أمر رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، أمس، بإجراء تغييرات على رأس بعض الهيئات المالية العمومية والمؤسسات العمومية الاقتصادية، حسبما أشار إليه بيان لرئاسة الجمهورية، وأمر رئيس الدولة الهيئات المخولة بتنفيذ هذه التغييرات ”على الفور”، وفق ما ذكر بيان رئاسة الجمهورية. كشفت مصادر حكومية ل”الفجر” عن سلسلة تنحيات وتحويلات ستتخذ قريبا، بعد تأجيل الإعلان عنها أكثر من مرة، وقالت إن الأمر يتعلق بإطارات على مستويات عدة في قطاعات مختلفة من ولاة ورؤساء دوائر إلى مدراء مؤسسات عمومية كبرى في مختلف المجالات الاقتصادية والإدارية. وتشير المعطيات المتوفرة لدى ”الفجر” إلى أن قرارات تحويلات وتنحيات، منها عقوبات وترقيات، تشمل عددا من الإطارات في مؤسسات هامة، كانت قد تأجلت لاعتبارات عديدة، منها السياسية ومنها اعتبارات أخرى تعتمد على تجنب التسرع في إحداث تغييرات وهي السمة التي غلبت على أصحاب هذه القرارات منذ 1999. المركز الوطني للإحصائيات يطيح بزرقين وانخفاض الدينار وراء سقوط لكصاسي وكان للنتائج التي أعدها المركز الوطني للإحصائيات التابع لمديرية الجمارك، والتي كشفت عن انهيار كبير في مستوى الصادرات الجزائرية، التي تراجعت بأزيد من 40 بالمائة خلال الخمسة أشهر الأولى من العام الجاري، مقابل نفس الفترة من 2014، حيث فقدت الجزائر منذ بداية السنة أكثر من 9 ملايير دولار، ما أدى إلى انخفاض مستوى تغطية الواردات بالصادرات من 118 بالمائة العام الماضي إلى 76 بالمائة فقط هذه السنة، كما سجل التقرير تراجعا في صادرات المحروقات بنسبة 43 بالمائة، ويمكن القول إن هذه الأرقام السلبية هي الحجة الأكثر منطقية لتعيين مدير جديد لسوناطراك وإقالة محافظ بنك الجزائر. تحقيقات الرئاسة وراء قرارات بوتفليقة هذا وسبق لرئاسة الجمهورية ومصالح الأمن أن فتحت تحقيقات حول إطارات سامية في المؤسسات الكبرى على غرار الخطوط الجوية الجزائرية، وسوناطراك جرى الحديث عن ضلوعهم في الكسب غير المشروع، وحيازة أرصدة بالملايير في الخارج، وتحويل أموال خارج القانون، وهي التحقيقات التي توجد تقاريرها لدى الجهات المختصة، وهي النتائج التي ستحدد مصير عدد من هؤلاء فيما يتعلق ببقائهم أو رحيلهم. ل. شريقي الرئيس بوتفليقة يترأس مجلسا للوزراء ترأس رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، أمس، بالجزائر العاصمة، اجتماعا لمجلس الوزراء، يتضمن جدول أعماله عدة نقاط من بينها تحضيرات الدخول المدرسي والدخول الجامعي المقبلين، وكذا الترتيبات التي اتخذتها الحكومة تحسبا لشهر رمضان. ويأتي اجتماع مجلس الوزراء بعد أيام من التعديل الوزاري الذي مس ما يقارب عشر حقائب وزارية. بينما أكدت المعارضة أنها تندرج في إطار مخطط إعلامي لتلهية الرأي العام الطبقة السياسية تنقسم في تفسير خلفيات تغييرات بوتفليقة على المؤسسات العمومية والهيئات المالية تباينت الرؤى السياسية لقرار رئيس الجمهورية القاضي بإحداث تغييرات على رأس الهيئات المالية والمؤسسات العمومية الاقتصادية، فبينما رأى البعض أن هذا القرار تمهيد لقرارات أخرى أعمق في إطار الإصلاح المالي، قال آخرون إنها مجرد تلهية للرأي العام في إطار مخطط إعلامي من منطلق أن الأزمة سياسية محضة. توقع القيادي في جبهة التحرير الوطني، دعدوعة العياشي، في تصريح ل”الفجر”، حدوث تغييرات أخرى ستمس العديد من القطاعات في الأفق، مشيرا إلى أن قرار تغيير المسؤولين على مستوى المؤسسات المالية ما هو إلا جزء بسيط مما قد سيحدث مستقبلا في إطار تطهير العديد من القطاعات على حد قوله، مضيفا أن القرار عادي يدخل في إطار الصلاحيات المخولة للرئيس، حسب ما ينص عليه الدستور. وعكس دعدوعة العياشي، أكد رئيس حزب جيل جديد، جيلالي سفيان، ل”الفجر”، أن قرار رئاسة الجمهورية ليس له أي معطيات سياسية أو اقتصادية للوضع الحالي الذي تعيشه البلاد، مبرزا أن هذا القرار أراد من خلاله القائمون على الشؤون السياسية إثبات وجود الرئيس وأنه قادر على تسيير الشؤون الوطنية. وأشار إلى أن بيان رئاسة الجمهورية مجرد مغالطة إعلامية تدخل في إطار مخطط إعلامي لإلهاء الرأي العام، وأن كل ما يجري على الساحة الوطنية من تحويلات وإنهاء مهام مجرد تمضية للوقت لإطالة عمر النظام، وأردف أن المشكل سياسي محض وليس اقتصادي. من جهته، قدم رئيس حزب الجزائر الجديدة، جمال بن عبد السلام، رؤيته السياسية لما أقدم عليه رئيس الجمهورية، وأبرز أن القرار المتخذ له عدة دلالات في مقدمتها انتشار الفساد في مختلف مؤسسات الدولة ورغبة الدولة في محاربته، وكذا رغبة الرئيس في تغيير الرؤوس التي عمرت في المؤسسات الاقتصاية وتحديثها، خاصة مع الأزمة النفطية التي تعيشها البلاد ودخولها مرحلة التقشف، الأمر الذي يقتضي استقدام كفاءات. وأضاف أن الوضع الحالي للقطاع المالي كان من أهم أسباب التغييرات، وذلك بسبب ما أسماه ب”الطريقة البدائية التي يسير بها” في ظل العولمة والحركية المالية الحاصلة في العالم.