رغم أن الموت هو كل ما يحيط بالفيلم وموضوعه، إلا أن المخرج الباقر جعفر لم يتراجع عن فكرة تصوير فيلمه الوثائقي ”الفرقة”، والذي يروي من خلاله حلم فرقة في أن تعزف الموسيقى الصوفية في مدينة الصدر العراقية، ومشكلتهم الأساسية هي عدم القدرة على إقامة حفل غنائي، حيث عزف الموسيقى محرم في الصدر وقد يؤدي إلى قتلهم، وطوال 67 دقيقة تتابع كاميرا المخرج جعفر أفراد الفرقة، ويتحدثون معه عن واقعهم، أحلامهم وأمنياتهم. كما يعرض الفيلم لأول مرة في مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي ضمن المسابقة الرسمية للأفلام الوثائقية. وأوضح مخرج الفيلم الباقر جعفر أن إقناع أعضاء الفرقة الستة بتصوير الفيلم لم يكن أمراً سهلاً، وقال إنهم كانوا يدركون جيداً أن التمثيل وأداء ادوار عن ها الموضوع سيثير لهم مشاكل كثيرة وأخطرها تعرضهم للموت. وأشار المخرج إلى أن الفيلم باعتبار انه كان يتحدث عن حلمهم ويخرجه إلى النور، وافقوا على التصوير وتعهد المخرج لهم بألا يحصل الفيلم على عرض عام في العراق حفاظاً على حياتهم. وأشار المخرج الباقر جعفر إلى أن تصوير الفيلم بالكامل استغرق عامين، ابتداءً من الفترة التي احتلت فيها داعش جزءً من المدن العراقية. وأثناء التصوير اختلق فريق الفيلم العديد من المبررات عند احتكاكهم بجماعات مدنية مسلحة، أحدها كان تصوير صلاة الجمعة، بحجة تصوير المدينة الجهادي في طرد الاحتلال الأمريكي، حتى أن الباقر جعفر تم إلقاء القبض عليه من قبل أحد الجماعات المسلحة، ولم يُفرجوا عنه إلا عندما شاهدوا ما على الكاميرا، ولم يجدوا فيها إلا الشوارع والناس والأجواء الدينية في المدينة، وأقنعهم بأنه يصور عن أجواء عاشوراء في مدينة الصدر. ويذكر أن من أكثر التحديات التي واجهت المخرج الباقر جعفر لإنجاز الفيلم هو تصوير نساء المدينة، فكان من شبه المستحيل أن يقوم بالتصوير في مكان به نساء، وبالتالي لا يحتوي الفيلم على أي مشهد لهن. وينهي الباقر جعفر حديثه قائلاً ”السبب الذي دفعني لتصوير هذا الفيلم، هو أن مدينتي ليست كما يقال عنها، في بداية اكتشافي للحكاية لم أصدق أن فهد عضو الفرقة الذي يسكن المدينة يضع آلته الموسيقية داخل حاوية النفايات حتى لا يتعرض للمسالة، هذا هو ما أريد أن يشاهده الناس، عين فهد وهو يخبئ الآلة الموسيقية في عتمة حاوية النفايات”. الباقر جعفر مخرج عراقي شاب، درس صناعة السينما في المركز العراقي للفيلم المستقل منذ عام 2009، وشارك في ورش سينمائية داخل وخارج بغداد، درس من خلالها كتابة السيناريو، الإخراج، المونتاج وإدارة الإنتاج. صنع جعفر أفلاماً قصيرة وثائقية هي”رفعة علم”و”غربة الغجر” والفيلم التجريبي عدسة 50 ملم، ويعتبر الفرقة هو أول أفلامه الوثائقية الطويلة.