اعترف أمس، وزير الداخلية التونسي، الهادي مجدوب، بخطر عودة مئات المشاركين في بؤر القتال إلى جانب التنظيمات الإرهابية في الخارج، إلى بلادهم، على استقرار تونس ودول الجوار، وقال أنها تعد من أعقد الملفات التي تواجه وزارة الداخلية اليوم، مبرزا أن المشكلة تكمن أساسا في حصر هؤلاء العائدين وتحديد هوياتهم. وقال الوزير التونسي أن وزارة الداخلية لا تمتلك معطيات دقيقة حول العدد الحقيقي للتونسيين المشاركين في بؤر القتال في الخارج، وأن هناك تقارير متضاربة يمكن التحقيق بشكل تام في مدى دقتها، مشيرا إلى أن الوحدات الأمنية تحاول جاهدة التصدي لهؤلاء عن طريق تشديد المراقبة على الشريط الحدودي مع ليبيا. وبين في السياق ذاته، في حوار لجريدة ”آخر خبر” التونسية، أن هناك توجهان للتعامل مع العائدين من بؤر القتال في الخارج، من خلال خلق مراكز لإعادة تأهيلهم، وهو توجه لا يمكن أن يحقق نتائج إلا بعد أكثر من خمس سنوات كحد أدنى، ونتائجه غير مضمونة، مبرزا أن تونس تفتقد اليوم إلى منظومة علمية منظمة لإعادة تأهيل من تبنى الأفكار الإرهابية، وهو ما يتطلب اعتمادات مالية هامة. وأشار المجدوب، إلى أن التوجه الثاني هو وضع جميع العائدين من بؤر القتال تحت المراقبة الأمنية المستمرة، والتحري الدائم عن طريق التوقيفات المتواصلة والمداهمات التي كشفت تورط هؤلاء في جرائم إرهابية أو التحضير لها، وهو ما يتطلب عملا استخباراتيا دقيقا، مضيفا أن كل العائدين من بؤر القتال تعلم بهم وزارة الداخلية. وأبرز المصدر أنه تم تفكيك العديد من شبكات تسفير الشباب إلى الخارج، مشيرا إلى أن عددها قد قل بشكل كبير، وأن أغلبها يتكون من مهربين يتقنون مهمة تهريب الأشخاص عبر الحدود، ويقبضون مقابل ذلك مبالغ مالية طائلة قد تصل إلى 3000 دينار عن الشخص الواحد، وهو ما يجعل الإرهاب على علاقة بالتهريب، مؤكدا أن المعالجة الأمنية للإرهاب لوحدها تبقى قاصرة، وأن تجفيف منابع الإرهاب يتم عبر مقاربة شاملة تكون عبر المعالجة الاجتماعية والتعليمية والتنموية، مع صياغة خطاب مضاد لخطاب المتشددين، لأن الشريحة المعنية اكثر بالإرهاب هي شريحة الشباب، مشددا على أنه يجب إعادة النظر في البرامج التعليمية والثقافية ومراجعة منظومة التشغيل والتنمية.