غزة عرت الزعماء العرب وفضحت بحق من ينظرون الى أنفسهم كزعماء وصناع القرار العربي ويعيشون وهم قيادة الصف العربي ..اليوم لا أحد يصدق مقولة مصر الدولة المؤثرة والفاعلة في الوطن العربي ولا أحد أيضا يعتبر السعودية كدولة بإمكانها صناعة الضغط والوساطة ..الشهداء يسقطون بالعشرات يوميا في حي الزيتون والشيخ رضوان وخان يونس وباقي مناطق قطاع غزة وملوك وأمراء الخليج يلتقون في السعودية ليخرجوا بلا قرار وكأنهم التقوا لارتشاف الشاي وعودة كل واحد منهم من حيث جاء، وهناك في مصر عدد من المفاوضين الاسرائبيين والفلسطينيين في مجيئ ورواح وحدهم يعبرون معبر رفح مساع مصرية فقط لإنجاح مبادرة ولدت ميتة لأنها لا تخدم الفلسطينيين بقدر ما تريح أكثر الاسرائليين ورغم ذلك تحفظ بشأن بعض نقاطها اليهود وليفني التي طارت الى نيويورك لا يهمها سوى قطع السلاح على المقاومة .. الرئيس المصري الذي يلقى يوميا اللعنة واقبح السباب والشتم عبر الفضائيات فضل الانزواء تاركا وزير خارجيته أبو الغيط هائما وسط تصريحات مخزية ومضحكة أحيانا ..زعماء العرب بحق أتفقوا أن لا يتفقوا وبينوا للعالم أنهم أضعف الأجناس فوق المعمورة وغزة فضحتهم والتاريخ سوف يسجل نقاطا تزيد شرخا أكبر وتبعد الشعوب من المحيط الى الخليج عن حكامهم اللاهثين خلف كرسي لا تزعزعه سوى الموت .. كل الآمال كانت معلقة على قمة الدوحة في قطر التي عقدت أمس بمن حضر فالمقاطعة كانت بمثابة عار آخر لدعاة التطبيع مع إسرائيل ومن فتحوا بلدانهم لإقامة سفارات للكيان الصهيوني هناك وعلاقات اقتصادية مع اليهود فمبارك مصر كان أول من أعلن المقاطعة وتحركت دبلوماسية بلده في كل الاتجاهات لجر بلدان أخرى لعدم الحضور حتى لا يكتمل النصاب، ومن ثمة تكون قمة الدوحة استشارية فقط فسارع زين تونس لإعلان عدم المشاركة ليحدو حذوه ملك المغرب في المغرب العربي وسعت السعودية أيضا الى جر بلدان خليجية لعدم الذهاب الى الدوحة فغاب أكثر الخليجيين ولم يشارك أيضا عاهل الأردن مفضلين قمة الكويت للتنمية الاقتصادية والاجتماعية لمناقشة على الهامش قضية بحجم ما يجري في غزة والانتظار الى يومي الاثنين والثلاثاء القادمين للخروج برأي لن يكون في كل الأحوال قادرا على وقف الحرب التي يبدو أن الصهاينة اتفقوا مع حلفائهم الأزليين ليكون وقف الحرب على يد "أوباما" الذي يستلم مقاليد الحكم الثلاثاء المقبل؟ قمم العرب بلا همم وباتت بمثابة اجتماعات للاستهلاك والانقسام صار اليوم أكثر وضوحا بين حكام لن يقدموا شيئا للقضية الجوهرية للعرب القضية الفلسطينية على شاكلة المقاطعين لقمة الدوحة وحكام بأضعف الإيمان على شاكلة المشاركين فيها.