ينطلق المخرج مولاي ملياني محمد مراد في مسرحية ”الغلطة” من فكرة بسيطة ولكن بعمق كبير لكونها تعالج ظاهرة يمر بها العديد من الجزائريين تتمثل في خروج الزوجة للعمل، وهو الأمر الذي يعترض عليه الرجال بحكم الإهمال الذي يتعرض له البيت. يختصر لك عنوان المسرحية الكثير، فمجرد معرفة أن العرض بعنوان ”الغلطة” كفيل بمعرفة أن الأمر يتعلق بخطآ ارتكبه شخص ما يدفع عنه الثمن، وفي هذه المسرحية الغلطة هي ترك الرجل لزوجته تشتغل والسماح لها بالخروج من المنزل يوميا، ما يترتب عنه العديد من المشاكل الزوجية تبدأ بالإهمال ويكون خلاصها الانفصال. بسينوغرافيا بسيطة وذكية لميلود بن حدو، ترجم المخرج مولا ملياني محمد مراد ركحيا نص سعيد فصحي ورافق العرض موسيقيا محمد زامي، ووقع الكوريغرافيا عيسى شواط، في حين جسد العرض توليفة من الممثلين انقسموا بين الجيل القديم جيل علولة في صورة فضيلة حشماوي، وجيل جديد ترك بصمة واضحة في العرض وهم بلحسين أمينة، أمين رارة، زاوش حورية، باي ناصر، ميراتية مصطفى، تيلماتين ليلى وجمال دريدر. ما هي ضريبة اشتغال المرأة وترك واجباتها المنزلية؟ هي الإشكالية التي طرحها المخرج مولاي ملياني محمد مراد في مسرحية ”الغلطة” التي عرضت في إطار المنافسة الرسمية للمهرجان الوطني للمسرح المحترف، فمن قصة بسيطة وعميقة في نفس الوقت، يحمل العرض مجموعة من الدلالات ترتكز على واقعنا المعاش ومشكل تتقاسمه العديد من العائلات، ينقلها لنا المخرج عبر قصة ”عمار” ،هو أستاذ في الثانوية ترهقه تكاليف الحياة وعدم قدرته على مواكبة غلاء المعيشة، ما يجعل زوجته تطالبه بضرورة خروجها للعمل بما أنها تملك الكفاءة العلمية التي تؤهلها لذلك. تتواتر أحداث المسرحية وتصل إلى ذروتها حين تقرر ”خديجة” بعد تصاعد المشاكل مع زوجها، توظيف خادمة في البيت، هذه الأخيرة تبحث عن طريقة للإيقاع ب”عمار”، وفي الجهة المقابلة يجد ”ميلود” شريكة حياته بعد فشل زواجه الأول. وظف المخرج تقريبا كل عناصر العرض المسرحي من سينوغرافيا كانت موفقة لأبعد الحدود وموسيقى محمد زامي من أجل تغيير الإيقاع، بالإضافة إلى الكوريغرافيا لرفع الريتم والتنقل من لوحة لأخرى. ويعتقد المخرج مولاي ملياني محمد مراد أن الجمهور بحاجة إلى الكوميديا الاجتماعية التي تعنى بحياته مباشرة، مضيفا أنه يحب الانطلاق من فكرة بسيطة ومفهومة عند الجمهور البسيط. ويقول مولاي ملياني أنه من دعاة هذا النوع المسرحي، وشخصيا يهمني الترفيه عن الجمهور من خلال تقديم أعمال جيدة ترقى إلى المستوى، كما أن أول شيء نفكر فيه هو المتلقي، وفي هذا العمل حاولنا جمع جيلين، جيل عبد القادر علولة وجيل جديد من الشباب يستطيع مسرح وهران الجهوي الاعتماد عليهم مستقبلا. وفي حديثه عن النص قال مولاي ملياني: ”عندما قدمت لجنة القراءة في مسرح وهران الجهوي النص، اقتنعت به لأن القصة من عمق المجتمع، وبصفتي كعنصر في هذا المجتمع أعرف صدق القصة التي يعيشها أغلب الجزائريين، وهي قضية تعنينا جميعا، وكاتب النص انطلق من فكرة بسيطة ولكل واحد الحرية في قراءة المسرحية”. وعن توظيف الكرويغرافيا والموسيقى في العرض يعتبر ملياني: ”أحب الجمالية في العرض، والموسيقى الحية أضافت للمسرحية وكانت مدروسة جيدا، وحتى الكوريغرافيا أضفت جمالية على العرض”.