هكذا خرج الرئيس زروال عن صمته وأكد في رسالته للرأي العام عبر الصحافة بأنه فعلا كان "شاتي اللبن ويخفي الطاس"! وأن ما كان يقال عن زيارة الناس لزروال لم تكن دخانا بدون نار! وأن حديث زروال في رسالته للرأي العام عن مآثره في الحكم لم تكن لوجه اللّه، بل بالتأكيد ما تزال تطرح مسألة "اللبن والطاس" بصورة أشد وأعمق. فالرئيس زروال قال إنه لا يؤمن بالرئيس الملهم! والمعنى هنا لا يتجه للرئيس بوتفليقة، كما قد يتبادر إلى الذهن، بل يتجه إلى الرئيس زروال نفسه! خاصة عندما تأتي هذه الجملة في سياق تعداد مآثره في الحكم! ويتحول لبن زوار الرئيس زروال إلى زبدة في طاس الرئيس عندما يقول في رسالته: "أجدد عميق احترامي وبالغ تقديري لكافة المواطنين الذين أبدوا إرادة صادقة لحثي على الترشح للاستشارة الانتخابية القادمة"! وواضح أن الرئيس زروال لم يغلق الباب كما فهم البعض، بل تركه مفتوحا.. خاصة عندما يقول أن الرئاسيات القادمة هي استشارة وليس انتخابات! وهو يقول هذا من منطق المجرّب.. فالنافذون يختارون الرئيس ثم يقدمونه للشعب للاستشارة فقط؛ حدث هذا مع كل رؤساء الجزائر.. وحتى مع الرئيس زروال نفسه، لذلك فهو هنا يرسل رسالة للناخبين الحقيقيين وليس إلى الذين زاروه أو الشعب الجزائري! ويتضح هذا جليا من خلال قوله إنه ترك الرئاسة بمحض إرادته وليس تحت أي ضغط كما كان يشاع.. وهو بهذا يبرئ الجهات التي قيل أنها أبعدته من الحكم من المسؤولية! خلاصة القول أن زروال يريد أن يكون الأمر صادرا عن أصحاب الشأن في تعيين الرؤساء وليس الانتفاعيين وصيادي الفرص.. وهذه خطوة جدية منه قد يكون لها ما بعدها!