طالت أعمال الشغب والعنف التي عاشتها ولاية الشلف العديد من المؤسسات والمنشآت العمومية، وذكر شهود عيان ومواطنون ممن التقتهم "الفجر"، تخريب كلي ل 6 مراكز بريدية والاستيلاء على الأموال التي كانت بداخلها، نفس الشيء بالنسبة للبنك الخارجي الجزائري، كما تعرضت مدريتي المناجم والتكوين المهني للحرق والتخريب الكلي، إضافة إلى الوكالة التجارية للجزائرية للمياه، نفس الشيء بالنسبة لمتعاملي الهاتف النقال "نجمة" و"جيزي"، تخريب جزئي لكلية الحقوق والعلوم الإدارية ومحاولة إقتحامها• المهمة استدعت دليلا من المنطقة لتفادي المفاجآت والإزعاج الساعة كانت تشير إلى السابعة والربع من مساء أول أمس، وهو يوم اندلاع أحداث الشغب والعنف بمدينة الشلف، عندما وصلنا إلى المدخل الرئيسي للولاية، أين استوقفتنا إحدى نقاط المراقبة التابعة للدرك الوطني، فسألنا دركيا عن طريق يجنبنا الدخول إلى وسط المدينة، فأشار إلينا بطريق المطار، حتى نلتقي دليلنا الذي كان في انتظارنا، بعدها بحوالي 20 دقيقة توجهنا إلى حي "الرويس"، أين وجدنا قوات مكافحة الشغب التابعة للشرطة والدرك الوطني مطوقة المكان، متأهبة لكل طارئ بعد ما هدأت الأمور نسبيا، لكن الحيطة والحذر مطلوبتين في مثل هذه المواقف• أعوان الحماية المدنية ينظّفون وقوات الشرطة والدرك تتأهب للخطر ونحن نقترب من مبنى المتحف الجهوي "عبد المجيد مزيان" بالشلف، الواقع بمنطقة "البقعة"، كما يحلو ل "الشلالفة" تسميتها، فوجئنا بأكوام الحجارة والمتاريس تملأ المكان عن آخره، وقطع الزجاج متناثرة هنا وهناك، جراء التخريب الذي طاله، ولولا يقظة الحراس الذين وجدناهم هناك والذين حالوا دون دخول المتظاهرين لخُرب وأُحرق كباقي المؤسسات الأخرى، ونحن نباشر عملنا تطلب منا إبلاغ مسؤول الأمن عن تلك النقطة الذي اتصل بمسؤوليه، فجاءتنا الإشارة بالموافقة، عندها بدأ المصور رحلة التقاط صور الخراب والدمار المحيط بالمتحف أمام فضول بعض المواطنين ممن بقوا يشاهدون ذلك، وغير بعيد عن المتحف، تعرّضت بعض المحلات للخواص إلى الحرق، وباتت ركاما أمام دهشة مالكيها، الذين تجمعوا أمامها واضعين أيديهم على رؤوسهم من هول الصدمة• حرق سيارات بأكملها وتدخل مصالح الأمن أنقذ عائلتين من الموت المحتوم ونحن نغادر حي الرويس الممتد على 3 شوارع، فوجئنا بمقر الوكالة التجارية للجزائرية للمياه وقد احترق عن آخره، لنتجه بعد ذلك إلى مقر مديريتي المناجم والتكوين المهني، اللتان وجدناهما قد أحرقتا عن آخرهما وقد دشنتا العام المنصرم، وقال أحد أعوان الأمن ممن التقتهم "الفجر"، أن حدة الغضب والعنف بلغت أشدّها لدى الشباب، الذين حاولوا حرق عائلتي مسؤولي المديريتين وهي بالداخل غير مبالين بدرجة الجرم المرتكب لو نفذ، لكن مشيئة الله كانت أقوى من ذلك، وفي اللحظات الأخيرة تدخلنا وأبعدنا جموع الشباب من أبناء البناءات الجاهزة في البلديات منها الشطية والأحياء المجاورة، ك "البقعة" من الذين صبوا جم غضبهم على وسط المدينة، ضنا منهم أن ذلك يجعل حلا للأمور• ونحن نغادر المكان، تركنا رائحة الغازات المسيلة للدموع من القنابل ودخان الحرائق تفوح بالمكان أمام انتشار مكثف لقوات مكافحة الشغب، التي طوقت كل المباني والمؤسسات العمومية خوفا من أن تطالها أعمال التخريب• في حدود الساعة الحادية عشر ليلا، تجددت المواجهات، وكنا قد ظنّنا أن الأمور قد هدأت، لكن المفاجأة كانت كبيرة، ونحن بالقرب من أحد الجسور الصغيرة المؤدي إلى مركز التكوين المهني المتخصص المحاذي لثانوية ومتوسطة، لمحنا بعض الشباب من بعيد قادمين باتجاه أفراد الشرطة يرددون عبارات "الحفرة"، "ما ينفع غير الصح"، وقد تمركزوا بأحد الأنفاق تحت ذلك الجسر، وقاموا بإشعال النار في العجلات المطاطية، وبدأو في رشق الحجارة على قوات حفظ النظام، التي حاولت السيطرة على الأمر في البداية بصد تلك الحجارة دون استخدام القوة، لكن وبمجرد أن بدأ الشباب يتقدم بسرعة نحوهم، استلزم الأمر إطلاق طلقات تحذيرية مطاطية فاقت العشرات، وكذا القنابل المسيلة للدموع التي سمع دويها هنا وهناك، بعدها تفطّنت مصالح سونلغاز بعد تلقيها اتصالا من قبل مصالح الأمن بقطع التيار الكهربائي عن الإنارة العمومية• حملات الاعتقال متواصلة، ومصادر تكشف عن 500 شاب موقوف في حدود الساعة السادسة صباحا، من صباح أمس، توجهنا بالقرب من مديريتي المناجم والتكوين المهني لالتقاط صور، وجدنا قوات الدرك الوطني تطوق المكان، يتقدّمهم ضابط برتبة "نقيب"، أخبرناه بمهمتنا، وبعد الاطلاع على الوثائق والبطاقة المهنية أعطانا موافقته، الأمر الذي خلق في أنفسنا بعض الارتياح والطمأنينة، بعد ذلك قمنا بجولة تفقدية عبر شوارع وأحياء مدينة الشلف، بدت هادئة نوعا ما، لكن في حدود الساعة الحادية عشرة صباحا، تجدّدت المواجهات بين الشباب الغاضب وقوات مكافحة الشغب، التي لم تتوان في تفريق المتظاهرين، واعتقال العديد منهم، وذكرت بعض المصادر ل "الفجر" عن اعتقال حوالي 500 شخص من الشباب الغاضب، الذين تم توقيفهم متلبسين، وهو يخربون ويحرقون المنشآت•