كرم المسرح الوطني الجزائري، مساء أول أمس، الفنانة الكبيرة ”نورية” بحضور أسرة الفن الرابع في الجزائر، حيث زفت ”نورية” على ركح محي الدين بشطارزي على أنغام الزرنة ودخلت محمولة على الاكتاف. غصت قاعة مصطفى كاتب في المسرح الوطني الجزائري محي الدين باشطارزي بعشاق عميدة المسرح الجزائري ”نورية”، وحضر تقريبا كل من اشتغل معها سواء في المسرح أو السينما في صورة طع العامري، مصطفى برور، فريدة صابونجي، شافية بوذراع، أعمر معروف، وغيرهم من الأسماء، بالإضافة إلى الحضور الرسمي المتمثل في وزير الثقافة عز الدين ميهوبي وسامي بن شيخ مدير الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة الذي منح صكا ماليا معتبرا لواحدة من أهرامات الفن الجزائري. تلقب الممثلة الشهيرة نورية ب”زهرة المسرح”، واسمها الحقيقي خديجة بن عياد، ولدت عام 1921 في مدينة تيارت غربي الجزائر، وحينما أصبحت شابة تزوجت من الممثل المسرحي المعروف مصطفى قصدرلي، وعملت خياطة، لتبدأ مشوارها الفني بالصدفة البحتة عام 1945 حينما اعتذرت إحدى الممثلات في مسرحية لزوجها فطلب منها تعويضها كي لا يُلغى العرض، ليكتشف بذلك أن زوجته تملك موهبة حقيقية ويقرر تشجيعها، وهكذا شقت نورية طريقها، وانضمت رسمياً لفرقة المسرح الجزائري عام 1963 لتبدأ مشوارها السينمائي بعدها وتترك سجلاً ثرياً جداً يحتوي على اكثر من 200 مسرحية و160 فيلماً، منها: ”خذ ما اعطاك الله” عام 1981، و”الليل يخاف من الشمس” عام 1964. قالت الفنانة نروية في تكريمها سنة 2011 في المهرجان الوطني للمسرح المحترف إن زوجها مصطفى قصدرلي، وهو من أعمدة المسرح الجزائري، وجد حرجا عام 1945 بانسحاب إحدى الممثلات من دور المتسولة، فعرض عليها تعويضها، وهي الخياطة التي لم تفكر في أن تكون فنانة، فورطتها تلك الصدفة في الفن الذي لم تخنه إلى غاية اليوم، معترفة بأنها لم تدخل المدرسة أبدا، لكن الفن حوّلها إلى مدرسة في التمثيل. الفنان طه العامري، أحد مؤسسي الفرقة الفنية للثورة الجزائرية، في تصريح سابق سنة 2011 للجزيرة نت أثناء تكريمها في المهرجان الوطني للمسرح المحترف، قال إن التحاق نورية بالمسرح الوطني عام 1963 أعطى دفعا قويا للتمثيل النسائي في هذه المؤسسة التي تعدّ أول مؤسسة جزائرية يتم تأميمها بعد رحيل الاستعمار الفرنسي، واعترف مخرج ”باب الفتوح” بكون رفيقة دربه من المبدعات اللواتي يضفن للمخرج أكثر مما يضيف لهن ”لقد كنت أتدخل لأحدّ من ثورتها على الخشبة، لا أن أثوّرها مثلما يحدث مع الممثلات العاديات”. من جهته، قال الناقد المسرحي محمد بوكراس أن ”نورية” وهي التي لا تقرأ ولا تكتب، تعيش أدوارها إلى درجة أنها تجعل المشاهد ينسى أنها تمثل، مستشهدا بدورها في مسرحية بيت بيرناردا ألبا التي كتب نصّها الشاعرُ الإسباني لوركا.