أكد الخبير الاقتصادي علي كحلان، أن الجزائر بدأت بشكل واضح عملية انتقالها الرقمي، من خلال اعتماد استراتيجيات وطنية وإنشاء مؤسّسات متخصّصة وإطلاق مشاريع هيكلية في مجالات رئيسية مثل الخدمات العامة والاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي والبنية الأساسية والأمن السيبراني وكذا الشمول الرقمي، مشيرا إلى أن نتائج هذه السياسة بدأت تظهر بصفة ملموسة. قال كحلان في دراسة أجراها حول "وضعية الرقمنة بالجزائر في 2025"، ضمن نشاط مؤسّسة العمل والتفكير "كير"، أن الرقمنة لم تعد مجرد قطاع مكمّل لباقي القطاعات، حيث تمّ وضع المعالم السياسية للتحوّل الرقمي، وتحوز الجزائر اليوم على رؤية استراتيجية وهيكل مركزي ومشاريع ملموسة قيد التنفيذ. وأبرز أنه منذ عام 2020، شرعت الجزائر في تسريع التحوّل الرقمي بشكل حازم، بفضل إرادة سياسية راسخة وإصلاحات بنيوية، وضعت الأسس لهذا التحوّل، تزامنا مع تزايد استخدام أدوات الاتصال مما ساهم في خلق احتياجات جديدة. ومن الناحية السياسية، أشار كحلان إلى توفر إرادة قوية، حيث أصبح ينظر إلى التحوّل الرقمي باعتباره قضية شاملة، إذ يهدف التوجّه الاستراتيجي للبلاد ليس فقط إلى تحسين الخدمات العامة بل وكذلك زيادة الشفافية الإدارية وتعزيز السيادة الرقمية للبلاد، ولتحقيق ذلك ذكر باعتماد عديد المبادرات الهيكلية لدعم هذه الديناميكية، منها وضع الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي والاستراتيجية الوطنية للتحوّل الرقمي التي تتولى المحافظة السامية للرقمنة تنفيذها. ولفت الخبير إلى أن المحافظة قامت بمجهودات هامة لرفع مساهمة التكنولوجيا الرقمية في النتاج الداخلي الخام التي تقدر حاليا بحوالي 2.5%، من بينها التنسيق في أكثر من 500 مشروع، 75% منها مرتبطة بتحديث الخدمات العمومية، في انتظار تجسيد برنامجها الوطني وتحديث بوابتها الرقمية وموقعها الإلكتروني. ويظهر التقدّم المحرز بالخصوص، حسب قراءة كحلان، في نظام التسجيل الجامعي لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، الذي يجمع بين التوجيه بعد البكالوريا والدفع عبر الأنترنت وإدارة ملفات الطلاب، ويعمل الآن بسلاسة لمئات الآلاف من المستخدمين، وكذا إعادة تنظيم واستقرار بوابة وكالة "عدل" الإلكترونية، بعد فترة من عدم الاستقرار الفني مما سمح بإدارة أكثر سلاسة للمواطنين. كما شهدت خدمة "بريدي موب" لبريد الجزائر، إقبالا قويا، حيث تمّ تسجيل أكثر من 20 مليون معاملة في عام 2024، مما يعكس التقدّم الملموس في الشمول المالي، فضلا عن ذلك يعد الاستخدام الواسع النطاق للوثائق البيومترية دليلا ملموسا على النجاح. وتعكس المؤشرات الدولية هذه الديناميكية، حسب كحلان، الذي ذكر بتقدّم الجزائر بثماني مراتب في مؤشر الأممالمتحدة لتنمية الحكومة الإلكترونية، متجاوزة المعدل الإفريقي. كما تعد الصيرفة الإلكترونية أحد المجالات الأكثر وضوحا وقابلية للقياس للتحوّل الرقمي في الجزائر، وفقا للخبير، الذي سجل اعتمادا هائلا على وسائل الدفع الإلكترونية في السنوات الأخيرة، ظهر في ارتفاع عدد بطاقات الدفع التي وصلت الى 15.6 مليون بطاقة ذهبية و 4.27مليون بطاقة بنكية متداولة في بداية عام 2025، فضلا عن تضاعف المعاملات الإلكترونية بخمس مرات خلال أربع سنوات (2020-2024). ولتعزيز الإنجازات وبناء السيادة التكنولوجية، رافع الخبير لصالح عدة تدابير، من أهمها تشجيع الإنتاج المحلي للمكوّنات والمعدات الرقمية، وإنشاء نسيج صناعي مناسب وتعزيز الشراكات بين مراكز الأبحاث والجامعات والشركات الناشئة، بهدف تعزيز نقل التكنولوجيات والأفكار.