يتحدث الدكتور مروان أبو الراس، رئيس رابطة علماء فلسطين بقطاع غزة، وعضو كتلة حماس بالمجلس التشريعي الفلسطيني، في حواره لجريدة ''البلاد''، عن جملة من القضايا المرتبطة بالشأن الفلسطيني، وعلاقة حركة المقاومة الإسلامية حماس بعدد من الملفات الشائكة في الشرق الأوسط، بدءا بموقفها من الأزمة الحاصلة بين مصر وحزب الله، مرورا بعلاقتها مع إيران وتركيا والدول العربية الموصوفة بالاعتدال.كما تطرق في حواره لآخر تحركاتهم حيال موضوع تهويد القدس الشريف والاتصالات القائمة بهذا الشأن، ليختم بالتعريج على ذكر الهدف من زيارته الثانية للجزائر ومدى تفاعل الجهات الرسمية والشعبية معها.. ابتداء كيف تقدمون أنفسكم للشعب الجزائري..وهل يمكن فعلا اعتباركم مفتي حركة حماس كما جرى تعريفكم على صفحات إحدى الجرائد الوطنية؟ في مستهل كلامي، لا بد أن أتوجه بالشكر الجزيل إلى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة وإلى الحكومة والبرلمان والشعب الجزائري الحبيب، الذي في كل يوم نرى منه المزيد من التضامن والوقفة البطولية مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.. الحقيقة أنا أستهجن كيف تنشر صحيفة معلومات مغلوطة عني وتحرر كلاما محرفا على لساني، كما أستغرب كيف لهذه الصحيفة أن تلبّسني منصبا لا أدعيه بإبرازي في لقب لا أمثله على صفحاتها الأولى، بادعائها أني مفتي حماس. علما أن هذا اللقب المذكور لم تسمني به إلا سلطات الاحتلال الصهيوني، حركة حماس ليس لديها مفتي خاص بها، كما أن هناك مفتي واحد بقطاع غزة هو المتخصص في الفتاوى والإجابة على الاستفسارات الدينية لأهالي القطاع، وأريد أن أذكر الإخوة هنا أني قد جئت إلى الجزائر بصفتي عضو بالمجلس التشريعي الفلسطيني ورئيس هيئة علماء فلسطين بقطاع غزة، لذلك فاتصالنا بهذه الصفة مع الناس يكون كدعاة أو كبرلمانيين، ومنصب رئيس رابطة علماء فلسطين ليس فيه أي إشارة إلى اختصاص الإفتاء لأن هناك هيئة إفتاء خاصة تابعة لهذه الرابطة، يشارك فيها عدد من المتخصصين في الإفتاء وأنا أصلا لست أحد هؤلاء المختصين، لذلك رأيت من الضروري أن أوضح هذا الخلط الذي وقع فيه القائمون على هذه الجريدة.. على ذكر حواركم مع هذه الجريدة، وتزامنه مع تأزم ملف الخلاف بين مصر وحزب الله، نسب إليكم بهذا الصدد أنكم قلتم لا يجوز لأحد أن يزايد على علاقتنا بحزب الله، ماذا تقصدون بذلك؟ أجدني حريصا هنا أن أرد على جملة من المغالطات الواردة في نص المقابلة التي أجريت، أنا أستهجن كيف تذكر صحيفة لها تواجدها المؤثر في الساحة الإعلامية الجزائرية شيئا لم أصرح به، وتنقل على لساني كلاما لم أقله بتاتا، النص الذي نشر قبل يومين قال على لساني كلاما عجيبا أنا أتحفظ عليه وأرفضه شكلا ومضمونا، الذي أقوله الآن لصحيفتكم الكريمة والذي قلته سابقا لجميع وسائل الإعلام هو أننا نعتبر أمن مصر يعنينا جميعا في حركة حماس، وموقفنا هذا واضح لا غبار عليه ولا لبس فيه. كما أن أمن جميع دول العالم العربي يعنينا بدرجة كبيرة لا تقل عن رؤيتنا لأمن المقاومة، نحن لا نتدخل في شؤون الدول مطلقا ولذلك أشير إلى أن هذه القضية الخلافية بين حزب الله وجمهورية مصر العربية لا نريد لأحد أن يقحمنا فيها، ونطمح من الجميع أن يبعدونا عن أجوائها وإن كان من الواجب التذكير بحق المقاومة في إدخال الوسائل اللازمة بالشكل الذي يزيدها قوة من أجل طرد المحتل عن أرضنا. حديثكم هذا يجرنا إلى موضوع اتهمتكم به بعض الدول المدرجة في خانة الاعتدال، وهو متعلق بإدخالكم عناصر جديدة في معادلة الصراع مع إسرائيل من خارج الإطار العربي، وأعني هنا إيران على وجه التحديد، ما هو ردكم على ذلك؟ في الحقيقة هذا كلام طالما سمعناه من وسائل الإعلام العربية، لكننا نقول أولا إن القضية الفلسطينية ليست محصورة على الفلسطينيين، كما أنها ليست حكرا على العرب وحدهم ، فهي حق على كل مسلم من واجبه أن يدعم هذه القضية باعتبارها أرض وقف يشترك فيها جميع المسلمين، نحن دائما نخاطب المسلمين في جميع الدنيا بأن لا يتنازلوا عن حقهم في فلسطين، الأتراك لهم الحق في التعاطي مع القضية وهم أصحاب تاريخ، والإيرانيون كذلك هم معنيون بالملف الفلسطيني، كما أن العرب جميعا لهم الحق والأولوية في الدفاع عن القضية، ربما غياب الدور العربي الرسمي الفاعل والمؤثر أعطى فسحة للآخرين ليجدوا موطأ قدم لهم ولكننا نقول إن الجميع من حقه أن يشارك في الدفاع والمحافظة على القضية. ومن الضروري أن نقول أيضا إن هناك دولا عربية وقفت معنا بلا شك، ولا يمكننا أن ننكر وقفتها الشجاعة والبطولية، على غرار دولة قطر التي وقفت موقفا مشرفا أثناء العدوان وكذلك الحال بالنسبة للسودان واليمن المعروفة بدورها في مسألة المصالحة بين الفرقاء في الساحة الفلسطينية، ولا ننسى الموقف السوري الحيوي والداعم والحاضن للقضية الفلسطينية، باعتبار أن سوريا تمثل الحضن الواسع للقضية. أما إذا أردنا الحديث عن الجزائر فعندنا الكثير مما نقوله عن وقفتها المتميزة في هذه المرحلة من مراحل التاريخ، ونجدد ما ذكرناه منذ البداية من أن الجزائر رئيسا وحكومة وبرلمانا وشعبا لهم وقفة مميزة في دعم المقاومة والقضية على وجه العموم. تحدثتم عن صمود المقاومة أثناء العدوان، هل من الممكن أن تضعونا في صورة الجهوزية التي هي عليها الآن؟ نحن عشنا الحرب، التي كانت بكل المعايير والمسميات حربا طاحنة واستئصالية، والذي حقيقة عشناه خلال هذا العدوان زاد من ثقتنا في شباب المقاومة ورجالها بأنهم يستطيعون بإذن الله و بإيمانهم الدفاق وجرأتهم وشجاعتهم أن يدافعوا عن غزة وأن يدفعوا إلى العمل على تحرير المقدسات، ولكن الذي أريد أن أوضحه أيضا في سياق بعض المقابلات الصحفية التي ذكروا في ثناياها أننا حددنا كميات من الأسلحة وما إلى ذلك من هذا الكلام، نؤكد من هذا المقام أنه لا علم لنا بما دخل وبما سيدخل لدعم المقاومة، لأننا ببساطة سياسيون لنا موقعنا في المجلس التشريعي وأعضاء في البرلمان ليس لنا علم بمثل هذه المعطيات والتفاصيل، هناك بيانات صحفية تحدث عنها أبو عبيدة الناطق الرسمي باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام، وقال فيها بأن ماتم فقده أثناء فترة العدوان لم يتجاوز 45 مجاهدا، وهو الذي أكد أن المقاومة استعادت عافيتها وقوتها وأدخلت السلاح ومن حقها ذلك.. هذا ما سمعناه كما سمعه كل الناس، لذلك فإننا نكذب ما نقل عنا في بعض الصحف، نحن نقول إن المقاومة من حقها أن تزيد قوتها بكل الطرق والوسائل لأنها مقاومة مشروعة اعترف كل العالم بها.. أوروبا والأمم المتحدة يعتبروننا شعب محتل من حقه مثل كافة الشعوب المقاومة والدفاع عن النفس وهذا حق كفلته لنا جميع القوانين الوضعية والشرائع السماوية والأرضية. يأخذ عليكم الكثير من المراقبين قلة بروز صوت حركة حماس المعهود حين يتعلق الأمر بتهويد القدس، وقد لاحظنا في الآونة الأخيرة أن هذا الصوت خف بشكل كبير، ما مرد ذلك؟ في الحقيقة، كان هناك انشغال بالأوضاع في داخل القطاع وما خلفه العدوان من تدمير شامل للبيوت وتجريف للأراضي والحقول، هذه الحرب الشرسة لا بد أنها ستشغل أصحاب القرار وحتى جماهير شعبنا بمشكل إعادة إعمار ما هدم، لذلك فهم يستغلون هذه المرحلة بالذات ويحاولون العمل بوتيرة أسرع من أجل تهويد مدينة القدس، نحن نقول إن مدينة القدس هي في قلب كل مؤمن وخصوصا أصحاب القضية وبوجه أخص رجال المقاومة لأنهم يتربون على حب الأقصى والانتماء له وحرصهم على تحرير ماتبقى من أرض فلسطين وصون مقدساتها لا تحتاج إلى دليل.لكن عمليا، ماذا قدمتم لمواجهة الحملة الحالية التي يتعرض لها المسجد الأقصى، خاصة وأن عدة تقارير تشير إلى تسارع عملية التهويد بعد صعود حكومة نتنياهو في الانتخابات الأخيرة؟ بالطبع قمنا بعدد من الخطوات في اتجاه وضع الرأي العام العربي والإسلامي وصناع القرار أمام المستجدات الراهنة على الأرض، وليكن في المعلوم أن هناك إذاعة وفضائية مقربة من حركة حماس تعمل على فضح كل ممارسات الصهاينة داخل المدينة القديمة بالقدس الشريف، لإبقاء القضية حاضرة دائما في قلوب المسلمين وقلوب أبناء فلسطين، كما أن هناك شبكة إعلامية واسعة تعمل تحت هذا العنوان تعرف بشبكة الأقصى العالمية، نحرص من خلالها على أن نتواصل مع الجميع، وزّعنا أيضا نشرة كاملة مفصلة عن عملية التهويد التي تتعرض لها المقدسات في المدينة القديمة، وقمنا بإرسالها إلى أصحاب القرار في السعودية وقطر والبحرين وبقية الدول الأخرى في العالم الإسلامي على غرار اندونيسيا، وهناك من بُلّغ بدقائق الأمور إما شفهيا أو كتابيا، ونحن على اتصال دائم عبر كل المؤسسات والقنوات المتاحة للاتصال مع جميع أصحاب القرار والمسؤولين كما حصل وأن اتصلنا بالمسؤولين هنا في الجزائر ووضعناهم أمام صورة الأوضاع الراهنة على الأرض. وأنتم بصفتكم رئيس رابطة علماء فلسطينبغزة، ماذا قدمت بهذا الخصوص؟ نحن في رابطة علماء فلسطين اشتغلنا على أن نوصل ما يجري في القدس والأقصى، لأكبر قدر ممكن من الجهات المؤثرة على مستوى العالم، حيث قمنا بتنظيم ندوة إعلامية مفتوحة على الإعلام وتواصلنا مع علماء من العالمين العربي والإسلامي واجتمعنا بهم لتدارس الموضوع. كما طبعنا كتابا مؤخرا يتحدث عن الاعتداءات الصهيونية على المسجد الأقصى منذ العام 67 إلى اليوم ، ووزعناه في مؤتمر القدس الذي تم عقد هنا في الجزائر قبل عامين، بالإضافة إلى أننا نتواصل مع جهات علمائية عديدة من أجل وضعهم في آخر التطورات، نشارك دائما في لقاءات مؤسسة القدس العالمية وقمنا بعقد مؤتمرات عديدة للتواصل مع العالم الخارجي..ولازال عندنا المزيد وسنبذل كل جهد مستطاع لنضع كل العالم في صورة ما يجري. هل من الممكن أن تطلعونا على برنامج زيارتكم للجزائر؟ في الحقيقة بصفتنا أعضاء أنا وأخي عبد الرحمن الجمل بالمجلس التشريعي الفلسطيني، وبدعوة كريمة من الأستاذ أبوجرة سلطاني رئيس حركة مجتمع السلم، جئنا في زيارة رسمية إلى الجزائر لتبيين آخر المستجدات المتعلقة بالقضية الفلسطينية وآثار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، نحن نقوم بجولة في الولاياتالجزائرية نتقابل فيها مع كل الناس، لدينا برنامج لقاءات مع الكتل البرلمانية في المجلس الشعبي الوطني، كما برمجنا لقاءات إنشاء الله مع بعض المسؤولين الجزائريين لنطلعهم بدورهم على أحوال الناس في غزة، خاصة وأن القطاع لا زال يعاني من دمار واسع صاحبه عدم وجود القدرة على إعادة الإعمار، فالبيوت مازالت مهدمة على حالها وأكثر من 100 مسجد مدمر مازال على حاله كذلك، مازال 150 ألف عامل لا يدخلون إلى عائلاتهم مايسدون به رمقهم ولازالوا يعيشون على الصدقات، لذلك نحن نريد أن نؤكد للشعب الجزائري الحبيب أن تبرعاته تصل إلى مستحقيها هناك داخل الأراضي المحتلة.. نحن نريد من أصحاب القرار في الجزائر أن يواصلوا وقفتهم الرجولية التي عودونا عليها ولا نشك في ذلك إطلاقا. كيف رأيتم تفاعل الجزائريين في الولايات التي زرتموها؟ والله شيء عجيب..أنا سأذكر لك موقفا واحدا صادفني بولاية بسكرة، حين كان بعض الإخوة ينتظرون لاستقبالنا، فبمجرد ما وصلت إلى أحدهم عانقني وأخذ يبكي بدموع غزيرة، وجدنا أناس يبكون ليس تعاطفا وإنما تعبيرا عن الحب والانتماء الحقيقي والعلاقة الوطيدة والتواصل المعرفي المستوعب لدقائق الأمور.. وجدناهم يعرفون أحياء غزة وشوارعها بل يعرفون حتى أسماء القادة والجنود وشهداء المقاومة.. هذا يجعلنا نقول إن الجزائر التي عاشت الثورة وقدمت لأجل التحرير هذا العدد الكبير من الشهداء، تستحق بحق أن تكون أفضل نموذج يمكن أن يحتذى به، لأن البلد الذي قدم هذا العدد الهائل من الشهداء والأبطال هو بلد كريم لشعب كريم يجب أن يكون مثاله حاضرا وشاخصا على الدوام في عقلية الشعب الفلسطيني وفي وجدان كل مقا