تمثل مهنة ”الماشطة” جزءا من أعراس ولايات الشرق الجزائري، لأنها ملازمة للعروس منذ التحضيرات الأولى ليوم زفافها. لتنتقل هذه العادة إلى مدينة الجزائر للاستعانة بها في جميع المراحل التي تجهز فيها العروس، خاصة التصديرة التي تأبى كثيرات إنفاق الملايين بسببها لأجل ساعات معدودة. مهنة ”الماشطة” ليست غريبة على الشرق الجزائري، خاصة العائلات العنابية، التي تستقدمها في الساعات الأولى من نهار يوم زفاف بناتها، لتنتعش هذه العادة حاليا طوال أيام السنة التي تبرمج فيها الأعراس بعد أن كانت مقتصرة على فصل الصيف. وتعتبر الماشطة ملازمة للعروس بتحضيرها لموعد التصديرة، من خلال الاهتمام بتسريح شعرها بشكل مميز وتزيينها بمواد التجميل، واختيار لباس تقليدي يتناسب مع لمسات الجمال التي وضعتها مسبقا من ناحية التصميم والألوان، وهذا يتطلب دراية بمتطلبات العروس وشخصيتها، لأنها تكون على اتصال بالمقبلة على الزواج قبلا لمعرفة ذوقها وقوامها وغيرها من الأمور التي تسهل على الماشطة عملها يوم الزفاف. كما أن جميع ما ترتديه العروس في التصديرة من ألبسة واكسسوارات متمثلة في الفانتازيا وليس الذهب الحقيقي هي من قبل الماشطة، لتخفيف أعباء تحميل الألبسة واقتنائها من العروس وعائلتها وضمانا لجو بهيج بتكاليف أقل. اعتمدت بعض العائلات بالجزائر العاصمة على الماشطة مؤخرا، ليبقى اعتمادها محتشما، خاصة أن العاصمة لا تتوفر على كثير ممن يمتهنها، ناهيك عن اعتماد الماشطة بعنابة على طقوس معينة تختلف عن عادات العاصميين، كأن تضع على رأس العروس تاجا من الذهب أومرصعا بالأحجار الزرقاء واللون الوردي، حسب لون الڤندورة العنابية التي تكون مميزة باللونين البنفسجي والأزرق. وفي حوارنا مع صاحبة وكالة لتنظيم الأعراس، قالت أنها أدرجت ”الماشطة” ضمن الخدمات التي أصبحت عبارة عن خليط من العادات والتقاليد المغربية والتونسية وليس الجزائرية فحسب، مثل العمارية.. التي قالت إنها لما عرضتها للخدمة. كان ذلك بالتنسيق مع فرقة من ولاية وهران تأتي حين يكون عليها الطلب فقط، لكن بعد تزايد الطلبات استقرت الفرقة بمدينة الجزائر، مضيفة ذات المتحدثة أن توفير خدمة الماشطة يقوم حاليا على نفس الشكل، لأن المرأة التي نعتمد عليها مقيمة في عنابة، وحين يكون الطلب عليها نتصل بها أشهرا من قبل، ولكن لم يكن اختيارها سهلا لأنها تتوفر على الإقامة بولاية الجزائر، وهذا ما يجعل التقاءها بالمقبلة على الزواج قبلا بمقر وكالتنا لتتعرف كل منهما على الأخرى، فالماشطة عليها أن تعرف طول ووزن زبونتها وذوقها في الماكياج والألبسة من ناحية التصميم والألوان. ومن الأمور التي تهتم بها الماشطة هو تدريب البنت على المشي بكعب عال بحركات سريعة ليكون المشي بعدها بخطى متأنية أمرا سهلا، تفاديا للإحراج أو أي هفوة موعد التصديرة، لأنها هي من يرافقها منذ خروجها من سيارة ”الكورتاج” إلى داخل صالة العرس كذلك، وما يتبع بعد ذلك من طقوس معروفة لدى الجزائريين. دخلت عدد من محترفات الحلاقة الرفيعة والتجميل وفن الماكياج مجال الماشطة، ليضاعفن أرباحهن وطرق نشاطهن، الذي اقتصر على الصالونات، خاصة أن العروس ترافقها جمع من النسوة إلى صالون الحلاقة، وهذا ما جعل الفكرة تستحبها بعض الحلاقات بتنقلهن إلى منزل العائلة وليس العكس، لتكون وردة واحدة من اللواتي يعتمدن هذه الطريقة رغم قلة من يطلبها بالعاصمة، فهي تعتمد في هذه الحالة على وصلات الشعر و”البوستيش” كثيرا. كما أنها لا تقدم على ذلك إلا توفر منزل العائلات على إمكانيات معينة. وقالت وردة ”أعمل مع الأحياء المجاورة لصالون الحلاقة فقط، الذي يجاور منزلي، كما أن بعضا من الزبونات تؤكد لي على توفر مستلزمات تسهل العمل في بيوتهن، لأجد الأمر مغايرا يوم العمل، وهذا ما يضطرني للتنقل لصالون الحلاقة وجلب ما ينقصني، لكني خلقت منعرجا لأضاعف أرباحي من خلال العمل كماشطة، وحاليا اشتريت الإكسسوارات وأفكر في تطوير المهنة، لأن الألبسة التقليدية من عند العروس”.