ماذا لو طرحنا السؤال: كيف تصبح وزيرا في الجزائر؟ ليس هناك معايير ولا قواعد معروفة، فيمكن أن تكون متحزبا ولا تترشح لأي انتخابات ولا تستوزر.. ويمكن أن تصبح وزيرا حتى رغم أنف قيادة حزبك ..كما يمكن أن تكون من الإسلاميين أو من اللائكيين أو من البربريين أو من دون لون ولا طعم ولا رائحة، بل وحتى من "الفيس" ومن المعارضين، وتصبح وزيرا. يمكن أن تصبح وزيرا على وزارة وأنت لم تتول في حياتك منصب رئيس مكتب، ويمكن مثلا أن تصبح وزيرا للإعلام وأنت لا تحمل حتى شهادة جامعية ولم ترأس يوما ولو قسما من أقسام التحرير في جريدة أو في أية وسيلة إعلامية أخرى، ولم تكن يوما تحظى حتى باعتراف رجال ونساء المهنة بأنك إعلامي محترف، ويمكن أن لا تكون لك أية علاقة بالقطاع الذي توزر عليه، بل ويمكن أن تنتقل بين وزارة وأخرى ويمكن أن تكون رئيسا لكل الوزراء (!!) كل شيء ممكن إذا .. إذا.. كانت السلطة أو بعض من رجالها النافذين راضية عنك أو غير معترضة عليك، أو لأسباب أخرى يصعب حصرها أو لنقل التطرق لها ! النكتة في الشارع تقول إن العمر القصير للحكومات يفتح باب الحظ أمام كل الجزائريين لكي يصبحوا وزراء. وقد قال الرئيس يوما أن هناك سبعمائة وزير متقاعد، وأغلبهم صاروا وزراء في العشرية الأخيرة. وِزْرْ، والوزر هو العبء، فهل الوزارة وزر وهل يحمل الوزراء أعباء وزاراتهم أم أن الوزارة هي التي تحمل وزرهم ؟! إن استمعنا لما يقوله الوزراء السابقون وصدقناهم فهم الذين يحملون وزر الوزارة، لاسيما منذ أزمة أكتوبر 1988، ونقص الوسائل وضعف الميزانيات وقلة النفوذ على الوزارة، فالكثير منهم يشتكي، بعد مغادرته المنصب طبعا، أنه لم يتمكن من تعيين الإطارات التي يراها قادرة على مساعدته !! لكنهم في كل الأحوال يصبحون بعد ذلك عبئا على ميزانية الدولة، لأنه لا يجوز أن يعود الوزير لحياته السابقة، أو لكون البعض منهم ليس له وظيفة أكثر احتراما من وظيفة الوزير - أو هكذا يعتقدون - أو أنه يخاف أن يسخر منه معارفه أو يتشفون فيه أو .. أو !! زاير، الحكومات صارت (JETABLE)، ففي فترة أقل من عشريتين، أي منذ 1992، عرفت البلاد إحدى عشرة حكومة، ولذلك صار الوزراء يعرفون أنهم عابرون وصاروا أحسن من يعرف معنى " لو دامت لغيرك ما وصلت إليك"!