يترك فارس الفتاة في شقته ليعود إلى بيته، لكن يصدم أحد المارة في الطريق، فتحدث نقطة التحول الرئيسية في الفيلم، يقاد إلى قسم الشرطة حيث يتعرض لتحقيق قاس من ضابط الشرطة، نتعرف من خلال الحوار الذي يدور بينهما على الابتزاز واستغلال السلطة والفساد والسلوكات المهينة ضد المواطنين، وتستغرق مشاهد قسم الشرطة أكثر من 20 دقيقة يسلط فيها المخرج الضوء على الموضوع بجرأة غير مسبوقة• ويحاول مفتش الشرطة أن يظهر تفوقه وتسلطه أمام المواطن حين يقول له " نعم أنت تملك شهادة جامعية لكنك سائق تاكسي أما أنا فاني حر فيما أفعل ولي السلطة وبيدي أن أتركك هنا"• ومن أكثر المشاهد جرأة أبرزها الفيلم في شكل درامي محبوك حين طلب المفتش من المواطن مفتاح بيته بغاية ممارسة الجنس مع عشيقة "فارس" غير انه اصطدم بمفاجأة ثقيلة عندما اكتشف أن تلك العشيقة ليست إلا زوجته هو التي هربت من تسلطه• وقد عرض الفيلم، في قاعة "السعادة" بوهران في إطار المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة للمهرجان الدولي للفيلم العربي الذي اختتم الخميس الماضي• وقال المخرج رشيد فرشيو، في النقاش الذي تلا العرض، إن الفيلم يتطرق لثلاثة مواضيع محورية، هي اضطهاد المرأة وحرمانها رغم وجود جو يسمح بحرية المرأة، وأيضا الفقر والبطالة سيما في أوساط المتعلمين، وكذا الممارسات المهينة لرجال الأمن في حق المواطن التونسي، واعتبر أن من الواجب الحديث عن تلك الانتهاكات بدل ترك ذلك للأجانب• وفي رده على سؤال "الفجر" حول تعرض فيلمه للرقابة في تونس وحذف مشاهد منه، قال المخرج إن الرقابة موجودة بأشكال متعددة في الوطن العربي، وأضاف أن "الخطوط الحمراء" هي أتعس شيء يقف في وجه المبدعين• وكانت "جهات رسمية" اعترضت على عرض الفيلم في قاعات السينما التونسية لما وصفته بالاعتبارات الأخلاقية، وأخرى متعلقة ب"حرية التعبير"، متهمة المخرج بالذهاب بعيدا في التفنن في الإثارة الجنسية• وحذفت لجنة الرقابة على الأفلام السينمائية التونسية عددا من المشاهد الجنسية وأخرى تظهر ابتزاز رجل الشرطة وممارسته العنف واستلامه لرشوة• وليست هذه هي المرة الأولى التي تتعرض فيها أفلام فرشيو للرقابة في تونس، إذ سبق منع فيلمه "كشن ملك" الذي أنتج عام 1994، ولم يشاهده الجمهور إلى بعد عرضه في إحدى الفضائيات العربية• لكن النقاد أشادوا بالفيلم الذي ترك منه 93 دقيقة، وأدى أدوار البطولة فيه كل من محمد علي بن جمعة، سناء كسوس، واعتبروه نقلة نوعية للسينما التونسية، بتميزه "بجرأة كبيرة في فضح سلوكيات شرطي متسلط بشكل لم يكن مسقطا في الفيلم بل جاء مترابطا مع أحداثه"• يذكر أن رشيد فرشيو الذي ولد عام 1941 هو أحد المخرجين البارزين في تونس، ومن أفلامه "يسرا" 1972، "أطفال القلق" 1975 و"خريف 86" 1991•