تناول مركز ”كارينغي للشرق الأوسط” التجربة الجزائرية مع الغاز الصخري في تقرير مفصل، مشيرا إلى أهم المشاكل التي تعيق استغلال هذه الثروات الباطنية، أهمها الموقع النائي للمساحة التي تحتوي على النفط والغاز الصخري في البلاد، وغياب البنية التحتية، ومحدودية المياه، والحاجة إلى مزيدٍ من الحفّارات لأن آبار النفط والغاز الصخريين تنضب بشكلٍ أسرع من آبار النفط والغاز التقليدية. وتناول تقرير المركز الذي أعدته الباحثة في اقتصاد الطاقة والمتخصصة في شؤون السوق النفطية الدولية، كارول نخلة، تضمن شرحا كاملا لتجربة الجزائر التي تحتل مركز الصدارة في العالم العربي في مجال التنقيب عن الغاز الصخري، أشارت فيه إلى الصعوبات التي واجهت الجزائر بمختلف أشكالها، اقتصادياً وبيئيا وسياسيا، عارضة التأثير الاقتصادي للمشروع على الجزائر. وأوضح التقرير أنه على الرغم من التفاؤل الحذر من جانب بعض المستثمرين الدوليين، من غير المتوقع أن يبدأ إنتاج الغاز والنفط الصخريين في الجزائر في وقت قريب. وثمة أسباب جوهرية لعدم تحقق إنتاج الغاز والنفط الصخريين سوى في الولاياتالمتحدة، على الرغم من أنها لا تمتلك أكبر احتياطي من الغاز والنفط الصخريين، إلا أنها تتوفر على الخبرة والتكنولوجيا، وهي عوامل لا تتوفر عليها دول أخرى كالجزائر، ما يجعل الخبراء يشكّكون في نجاحها. وبالفعل، لا تزال الجزائر تفتقر إلى معظم هذه المتطلبات، ما يجعل النمو السريع في إنتاج الغاز والنفط الصخريين أمرا مستبعدا في المستقبل القريب. العقبات الرئيسة التي يواجهها الاستثمار في قطاع الغاز والنفط الصخريين في الجزائر، وفقاً لنشرة ”دراسة الحالة الاقتصادية في الشرق الأوسط”، تتضمن الموقع النائي للمساحة التي تحتوي على النفط والغاز الصخري في البلاد، وغياب البنية التحتية، ومحدودية المياه، والحاجة إلى مزيدٍ من الحفّارات، لأن آبار النفط والغاز الصخريين تنضب بشكلٍ أسرع من آبار النفط والغاز التقليدية. وتجدر الإشارة إلى أن إنتاج الغاز والنفط الصخري سيتباطأ على الأرجح بفعل العوامل نفسها التي لطالما أعاقت الاستثمار في قطاع النفط والغاز التقليدي في الجزائر. وعن معالجة جذور المشكلة، أوضح التقرير أن الجزائر تحاول تقدير وتوكيد قدراتها في قطاع الغاز والنفط الصخريين، بأمل أن تكون قادرة في الآتي من الأيام على حصد مختلف الفوائد التي يوفرها مصدر إضافي من إمدادات الهيدروكربون المحلي لاقتصاد يعتمد إلى حد كبير على عائدات النفط والغاز. وبيد أن معظم الدراسات الدولية تتفق على القول أن الاستغلال الناجع لموارد النفط والغاز الصخري خارج الولاياتالمتحدة، سيكون محدوداً للغاية. والجزائر لن تكون استثناء.ثم أن العقبات العديدة المُتبقية لاتتعلق فقط بالنفط والغاز الصخريين، بل أيضاً بإثباط الاستثمار في احتياطي النفط والغاز التقليدي المُؤكّد منذ أمد طويل في البلاد. وحتى لو أُزيلت العقبات التقنية وتم إسكات المعارضة، يبقى أن جذر المشاكل في الجزائر يكمن في عدم قدرة الحكومة على إنفاذ إصلاحات عميقة وفعّالة تساعد على جذب الرساميل الدولية. وكما قال صندوق النقد الدولي في العام 2014، ثمة حاجة لتحسين مناخ العمل، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتطوير اندماج الجزائر في الاقتصاد العالمي. فيما عرج التقرير إلى إاشكالية تحدي مناخ الاستثمار، فعلى الرغم من الموارد الكبيرة من الهيدروكريبونات التي تتوفر عليها الجزائر، إلا أنها لم تكن مكاناً سهلاً للاستثمار الدولي في قطاع النفط والغاز التقليدي. ومثل هذه البيئة المُتحدية قلّصت هذه الصناعة إلى حد كبير، وأضعفت آفاق الإنتاج المستقبلي. وجاء الانخفاض في أسعار النفط والغاز ليفاقم هذه التحديات، ما أسفر عن تراجع العائدات والانفاق من جانب شركات الطاقة. لكن، وبغض النظر عن مسألة الأسعار، فإن آفاق الغاز والنفط الصخريين لن تكون مغايرة، مالم تُظهر الحكومة التزاماً جدّيا بتحسين مناخ الأعمال في البلاد. وأكد المركز أن المخاطر التي تواجهها شركات النفط الدولية في الجزائر، تبدو مرتفعة للغاية قياسا بالمكافآت التي قد تحصدها. ولذلك، ليس مفاجئاً أن تكشف المزادات السابقة عن محدودية الاهتمام الدولي بالعطاءات الخاصة بحقوق التنقيب عن النفط والغاز. فقد أسفرت جولات الترخيص في الجزائر عن منح ترخيص قطعتي أرض فقط من أصل القطع العشر التي جرى عرضها. وفي العام 2009، لم يُرخَّص سوى ثلاث من أصل ثماني قطع، وفي 2008 أربع فقط من أصل 16.