شكل قطاعا البيئة والتهيئة العمرانية بولاية عنابة، أهم نشاطات المجالس البلدية التي تشرف عهدتها على الانتهاء مع حلول شهر مارس من السنة القادمة، لتبقى كبريات المشاريع التنموية حبيسة الأدراج، على غرار مشروع تجديد المدينة القديمة، لتطفو فضائح المسؤولين على السطح إثر التلاعب بملايير الدينارات الخاصة بهذه المشاريع وتحويل وجهتها دون تحرك المسؤولين. في الوقت الذي تفادت ولاية عنابة فضائح الاختلاسات لأموال البلديات على خلفية رفع أجور ”الأميار” والمنتخبين، مع تخصيص رواتب لرؤساء اللجان وتعيين المراقب المالي الموكلة إليه مهام صرف ميزانية البلدية. وفي الوقت الذي تزدهر بلديات وتنتعش تنمويا، تموت بلديات أخرى كليا عن طريق الإبقاء على المشاريع التنموية الطموحة المدرجة فيها جامدة دون أي تغيير يذكر. في هذا السياق نذكر بلديات شطايبي، التريعات وسرايدي، هذه البلديات السياحية التي كانت مدرجة لأن تكون أقطابا سياحية بقيت وضعيتها على حالها، مثل كل انتخابات بلدية لم تستفد إلا من حصص السكن الريفي ولا من تجسيد كبيرات المشاريع السياحية ولا من التهيئة العمومية، ولا حتى من حل بعض المعضلات اليومية على غرار النقل الذي عزل هذه البلديات بشكل نهائي عن باقي بلديات عنابة. ومقابل التهميش الصارخ، تكاد تصبح بلديات أخرى رمزا للانتعاش التنموي على مر السنوات، على غرار بلديتي عنابة وسط والبوني، حيث استهلكت الاولى أكثر من 50 مليار دينار خصصت لإعادة تهيئة الأرصفة فقط عبر وسط المدينة، والتي لاتزال ربع أحيائها بصدد انتظار إنهاء الأشغال التي تتوقف كليا فترة و تستعيد نشاطها تارة أخرى، في الوقت الذي تحسن بشكل واضح الإطار البيئي للمواطنين القاطنين بمدينة عنابة، والذين أصبحوا يتمتعون بالحدائق العمومية التي التهمت ملايير الدينارات في عمليات التهيئة وصيانة المساحات الخضراء بها، لتشكل متنفسا للسكان بشكل يومي بحثا عن الراحة والاستجمام، في الوقت الذي يشكل الوضع البيئي بالنسبة للعديد من باقي بلديات الولاية هاجسا خطيرا لم يتم التحكم فيه، على غرار بلديات سيدي عمار، برحال والتريعات التي كانت شاهدة على انتهاكات خطيرة للبيئة عن طريق تواجد مساحات خضراء ورطبة احتوت مواد سامة خطيرة استدعت تدخل الجهات الأمنية لمباشرة تحقيقات قصد التوصل إلى تحديد الجهة المتورطة في هكذا أعمال. وعدا المشاريع الإسكانية التي التهمت المساحات الفلاحية ولازالت تلتهم، تبقى بلديات برحال، واد العنب، الشرفة والعلمة، مناطق توسع عمراني ينتظر أن تتحول إلى مدن لم يتم بعد تزويدها بالمرافق الضرورية، التي شكلت موضوعا شائكا في الملف التنموي بالنسبة لهذه البلديات التي كانت سابقا في طي النسيان، ليتم استدراجها لفك الخناق عن وسط عنابة بمشاريع تكاد تنتهي وأخرى مكملة لم يتم الشروع فيها بعد. وأمام الانعدام شبه الكلي للتوازن التنموي عبر بلديات عنابة واقتصار دور البلديات في النفايات والتهيئة العمرانية، يبقى الوضع على حاله، وككل انتخابات بلدية تخلف المجالس البلدية الراحلة أكواما من الملفات المؤجلة على غرار إعادة تهيئة المدينة القديمة، تسليم المشاريع المتأخرة، على غرار المركب الرياضي الكرابس، استرجاع قاعات السينما وإعادة صيانتها، بناء الأسواق العمومية لاحتواء التجار الفوضويين، إنشاء المراكز الصحية في الأحياء النائية على غرار حجر الديس والصرول، وغيرها من المشاريع التنموية التي ساهمت أيضا قطاعاتها في جمودها، والاحتفاظ بها في الأدراج منسية إلى إشعار آخر أو إلى انتخابات بلدية جديدة السنة القادمة.