من منا لا يسعى لاغتنام الحسنات في شهر رمضان حتى نكون ممن يشملهم الله برحمته ويعفو عنا ويعتقنا من النيران، ولأن الأيام الحلوة سريعاً ما تنتهى فقد أوشك الشهر الكريم على الانتهاء ، وهانحن نصل للعشر الأواخر منه، وأياما ويتركنا ويغيب عنا ، ولا نعلم أن كنا سندركه العام القادم أم لا. شهر رمضان ضيف عزيز كريم يهل علينا بروح خاشعة زاكية وبرحماته ، إنه شهر القرآن ، شهر الصيام، شهر الإحسان، إنه شهر العتق من النيران. لقد كان النبي صلوات الله عليه يحتفي به حفاوة بالغة، ففي الصحيحين من حديث أبى هريرة- رضي الله عنه- أن النبي قال: ” إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة”- وفى لفظ مسلم:” فتحت أبواب الرحمة” وينادى منا : يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك في كل ليلة حتى ينقضي رمضان”. وفى رواية الترمذي بسند صحيح أنه قال:” إذا كان أول ليلة من رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن”. وفى الصحيحين من حديث أبى هريرة- رضي الله عنه- أنه قال: قال الله تعالى- في الحديث القدسي الجليل-: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزى به والصيام جنة-أي وقاية- فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يسخط، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إنى صائم،.. والذى نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وللصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح بفطره وإذا لقى ربه فرح بصومه”. والآن وقد مضت أيام كثيرة من رمضان ، فإذا كنت من الخاسرين الذين ضيعوا أيامه فيما لا ينفع بشيء، ولا يليق به، فالفرصة مازالت سانحة لك وهناك العديد من الأعمال الصالحة لكي تلتزم بها فيما تبقى من رمضان لتحصل على الأجر بها وتلتمس العفو والعتق من الله سبحانه وتعالى لعلك تعوض ما فاتك وتحظى بعفو الله وغفرانه ، فيجب أن نحرص على قيام العشر الأواخر من رمضان ، ولو أن نضطر إلى تأجيل الأعمال الدنيوية ، حتى نحظى بقيام ليلة القدر تلك الليلة التي لا تعوض . فأقصى ما يتمناه المسلم في شهر رمضان بعد الفوز برحمة الله ومغفرته هو العتق من النيران “فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز” آل عمران 185 ومن أحب الأعمال في هذه الأيام أن ينقطع الإنسان عن شواغله ويقف على أبواب الله تعالى طالبا عفوه وغفرانه والعتق من عذابه. ومن أسرار الاعتكاف صفاء القلب والروح إذ أن مدار الأعمال على القلب كما في الحديث ( إلا و أن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب).