البلاد: كيف كان رد قادة الفيس على انشغالاتكم واستفساراتكم في الرابطة؟ عز الدين جرافة: الجبهة الإسلامية لم تقبل في النهاية بتلك المقترحات وأعلنت موقفها النهائي بأنها لن تقبل ولن تتقيد إلا بقانونها الأساسي وبقرارات مجلس شوراها.. وأن من يرغب في الانتماء للجبهة من إطارات الجماعات الأخرى عليه أن يأتي بمفرده بعد أن يتخلى عن جماعته.. كما رفضوا أي نوع من الوصاية للرابطة على الجبهة. البلاد: كيف تفسرون حفاظ الرابطة على الاستمرار في الرغبة في إشراك الفيس رغم أن قادة هذا الأخير دعوكم إلى حل الرابطة وتنظيماتكم بمنطق أننا نحن الحركة الإسلامية؟ عزالدين جرافة: نعم الرابطة كانت حريصة على إشراك الفيس وإبقائه ضمن بيتها رغم كل ما كان يصدر عنه من مؤشرات الانفلات وعدم الالتزام بقراراتها.. وقد أبقت على ذلك الموقف إلى غاية إعلان هذه الأخيرة عن الإضراب المفتوح الذي رفضته الرابطة وحذرت من انزلاق الأوضاع نحو المواجهة التي ستكون نتائجها كارثية على البلاد والعباد .. وقد حصل ما كانت تخشاه الرابطة وتحذر منه. ماذا كان يريد عباسي الذي قلتم إنه لم يقتنع؟ عزالدين جرافة: الشيخ عباسي مدني كان يريد من الجماعات الإسلامية الرئيسية التي تحدثنا عنها سابقا أن تحل نفسها وأن ينخرط كل قيادي فيها بصفة منفردة وبلا قيد أو شرط.. وقد صرح بذلك مرارا وتكرارا إلى أن أعلن عن ذلك بشكل رسمي من طرف الجبهة ذاتها. البلاد : قيادات الفيس متهمة بأنها أرادت أن تقطف ثمار العمل الإسلامي، ما مدى صحة هذا خاصة وأن هناك من يجزم بوقوع ذلك؟ عزا لدين جرافة: هناك عدة آراء حول هدا الموضوع، غير أن محاولة قطف الثمرة كانت موجودة لدى البعض، خاصة وأنهم كانوا على علم بالمساعي التي تم الشروع فيها وأن الاتصالات معهم لم تنقطع مند ظهور النية الأولى في تأسيس حزب إسلامي... لكن بعضهم صرح في إحدى الجلسات أنه حان الوقت لتأسيس حزب ومن لا يعجبه هذا فليلتزم بجماعته... وهذا ما جعل أبناء الجماعات الثلاث ومحبيهم يحكمون على الفيس بأنه يريد قطف ثمرات الدعوة الإسلامية قبل نضجها. أليست الرابطة وبالتحديد الجناح الأكثر بروزا فيها من الجزأرة والذين سوّقوا بقوة للانخراط في الفيس.. الم تكن لهؤلاء مسؤولية في جانب ما عن تغول الفيس؟ عزالدين جرافة: الفيس بدأ يحس بالقوة وبالتالي استغنائه عن الجماعات وعن الرابطة..الخ بعد فوزه الكبير في الانتخابات الولائية والبلدية التي أجريت في صيف 1990م. وقد كان ذلك واضحا في خطاباته وقد ساعدته على ذلك عدة عوامل.. منها التحاق عدد محترم من كوادر وإطارات النهضة.. كما ساعده بعد ذلك الموقف الذي اتخذته جماعة الجزأرة والقاضي بالدخول الجماعي في الفيس، خاصة بعد ما اصطلح عليه بمؤتمر الوفاء الدي عقد في مدينة باتنة بالشرق الجزائري.. وتبقى الأحكام للتاريخ وللشعوب. البلاد: قلتم إن أعضاء الرابطة كانوا متخوفين من عملية احتواء المشروع من قبل أطراف مجهولة، ماذا تقصدون ومن هي هذه الأطراف عز الدين جرافة: نعم لقد كان هدا النوع من الخوف هو الصفة الجامعة بين كل مكونات رابطة الدعوة الإسلامية من ممثلي الجماعات وحتى الحياد والعلماء ويمكن تلخيص هذا التخوف في مسألتين. الأولى في مدى جدية النظام في موضوع التعددية وفي إمكانية قبوله اعتماد حزب إسلامي أما الثانية وهي مسألة جوهرية فهي الخوف من عملية اختراق واسعة ومنظمة من جهات من خارج الدعوة الإسلامية ومن خارج الصحوة الإسلامية إما لتشويه صورة الصحوة الإسلامية في وجه الجماهير الشعبية الواسعة التي كانت قد بدأت تتأثر بها أو لاحتوائها كلية في المستقبل من أجل تحقيق مطامع أخرى. البلاد: هل وقع هذا الاختراق وهل يمكن تحديد عينات ربما لايعرفها القارئ؟ عزالدين جرافة: هذا سؤال ينبغي أن يوجه لأهل الإنقاذ فهم أدرى به مني. البلاد : سبق أن قلتم أن وتيرة تفعيل الرابطة ازدادت بعد إعلان تأسيس الفيس لماذا؟ عز الدين جرافة: نعم لقد كان هناك تخوف لدى الجميع من أن تسير الأمور في غير الاتجاه المرغوب فيه...وهذه المخاوف كانت عند كل قادة الجماعات الإسلامية الثلاث بالإضافة إلى معظم الدعاة والمشايخ والعلماء. يعني أنه كان هناك تخوف من الانزلاق بالدعوة الإسلامية وبالمشروع الإسلامي إلى متاهات أخرى كما سبق أن بينت... لقد كان الخوف على مستقبل الدعوة الإسلامية والخوف من احتواء هذا المشروع الجديد من قبل أطراف مجهولة.. وهذه المخاوف المتعددة هي التي عجلت بميلاد رابطة الدعوة الإسلامية وقد ظهر ذلك جليا بعد ذلك في أهدافها المعلنة وفي مواقفها. البلاد: كيف كانت نظرتكم لعلي بلحاج وعباسي و هما يقودان بشكل سريع قاطرة التيار الإسلامي؟ عز الدين جرافة: الجميع كان خائفا من أمرين على الأقل من العجلة والتسرع... ومن احتمالات الاختراق... وقد حصل ما كان يخشاه الجميع.. ووقف الكثير من هؤلاء على تلك المآسي والكوارث لكن بعد فوات الأوان. البلاد: المخاوف التي تحدثتم عنها تتعلق بالعجلة والتسرع، لكن ألا تعتقدون أن الرابطة كانت تنقصها الفعالية ولم يتمكن الفاعلون فيها من مواكبة التحولات السريعة التي عرفتها البلاد بعد تأسيس الفيس؟ عز الدين جرافة : هذا صحيح إلى حد ما...فقد كانت الرابطة غير حازمة بالقدر الكافي حتى في المسائل المصيرية وحتى فيما كانت تعتقد أنها مواقف خاطئة من شأنها أن تضر بالمشروع الإسلامي وبمستقبل الحركة الإسلامية مجتمعة... والسبب يعود في نظري إلى الموازنات الخاطئة والمبالغة في مهادنة الفيس... أما عن عدم مواكبتها للتحولات السياسية السريعة التي كانت تعرفها البلاد في تلك الفترة فهو كلام له مصداقيته لكن السبب في اعتقادي يعود بالدرجة الأولى إلى الأزمة الداخلية التي بقيت عالقة إلى غاية ظهور الأحزاب الإسلامية الأخرى - أعني النهضة وحماس- لكن دلك المبرر يظل غير كاف لتبرئة الذمة. البلاد: من الجهة في الرابطة التي كانت الأكثر مداهنة للفيس؟ عزالدين جرافة: في البداية لم تظهر علامات تشير إلى وجود مثل تلك المداهنة من أي طرف كان وبالأخص من طرف كل الجماعات التي تحدثنا عنها.. لكن مع مرور الوقت وخاصة بعد تأسيس حركة النهضة الإسلامية وحركة حماس كحزبين، بدأ العد العكسي لتقارب الجزأرة التي كان يمثلها الشيخ محمد السعيد عليه رحمة الله مع الفيس وقد أخذ هذا التقارب ينمو بالتدريج إلى أن تم الإعلان عن انضمام الشيخ محمد السعيد وبعض أفراد جماعته الى الفيس وفق الشروط التي كان قد حددها هذا الأخير وقد كان ذلك قبيل الانتخابات التشريعية لجوان 1992م• البلاد: ألم يكن باقي الدعاة وأن تفاوت مستواهم السياسي دون عتبة السياسة، بمعنى أنهم كانوا حديثي عهد بالسياسة؟ عز الدين جرافة: هذا صحيح إلى حد ما. فالجزائر خرجت لتوها من الأحادية الحزبية ولم تخرج حتى بواسطة ولادة طبيعية بشهادة الجميع.. فكيف بالإسلاميين الذين لم تكن لهم في مجموعهم أية تجربة سياسية فضلا عن شح في المعلومات والمعطيات حول النظام ذاته.. وحول الكتل المتصارعة فيه. البلاد: حدثنا عن بعض ظروف عملكم داخل الرابطة وعن الاجتماعات الأولية؟ عز الدين جرافة: لقد عاشت الجماعات حالة استنفار قصوى في ظل تلك الظروف السياسية والأمنية والاجتماعية والثقافية. ولعل مما ساعد على نجاح تلك اللقاءات التأسيسية الأولى وجود الشخصية المرجعية المتمثلة في فضيلة الشيخ سحنون رحمه الله وإشرافه المباشر على رئاسة هذه الاجتماعات وتسييرها إضافة إلى وجود مجموعة محترمة من الدعاة الحياديين الذين بذلوا جهدا ينبغي ذكره وعدم نسيانه. البلاد : هل يمكن ذكر أسماء هؤلاء الحياديين؟ عز الدين جرافة: الحياديون كانوا بارزين كدعاة لهم وزن لما يملكون من العلم الشرعي ويحظون بقدوة علمية وسلوكية لدى عامة شباب الصحوة لكن الفرق بينهم وبين الدعاة الآخرين هو أنهم غير منتمين تنظيميا لأي جماعة... ومن هذه الأسماء الحاضرة معنا في جلسات التأسيس الأولى.. الشيخ عبد المقتدر وعلي حشيش وعبد الحفيظ والشيخ شراطي والشيخ احمد بوساق.. ومحيي الدين والشيخ سالم...وغيرهم الكثير الذين كانوا في الواجهة الخلفية ومن وراء الستار. البلاد: الحياديون لم تكن لهم مشاكل وحساسيات مثل بقية الأطراف؟ عز الدين جرافة: هذا صحيح ولكن في المقابل هم كانوا أيضا خائفين من انزلاق الأوضاع وكانوا أشد حرصا على نجاح مشروع الرابطة لأنهم كانوا يرون فيه الأمل شبه الوحيد في تلك الفترة لانقاذ ما يمكن إنقاذه. البلاد: دعنا نتحدث عن المرجعية آنذاك سواء كانت مجسدة في شخص المرحوم أحمد سحنون أو في غيره.. ولكن وجود مرجعيات أخرى إلى جانب احمد سحنون الم يكن عائقا. عز الدين جرافة: لقد كانت شخصية الشيخ أحمد سحنون عليه رحمة الله الشخصية الجامعة بين العلم الشرعي والتجربة الفذة والوقار الكبير الذي لا يجرؤ على مخالفته أحد مهما علت منزلته، بل كان الجميع يحرص على طلب وده ومباركته.. حتى الشيخ عباسي مدني ممثل الجبهة الإسلامية للإنقاذ كان يحاول استعطاف الشيخ سحنون كما كان يحاول جاهدا استدراجه لتأييد ولو شفهي منه رحمه الله لبعض مواقف الجبهة، لكنه لم يفعل وظل ثابتا على موقفه متمسكا بالرأي الذي يصدر عن الرابطة حتى في أصعب المواقف والظروف...وهذا ما جعلنا نصفه بالمرجعية.. أما زعماء الجماعات الإسلامية أو حتى زعيم الجبهة فلم يرتق أحد منهم الى مستوى هذه المرجعية وقد ظل في أحسن الأحوال زعيما على جماعته فقط...هذا وأعترف شخصيا ولا ألزم رأيي أحد أن اللقاءات التي كان يغيب عنها الزعماء كانت أكثر جدية وأكثر فعالية وأكثر إنتاجا وأن أغلب المشاريع إنما أنجزت في غياب الزعماء البلاد : أين كانت تتم لقاءات الرابطة؟ عز الدين جرافة: في بيت الشيخ أحمد سحنون بمسجد أسامة كل اللقاءات التحضيرية للرابطة كانت في بيته.. ففي ظرف ثلاثة أشهر قمنا بعقد أكثر من 20 لقاء.. ما بين فيفري ومارس وحتى نهاية أفريل وهي اللقاءات التي تم فيها تحضير القانون الأساسي والنظام الداخلي كما تم قبل ذلك وضع أهداف الرابطة العشرين.. وصولا إلى الإعلان عن المكتب الوطني للرابطة وعن هيئة المؤسسين• "البلاد": هلا حدثتنا عن أهداف رابطة الدعوة الإسلامية وكيف تطورت الفكرة من مجرد محاولة للتنسيق بين الجماعات الدعوية من جهة والجبهة الإسلامية للاتقاد من جهة أخرى إلى مشروع إسلامي له أهدافه وله قانونه الأساسي.. وهيئة للمؤسسين وقيادة مستقلة كما ذكرت؟ عزالدين جرافة:حقا لقد كانت رابطة الدعوة الإسلامية تسعى في أول الأمر إلى توحيد الواجهة السياسية للتيار الإسلامي في الجزائر تحت اسم الجبهة الإسلامية للانقاد وبمباركة ودعم الجماعات الدعوية وكل أبناء الصحوة الإسلامية على ان تبقى الرابطة كما أسلفت بمثابة المرجعية الفكرية والدعوية لهده الجبهة.. لكنها فشلت في ذلك رغم تكرار المحاولات. وقد اهتدت في النهاية بعد مشاورات وحوارات معمقة إلى تأسيس مشروع إسلامي دعوي شامل له أهداف واضحة وقانون أساسي يضبط موضوع الهيكلة وقواعد العمل... ومن هذه الأهداف العشرين التي حددها القانون الأساسي لهذه الرابطة ما يلي.. 1- العمل على التمكين للإسلام ونظامه 2- الحفاظ على وحدة الأمة مقوماتها 3- تذكير الشعب الجزائري المسلم برسالته وتعميق قناعته بكون الحل الإسلامي فريضة شرعية وضرورة حضارية 4- العمل على تقريب الرؤى وتوحيد الجهود والمواقف العامة بين العاملين في الدعوة الإسلامية 5- تحقيق مبدأ الاجتهاد الجماعي في النوازل وتوحيد الفتوى في القضايا العامة 6- إصلاح الاعتقاد وتهذيب الأخلاق وتصحيح العبادات ودعم رسالة السجد 7- الاهتمام بقضايا الأمة والسعي لحلها 8- العمل على إخراج الأمة من التخلف والتبعية في كل نواحي الحياة وتغطية الاحتياج من الكفاءات في مختلف التخصصات 9- ترشيد العمل السياسي وحمايته من الانحراف في الوسائل والغايات 10- كشف مخططات التآمر على الأمة ودينها والتصدي لحملات التغريب والتنصير والعلمانية هذه بعض الأهداف العامة التي أعلنتها رابطة الدعوة الإسلامية وألزمت بها نفسها ومن يريد التحرك معها وليست كلها وأحيل القاري على قانونها الأساسي في مادته الثانية للمزيد من الاطلاع على بقية الأهداف ومن اجل أخذ صورة كافية عن هذه الرابطة التي نحن بصدد الحديث عنها. وتتكون الرابطة من هيئة مركزية بالجزائر العاصمة تضم هيئة للتشاور وهيئة للتسيير ومن شعب تغطي الوطن - يحدد النظام الداخلي للرابطة طريقة اختيار أعضاء الهيئات وكيفية التسيير وكذا العلاقة بين مختلف الهيئات المركزية والقاعدية. كما حددت المادة 22 من هذا القانون الأساسي مهام مجلس الشورى وصلاحياته. أما المادة 23 من نفس هدا القانون فقد وضحت مهام الأمانة التنفيذية الوطنية وكيفية عملها وحدود صلاحياتها. تحدثتم عن اتخاذ الفيس كواجهة وكان ذالك املكم في الرابطة، هل بتركيبتها التي نشأت بها وهل يعني الذوبان في الفيس وليس في الرابطة؟ عزالدين جرافة: لقد كان المشروع الأولي للرابطة الذي بقي مجرد أحلام هو أن يباشر الإسلاميون في الجزائر تجربتهم السياسية الأولى موحدين تحت راية واحدة ومستجمعين لطاقاتهم وكفاءاتهم ووسائلهم ليضعوا ذلك كله في خدمة الهدف الكبير ولا مانع من أن يكون ذلك تحت اسم الجبهة الإسلامية للانقاد على أن تبقى الرابطة هي بمثابة القاعة الإستراتيجية في الخلف وتهتم بالدعوة والتعليم والتكوين وبالعمل الخيري والاجتماعي...ولم يكن موضوع الذوبان في الفيس مطروحا بالمرة بل هو رؤية شاملة ومتكاملة.. بل إن موضوع الذوبان لم يكن مطروحا حتى في الرابطة نفسها التي فضلت من أول الأمر أن تبقى إطارا للتشاور والتحاور وأخذ الموقف الموحد أو على الأقل المتفق عليه.. وهذا ما جعلني أقول في عدة مناسبات أن مشروع الرابطة هو مشروع الحلم الذي لم يكتمل.. ولا زلت على هذه القناعة إلى اليوم بمعنى أنه المشروع الأكثر واقعية وبالتالي الأكثر حظوظا في تحقيق التقدم والمحافظة على المكتسب وتطويره كما أنه يبقى في نظري المشروع الوحيد القادر على مواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية. البلاد: بعد تأسيس الرابطة واعتماد الفيس كحزب سياسي جديد حيث أصبح أمرا واقعا..البعض فضل الالتحاق بالفيس والبعض الآخر فضل تأسيس حزب آخر فيما فضل آخرون عدم الدخول في الفيس وعدم تأسيس حزب آخر... فالأغلبية داخل النهضة فضلت تأسيس حزب إسلامي آخر وحمس نفس الطرح كان لهم واهتدت في النهاية إلى استحداث حزب إسلامي جديد..غير ان التنظيم الوحيد الذي فضل الالتحاق بالفيس بصفة كلية هو الجزأرة?... وسؤالي هو.. في النهضة كيف كان التعامل مع دخول الجزأرة في الفيس؟ عز الدين جرافة: حتى نكون في الصورة.. فالتاريخ يذكر أن أغلب القيادات البارزة من مختلف الجماعات كانت دخلت في الجبهة بهدف الحماية من الداخل والحرص على عدم انحراف المشروع الإسلامي كما أسلفت عن وجهته وعن غاياته...ويمكن أن نؤكد- فيما يخص أفراد النهضة- أن علي جدي وبوخمخم..على سبيل المثال- كانا في تلك الفترة في مجلس الشورى الوطني للنهضة إلى غاية تأسيس الجبهة الإسلامية•• حيث كانا من مؤسسيها الأوائل.. وكانا أعضاء أساسيين في مكتبها الوطني وفي مجلس شوراها.. وأنه في هذه المرحلة كان كلا من الأخ حشاني رحمه الله والأخ رابح كبير ما يزالا في المجلس الشورى الوطني لحركة النهضة...ليتم التحاقهما بعد ذلك بالجبهة..وأن هناك قيادات من المرتبة الثانية والثالثة كانوا يعدون بالمئات...قد التحقوا بالفيس متأخرين. يعني قبيل الانتخابات المحلية.. وأن أغلبهم التحقوا بهدف حماية الفيس الذي أصبح أمرا واقعا.. وخوفا من أن يتعرضوا لتأثيرات خارجية أخرى.. وأعتقد أن هذا هو المبرر الأساسي لأفراد النهضة ممن ذهبوا إلى الفيس. كما أعتقد أن نفس المبررات تقريبا التي كانت في الطرف الآخر للجزأرة حتى يلتحقوا بالفيس في تلك الفترة. أما قيادات حمس فقد كان لهم موقف آخر منذ البداية. البلاد: كيف كان موقف حماس عز الدين جرافة: موقف حماس في حدود معلوماتي كان من البداية واضحا وصريحا وهو رفض الدخول في هذه الجبهة..وربما لهذا السبب لم نجد في القيادات الوطنية للجبهة الإسلامية للنقاد عناصر من إطارات حماس ومن الصف الأول على الخصوص..وحتى على مستوى الولايات كان عدد محدود جدا من التحق منهم بالجبهة في البداية الأولى لكن اغلبهم التحق في الانتخابات المحلية ثم في الانتخابات التشريعية الملغاة؟ البلاد:.. أنت تقول أن هذا السبب الأساسي ولا تعتقد وجود مطامع لكن في النهاية الأمر المروج هو أنه فيه مطامع؟ عز الدين جرافة: أنا قلت ما اعتقده بكل صراحة وصدق أو على الأقل هذا ما كان يصرح به هؤلاء الإخوان في جلساتهم معنا ولا أنفي إمكانية وجود بعض هده المطامع قديما وحديثا لكنني لا أعتقد أنها السبب الرئيسي في ذلك؟ البلاد: سمعت شهادة (بغض النظر عن صحتها) أن الشيخ جاب الله أعطى أوامر لكوادره لاختراق الفيس، ما مدى صحة هذا الأمر؟ عز الدين جرافة: هذا غير صحيح ، لأن موقف جاب الله كان رافضا لذهاب القيادات البارزة إلى الفيس لأن ذلك سيفرغ الجماعة، من وجهة نظره في تلك الفترة والظروف... لكن يمكن القول كذلك إن الجماعة حسمت هذا الأمر داخليا بصفة متأخرة جدا.. حتى أن أغلب قياداتها وكوادرها كما تفضلت أخذت موقفا من هذا الموضوع دون الرجوع إلى الجماعة. البلاد: وكيف كان الأمر عند حماس؟