. وللحد من هذه الظاهرة التي ما فتئت تتفاقم، أطلقت وزارة التجارة برامج لإنجاز ثمانية أسواق للجملة للخضر والفواكه وكذا 291 سوق مغطاة و768 سوق جوارية وهياكل تجارية أخرى. من جهة أخرى، كان المدير العام لضبط وتنظيم النشاطات الإاتصادية بوزارة التجارة، عبد العزيز آيت عبد الرحمن، قد كشف أن العجز الموجود في الأسواق والمقدر بألف و500 سوق هو الذي أدى إلى انتشار ظاهرة الأسواق الفوضوية والموازية. وقال المتحدث أنه منذ الاستقلال وإلى غاية 2012 بلغ عدد الأسواق 2500 وهو عدد غير كاف ولا يغطي احتياجات المواطنين التي تتزايد يوما بعد يوم. وأكد آيت عبد الرحمن أن العجز المسجل هو الذي اضطر الدولة إلى إنجاز 766 سوق جواري موزع عبر كامل التراب الوطني، وتكفلت وزارة الداخلية بالمهمة، حيث تم إنجاز 70 بالمائة من هذه الأسواق. من جهة ثانية، اعترف ممثل وزارة التجارة بإنجاز بعض الأسواق خارج النسيج العمراني، وقال أنه في بعض الولايات رفض المستفيدون الالتحاق بها، وهنا أكد أن مهمة اختيار المكان الملائم تقع على عاتق السلطات المحلية، ولتفادي هذا النوع من سوء التقدير راسلت وزارة التجارة البلديات لتراعي مستقبلا مسألة المكان الملائم لإنجاز مثل تلك الأسواق. كما تطرق إلى مشروع إنجاز الأسواق المغطاة ووصفه بالضروري، خاصة في الأماكن ذات الكثافة السكانية العالية، حيث تقرر إنجاز 291 سوق وتسلمت الولايات المعنية الأغلفة المالية اللازمة.