أين الصدق وأين الكذب في نقل الصحافة لحادثة محاكمة الجزائريين المتنصرين؟ وبأي تهمة يحاكَم هؤلاء؟ وهلا رفقنا بالحقيقة أيها العابثون بها صحفيا ؟!؟ جرى في المدة الأخيرة - ومازال يجري - لغَط كبير على مستوى بعض الصحافة الجزائرية، تلقَّفته دوائر خارجية فضخَّمته وكادت تجعل منه مشكلة الساعة•• إمرأة شَرد عقلها وهجرت أهلها إلى عقيدة أخرى وتبوّأت مكانا ليس بينهم وقرأ الناس في صحافة الإثارة وتزوير الحقيقة عن شابة جزائرية تحاكمها العدالة لأنها تنصرت! وتلك مظلمة يرفضها الدين الإسلامي ويمنعها القانون الجزائري، وزادت بعض الفضائيات عن ذلك بإظهار شابين جنحا إلى النصرانية -باعتبارها أحد مرافئ الهربة - في وضعية تثير العطف والشفقة وكأن هناك قمعا يمارسه الجزائريون بإسلامهم على بعض أبنائهم الذين وجدوا أنفسهم تحت الحاجة للخروج - الذي نعتقد أنه مؤقت - من خيمة الإسلام • إذا كان الإسلام يقر صراحة بضرورة احترام خيارات الفرد العاقل غير المُكرَه عندما يقول القرآن الكريم في سورة الكهف "وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"، فإنني أعتقد أن تنصُّر قلة ممن ضلت بهم أفكارهم فهوت بهم أقدامهم أو حتى َتمَجُّسها، لا يضر الإسلام في شيء ولا ينقص من قيمة رسالته الخالدة، فالإسلام يكسب في الغرب أرقى العقول والكفاءات ويلفظ في بعض بلدان الشرق أجساما خاوية فهي كالظل أو أقل تأثيرا، ولكن السؤال الذي يجب أن ترد عليه مؤسسات المجموعة الوطنية هو: كيف تحوَّلت مسألة مقيم جزائري خرق القانون إلى قضية كبرى أصبحت الدولة الجزائرية هي المتهم الأول فيها؟ وهل كان ذلك ليتم لو كان خارق القانون مسلما يدعو إلى الإسلام؟ ولماذا خرجت القضية عن مسارها القانوني ودخلت المربّع السياسي؟ لم تتحدث هذه البعض من صحافة الفتنة عن ذلك الإمام الذي أوقف وحوكم بسبب خروجه عن القانون عندما ضبط وهو يجمع الأموال من أجل إتمام أشغال مسجد مدينته، لأن الموقوف مسلم! ولم يبيِّن ذلك البعض من صحافة الفتنة أن الموقوف أو الموقوفين - ممن بدَّلوا بعض التبديل - خرقوا القانون العام، ولم يقدَّموا للعدالة بسبب معتقدهم الجديد وأنه كان حريا بنا أن نفرح كلما رأينا القضاء ينتصر للعدالة بعد طول تغييبه نتيجة الهزة السياسية والأمنية الكبيرة التي ضربت الجزائر، ولكنه كان جديرا بالجهات المعنية أيضا أن تعطي المعلومات الخاصة بهذه الحادثة في وقتها حتى لا تكون مادة لهواة زرع الفتن فتصبح سلعة يوظفها المتربصون بالجزائريين، خاصة أولئك الذين يريدون خلق أقليات بالسيف حتى يسهل تحريكها - وهو ما يتم ولو بنوع من الاحتشام - أو التدخل باسمها من أجل المصالح الكبرى لأولئك الذين يخرِّبون خرائط الدول ويعبثون بأمن العالم• إن الكلام عن هذه المخلوقة وغيرها يندرج تماما في إطار الحديث المستهلك حول ما يسمى بتضييق الخناق على النصارى الجزائريين وهم الذين ترعاهم الكنيسة الجزائرية التي لم يحتج مسؤولوها ولم يشعروا بأي غبن لحقهم أو أذى مسّهم من شركائهم في الهم والأمل والوطن وأن وزارة الشؤون الدينية مسؤولة أمام جميع المتدينين من كافة الأديان وأنها الوحيدة المخوَّلة بضبط مشاكل المتعبدين والعبادة، على أنه لا يمكنها حماية من يتابعه القانون وإنني وإن كنت أشكك في أن أي شخص عرف الإسلام على حقيقته وعاشه في حياته - مهما اهتزت الدنيا من حوله - يمكن أن يتركه إلى أي فكر آخر، وإن فعل بعضهم الهزيل فإنه قد أراح الإسلام والمسلمين من مسؤولية الانتماء الثقيلة، فإنني أعود إلى ما سبق أن أشرت إليه في مواضيع سابقة من ضرورة الإفراج عن المعلومة في وقتها ومكانها المناسبين، وأن تقوم الجهات المعنية بالتوضيح المناسب أمام أي لبس أو إشكال في اللحظة المناسبة حتى لا تأخذ الحقيقة مسارا يختلف عن جوهرها، بل ويناقضها، مما يسبب إزعاجا للمجتمع ومشاكل للدولة وانحرافا في مهمة الرسالة النبيلة التي تحملها الصحافة والتي أصبحت عرضة لانهيارات كبيرة ستؤثر سلبا على تطورها وقد تعمل على زعزعة المجتمع ككل من ورائها •••