تنظم الوكالة الوطنية للإشعاع الثقافي، عرضا كوميديا بعنوان ”ماديبا” بمناسبة الذكرى 27 لإطلاق سراح المناضل نيلسون مانديلا من سجون التمييز العنصري ببلده جنوب إفريقيا بعد 27 سنة قضاها مدافعا عن حقوق السود في ذلك البلد الذي استولت عليه، في وقت من الأوقات، الأقلية البيضاء. وستحتضن أوبرا الجزائر ”بوعلام بسايح” يوم 11 من الشهر الجاري، العرض الكوميدي. وبحسب ما أعلنت عنه الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي، فإنّ هذا العرض الموسيقي الكوميدي يُصوّر جوانب مضيئة من حياة المناضل الذي نذر نفسه للدفاع عن الحرية ونبذ العنف ونشر السلام العالمي، مؤمنا بقضيته العادلة في مناهضة العنصرية. ويُعد العرض الذي ستُقدّمه فرقة ماديبا للكوميديا الموسيقية، من أهمّ العروض التي تناولت حياة نيلسون مانديلا الذي أصبحت مسيرته الحافلة بالنضال مثالاً يُقتدى به لأحرار العالم. واسم ”ماديبا” الذي أُطلق على هذا العرض، هو اللّقب الذي لازم نيلسون مانديلا، وهو يُشير إلى القبيلة التي ينتمي إليها هذا المناضل الذي أصبح، فيما بعد، رئيساً لدولة جنوب إفريقيا بعد سقوط نظام التمييز العنصري. يُشارك في العرض الذي يُصوّر جوانب من ”أمة قوس قزح” التي تُترجم حياة نيلسون مانديلا، 22 فنانا استعراضيا وممثلا وراقصا، وقد أخرجه جون بيار حاديدا، والنص من تأليف أليسيا سابريان، في حين يقوم الممثل جيمس نوا بأداء دور مانديلا. ويُصوّر هذا العرض الملحمي، الذي يحطُّ الرحال لأول مرة بالجزائر، أجزاء مهمّة من حياة مانديلا في حركاته التمردية، قبل أن يُحكم عليه بالسجن المؤبد رفقة مجموعة من رفاقه، فيودَع في أحد سجون جزيرة ”روبين” التي كانت منفى استعمارياً يُساق إليه كلّ من يهدّد أمن الأقلية البيضاء. ويكشف العرض عن جوانب إنسانية مؤلمة في حياة هذا المناضل الذي حُرم من دفء عائلته بسبب سنوات الاعتقال الطويلة، قبل أن يتمّ إطلاق سراحه سنة 1990، وهو التاريخ الذي يُشكّل منعرجاً في مسيرة مانديلا، لكنّه أقلّ مأساوية ممّا سبقه، حيث يُواجه ”ماديبا” مأزقا أخلاقيا كبيرا يتمثّل في إشكالية حقيقية، وهي هل سيُقبل على فكرة الصفح عن أولئك الذين أذاقوه رفقة كثير من السود أشدّ أنواع التنكيل والظلم، أم سيقتصّ منهم؟ عند هذه اللحظة الفارقة، ينتصر الزعيم الكبير لسموّ مبادئه ولنفسه المشبعة بقيم العفو والصفح ونكران الذات، فيُعلن قبل انتخابات سنة 1994 أمام الملايين التي كانت تُتابعه بأنّه سامحَ سجّانه، وعلى السود أن يُسامحوه أيضاً، لأنّه قائدهم وعليهم أن يسلكوا طريقه. وقبل أن يُفارق مانديلا الحياة سنة 2013، ترك وراءه بلده وقد شقّ طريقه إلى السلام والألفة بين مكوّنات شعبه، وهي الطريق التي لم تكن سالكة لولا نضالات هذا الرجل الذي عاش داعما لقضايا شعبه العادلة، ولقضايا التحرر في العالم أيضا، وعلى رأسها الثورة الجزائرية التي كان مانديلا من مناصريها، ولذلك ما زالت الجزائر تحتفظ له بالكثير من المحبة والتقدير.