تحولت الرقية الشرعية في الآونة الأخيرة من علاج شرعي للقضاء على بعض الأمراض إلى مصيدة في يد المحتالين وضعفاء النفوس, فمنهم من جعلها وسيلة لتحقيق رغباته الجنسية المكبوتة والنيل من شرف السيدات, ومنهم من جعلها حرفة تجارية محضة يجني وراءها الملايين لا يحصلها حتى الإطارات. عرفت هذه الظاهرة انتشارا واسعا غير مسبوق لبطالين امتهنوا هذه الحرفة دون أدنى شروط ولا ضوابط, وباتوا يأسسون محلات ومواقع يديرونها ويستقطبون إليها حتى الفئات المثقفة, لتصبح دون أي مبالغة مهنة من لا مهنة له. وهذه عينة من الحالات التي عالجتها محاكمنا. ”الشيخ يوسف” يفتح محلا ويتاجر بصور فتيات عاريات في هذا الصدد نشير إلى قضية كهل تمكن من حبك سيناريو فيلم إرضاء لرغاباته ونزواته الشيطانية, حيث انتهك الأعراض واطلع على العورات تحت غطاء الرقية الشرعية, من خلال احتجاز فتاتين قصدتاه بحثا عن العلاج بالقرآن الكريم, ليقوم بتصويرهما مجردتين من ملابسهما بغرض ابتزازهما, حيث توبع رفقة زوجته بجناية الحجز دون أمر من السلطات, هتك عرض وتزوير أوراق نقدية وجنحتي النصب والاحتيال وحيازة أشرطة إباحية, في حين تمت متابعة زوجته بجنحة المشاركة في النصب. فيلم رعب من إخراج ”الشيخ يوسف”, تعود حيثياته إثر تقييد فتاتين في العقد الثاني من عمريهما شكوى, حيث تقدمتا إلى مصالح الأمن للتبليغ عن تعرضهما للاحتجاز والاغتصاب على يد راق مزيف يدعى (الشيخ يوسف) بمنطقة برج الكيفان, وقد تعرفتا عليه عن طريق موقع أنترنت يحمل اسم (الشيخ يوسف للرقية). وبعد التحريات تم تحديد هوية هذا الأخير, ويتعلق الأمر بالمتهم (ع. وحيد سليم) الذي يبلغ من العمر 44 سنة, متزوج وأب لطفلين. وإثر عملية توقيف المتهم المشتبه فيه تمكنت مصالح الأمن من حجز آلة طباعة تستعمل في تزوير النقود وتم العثور على صور مخلة لضحاياه, حيث تبين من خلال التحقيق أن المتهم قام بإطالة لحيته وارتداء قميص شرعي وشراء خلطات تستعمل في الدجل والشعوذة, بعدما حول مسكنه القصديري الكائن بمنطقة برج الكيفان في العاصمة إلى وكر لممارسة الرذيلة لتمويه الزبائن أثناء استقبالهم. وخلال سماع المتهم اعترف بالجرم المنسوب إليه, حيث صرح أنه كان يمر بضائقة مالية وكان يستوجب عليه إيجاد مصدرا يدر عليه الأموال وتمكن من خلال مستواه الجامعي بكلية الحقوق, من فتح موقع أنترنيت وانتحال صفة راق للنصب على ضحاياه, حيث أطلق لحيته ولبس القميص حتى يعطيه الاحترام والوقار والهيبة, وكانت أول ضحية وقعت في الفخ فتاة تبلغ من العمر 20 سنة, تقدمت إليه مطلع العام الفارط بسبب معاناتها من اضطرابات نفسية لطلب الرقية, وأثناء تلاوته أشياء غير مفهومة قدم لها سائلا أفقدها وعيها, وهي الفرصة السانحة التي استغلها المتهم لتجريدها من ملابسها واِلتقاط صورلها دون علمها, فيما طلب منها العودة وإحضار حاسوبها لتحميل أدعية وسور قرآنية تعجل بشفائها. وعند عودتها مرة ثانية قام باحتجازها تحت طائلة التهديد بسيف لمدة ثلاثة أيام. أما الضحية الثانية فلم تختلف روايتها عن الأولى, إلا أن المتهم احتجزها لمدة شهر كامل تحت طائلة التهديد والاعتداءات الجنسية, بعد تقييدهما بسلاسل حديدية سببت لهما مشاكل نفسية واجتماعية خطيرة, قبل أن تتقدما بشكوى أمام مصالح الأمن التي ألقت القبض عليه في مسكنه الذي تبين بعد تفتيشه أنه يحترف تزوير الأوراق النقدية باستعمال آلة طباعة, وتم العثور على صور مخلة لضحيتين. كما رجحت مصالح الأمن أن يكون للمتهم عدد من الضحايا رفضن التبليغ عنه خوفا من الفضيحة. وخلال امتثال المتهم في جلسة سرية أمام محكمة الجنايات بمجلس قضاء العاصمة, اعترف منذ الوهلة الأولى بما نسب إليه بعد أن بينت الخبرة أنه في كامل قواه العقلية. في حين أنكرت زوجته مشاركتها في عملية النصب وأكدت أنها كانت تخاف منه لذلك لم تتجرأ على اخطار مصالح الأمن, وأنها رفعت عدة قضايا طلاق غير أنها كانت تتنازل عنها بسبب تهديداته لها. وعليه اِلتمس ممثل الحق تسليط عقوبة 15 سنة سجنا عليهما. وبعد الاستماع لجميع الأطراف والتماس دفاع المتهم أقصى ظروف التخفيف للمتهم على أساس أنه غير مسبوق قضائيا واعترافه الصريح بالجرم المنسوب. وبعد المداولة القانونية تمت إدانة المتهم ب 12 سنة سجنا, في حين استفادت زوجته من حكم البراءة. لتكون نهاية الراقي المزيف ”الشيخ يوسف” وراء القضبان. تاجر يتحول إلى راق ويدخل سيدة في حالة غيبوبة ل 4 سنوات بمصل علاجي حالة أخرى عالجتها نفس المحكمة, مؤخرا, لتاجر امتهن الرقية في غضون سنتين فقط وتسبب رفقة ممرض بمستشفى القطار بباب الوادي, في إتلاف أنسجة مخ سيدة في العقد الخامس من العمر وتعريضها لشلل دخلت على إثره في حالة غيبوبة مدة 4 سنوات كاملة عن طريق مصل يحوي داوء ”كلاموكزيلير”, ليتبين بعد تفجير القضية أن الراقي المشهور مجرد تاجر لا يحوز شهادة تخوله ممارسة الرقية وأنه مجرد رجل أعمال يملك سبعة محلات تجارية يتنوع نشاطها بين الخياطة, والترصيص وبيع الأعشاب والزيوت الطبيعية. وقائع القضية الحالية تعود لبلاغ تلقته مصالح الشرطة من مستشفى مايو حول حالة سيدة تقبع بغرفة الإنعاش لمدة فاقت عامين بسبب دواء تناولته من عند أحد الرقاة, أين توجهت مصالح الشرطة في إطار التحقيقات التي حركت في القضية للمستشفى, وعاينت الضحية التي كانت في حالة غيبوبة تامة ومواصلة للتحريات. وبسماع شقيقة الضحية أكدت هذه الأخيرة أن الضحية توجهت عند الراق المدعو ”عبد الكريم” الكائن محله بشارع رشيد كواش باب الوادي, بعد تعرضها لحالة تعب وإرهاق شديد لم يتمكن الأطباء من تفسير حالته بعد عودتها من أداء مناسك العمرة, حيث قدم لها قارورتين من الحبة السوداء ممزوجة مع بعض الزيوت, وطلب منها التوجه لعند الممرض لحقنها بمادة ”CLAMOZILIRE”, وهي المواد التي أكدت شقيقتها أنها تسببت لها في الإغماء بعد تعرضها لوجع شديد وعسر في التنفس, حيث توقف قلبها عن النبض. وبعد 10 دقائق تم نقلها للمستشفى بعدما لم تتمكن من الاستيقاظ لغاية يومنا هذا. ليتم بذلك توقيف الراقي وشريكه وتحويلهما على الإستجواب, أين أكد الراقي أنه يمارس مهنة الرقية الشرعية منذ 21 سنة, ونفى بأن يكون قد سلم لها مواد سامة, مؤكدا أن هذه الأعشاب التي سلمها لها أعشاب طبيعية ومسموح بها. من جهته الممرض أكد أنه يتعامل مع الراق منذ زمن بعد أن تعرف عليه ويساعده في بعض الحالات التي تستلزم بعض الأدوية الطبية, في وقت أكد تقرير الخبرة أن المصل والزيوت هي سبب الحالة التي تعرضت لها الضحية. واعترف الراقي خلال جلسة المحاكمة بمسؤوليته على ما تعرضت له الضحية بعدما أكد بأنه يعرفها, حيث كانت تتردد على منزله رفقة شقيقتها منذ قرابة 04 سنوات بحثا عن العلاج من الاكتئاب والارهاق. وبيوم الوقائع تقدمت عنده بعد عودتها من أداء مناسك الحج فرفض رقيتها لعلامات الإرهاق البادية عليها, ولشدة إصرارها إضطر لمنحها لها قارورتين من زيت الحبة السوداء قامت بتناولها ثم توجهت الى الغرفة المخصصة لرقية النساء, وهناك قام الممرض كما جرت العادة بحقنها بمصل, غير أنها بدأت تصرخ ووقعت أرضا مغشى عليها, فسارع الممرض بحقنها بمضاد حيوي ”سونيمدول” لمساعدتها على التنفس واستعادة وعيها, قبل أن يتم نقلها من طرف شقيقها إلى المستشفى. من جهته الممرض ”ب. مصطفى” صرح أنه يعرف الراقي منذ حوالي 5 سنوات, عندما توجه رفقة زوجته إليه للرقية الشرعية بسبب معاناة زوجته من العقم, وفعلا تم علاجها, وعندئذ اتصل به الراقي وعرض عليه فكرة مساعدته لغرض حقن المرضى بالسيروم مقابل مبالغ مالية ويقوم بالإتصال به في حالة وجود مريض, وهو ما حصل يوم الوقائع, حيث طلب منه الراقي الحضور وفي طريقه إليه القيام بشراء قارورتين من المصل المالح, وأنبوبين خاصين به. ليلتمس لهم النائب العام عقوبة 12 سنة و100 الف دينار, مع منعهما من ممارسة نشاطهما, ونشر قرار الإدانة.