أكّد الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، رئيس مجلس وزراء قطر ووزير خارجيتها السابق، أنّ الاتهامات التي وجهتها بعض الدول الخليجية لدولة قطر تقوم على حجج واهية، مشدداً على رفض بلاده المساس بسيادتها أو التشكيك في نزاهتها. وطالب حمد في حوار مع الصحافي الأمريكي تشارلي روز المذاع على قناة ”بي بي إس” الأمريكية، الدول التي فرضت حصاراً على الدوحة وقاطعتها بتقديم أدلة حول مزاعمها بتمويل قطر للإرهاب، مشيراً إلى أن ما تدعيه هذه الدول بنشرها قائمة ما يسمى بالإرهاب لم تزود بها دولة قطر في وقت مبكر عن طريق القنوات الصحيحة. وفيما يتعلق بتهمة الإرهاب، أوضح بن جاسم: ”إذا تحدثنا عن الإرهاب فقطر شريكة مع الولاياتالمتحدة بعد هجمات 11 سبتمبر، وقد قمنا بتسهيل قدوم القوات الأمريكية قبل أن يكون لها قاعدة في قطر”. وأضاف ”كلنا نتذكر تصريحات أسامة بن لادن من أنه لا يتوجب على أي دولة إسلامية أن تستضيف قوات أمريكية ومع ذلك استقبلنا كافة القوات الأمريكية في ذلك الوقت، ومنذ ذلك الوقت ونحن شركاء لأمريكا التي تقاتل في أفغانستان والعراق واليمن وأماكن أخرى”. عزل إيران انتهى بعزل قطر ولفت الوزير القطري السابق إن القطريين تفاجأوا بأنه بعد مشاركة أميرهم تميم بن حمد آل ثاني في قمة الرياض الأخيرة التي حضرها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، انتهى الكلام عن عزل إيران بالعمل على عزل قطر، والقول إن علاقاتها مع إيران مميزة وإنها تدعم الإرهاب وتموّله. وبشأن الاتهامات التي وُجهت للدوحة من طرف جيرانها بإقامة علاقات ”خاصة” مع إيران قال وزير خارجية قطر السابق: ”بالنسبة لإيران، إذا أخذت الأمر من قاعدة تجارية وهي الأهم، فإن حصة قطر واحد بالألف مقارنة مع باقي الدول الخليجية فيما يتعلق بتجارتها مع ايران. حتى في سورية، فإن موقفنا مختلف عن ايران فيما يتعلق بالحرب هناك وفي مسألة وقوف الأسد ضد شعبه”، ومؤكدا ”نعم نحن نواصل محاولة تحقيق علاقة طبيعية وجيدة مع إيران”، ووجود علاقات طبيعية مع إيران نابعة من الجيرة وأننا نشترك معها بحقل للغاز، وهذا الأمر طبيعي وقانوني ووجود هذه العلاقات لا يعني إننا ضد حلفائنا وإخواننا في مجلس التعاون الخليجي”. ”هذا أمر غير صحيح إطلاقا”. ولفت بن جاسم قائلا: ”بالنسبة لنا، عزل إيران ينتهي بعزل قطر، وهم يعلنون أن لدينا علاقة خاصة جداً مع إيران ونتعاطف معها ومع الإرهاب وتمويل الإرهاب”. وحول الوضع في سوريا، أوضح الشيخ حمد بن جاسم ”الجميع ارتكب أخطاء في سوريا بما فيها الولاياتالمتحدةالأمريكية، ومع مرور الوقت اكتشفنا أن بعض الجماعات لها أجندات أخرى وتوقفنا عن التعامل معها. وتساءل ”هل قمنا بهذه الأخطاء عن عمد، هذا غير صحيح، لأن ما الهدف من ذلك، لأنهم إذا تمكنوا من سوريا فسيأتون إلينا؟”. وبشأن علاقة قطر بحركة ”حماس”، قال بن جاسم ”ساعدنا حماس في غزة في ملف الكهرباء وهذا أمر مُعلن، الجميع يعلم ذلك بمن فيهم الإسرائيليون. ساعدنا في بناء بعض البيوت التي تهدّمت عام 2005 وبناء مستشفيات”، لافتاً إلى أنه في تلك الفترة قامت دول خليجية وعربية أخرى برصد الأموال لأجل غزة أيضاً. وأضاف بن جاسم ”قبل إجراء الانتخابات الأولى في فلسطين، طلب منا الأمريكيون أن نتحدث إلى حماس لدفعها باتجاه المشاركة في الانتخابات”. وبخصوص استضافة الدوحة لعناصر من حركة ”طالبان”، فأشار بن جاسم إلى أنّ الولاياتالمتحدة طلبت من قطر استضافة خمسة عناصر من الحركة لكي يقوموا بمفاوضات، وتابع ”شعبنا سيكون سعيداً إذا رغبت الولاياتالمتحدة في استرجاعهم”. واشنطن حليفة لجبهتين واعتبر بن جاسم أنّ المشكلة الأهم اليوم هي أنّ الولاياتالمتحدة التي تعد حليفاً لجبهتين، ليست واضحة في تعاملها مع الأزمة المستجدة، وقال ”يجب أن يكونوا أكثر عدلاً في نظرتهم للأزمة”. ووجه بن جاسم نقداً لترامب بقوله إنّ الأخير يصدر أحكاماً على قطر بدون الوقوف على الأدلّة الصحيحة، مضيفاً ”نتوقع من حلفائنا أن يكونوا عادلين لا أن يساعدوننا”. وأعرب بن جاسم عن ثقته بأنّ الولاياتالمتحدة ستتخذ في النهاية الموقف الصحيح. وقال بن جاسم إنه من خلال وساطة الكويتوالولاياتالمتحدة سيظهر أن الاتهامات بحق قطر واهية. وأكّد رئيس الوزراء القطري السابق أنّ الأزمة مع قطر صدّعت مجلس التعاون الخليجي، مضيفاً أنه لا يمكن معرفة كيفية مدى هذا الصدع، وطالب بأن يحسم القانون الدولي في تجاوزات الدول التي تفرض حصار ومقاطعة على قطر، متسائلا ”أين القانون الدولي؟ فقد قاموا بمنع إمدادات الطعام وبتمزيق الأسر حيث هناك العديد من الحالات التي عانت من ذلك كما قاموا بإغلاق الأجواء والمسارات البحرية”. ثم تساءل بن جاسم إذا كانت بلاده ستكون هي من أدخلت إيران وتركيا إلى المنطقة إذا ما استدعتهما للدفاع عن نفسها. وتابع ”هل هذا ما يريدون دفع قطر إليه؟ السيادة هي أهم شيء بالنسبة لنا. وهذا ما سندافع عنه حتى الدقيقة الأخيرة”. وفي السياق، نفت دولة الإمارات العربية المتحدة وجود أي إجراء عسكري ضد قطر وأنها ستسلم قريبا للولايات المتحدة لائحة بمطالب محددة من الدوحة، بحسب ما ذكرته وسائل إعلام محلية. وقال السفير الإماراتي لدى واشنطن يوسف العتيبة بشأن الخلاف القطري الخليجي أنه لا يوجد جانب عسكري على الإطلاق في أي شيء نفعله. وقال السفير العتيبة إن الإمارات قدمت لأمريكا تأكيدات على أن الخطوات التي اتخذت ضد قطر لن تؤثر على قاعدة العديد أو العمليات التي تدعم القاعدة. يذكر أنّ السعودية والإمارات ومصر والبحرين قطعت علاقاتها الدبلوماسية بقطر بسبب علاقات الدوحةبإيران ودعم جماعات متطرفة. وتعود جذور الأزمة بين قطر وجيرانها الخليجيين إلى العام 2014 عندما سحبت الدول الثلاث سفراءها من الدوحة، على خلفية تباين مواقفهم مع قطر حيال جماعة الإخوان المسلمين والقيادة المصرية الجديدة بعد عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي وتولي الرئيس عبدالفتاح السيسي مقاليد السلطة، واستقبال قطر لعدد من قيادات الإخوان المسلمين والنشاط الإعلامي على أراضيها وعلى رأسهم الشيخ يوسف القرضاوي. وبعد جهود وساطة قادتها الكويت حتى نهاية أوت 2014، اتفق القادة الخليجيون على عودة سفرائهم إلى الدوحة، لكن العلاقات ما فتئت تتوتر مجددا، على خلفية تصريحات نسبت للشيخ تميم بن حمد آل ثاني، حول دور حركات سياسية في المنطقة. وتنفي قطر الاتهامات التي وجهتها لها تلك الدول، وقالت إنها تواجه حملة افتراءات وأكاذيب وصلت حد الفبركة الكاملة بهدف فرض الوصاية عليها، والضغط عليها لتتنازل عن قرارها الوطني.