سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الدراما الجزائرية تحتاج إلى "مُخطّطين" وأحمد زكي ليس الاستثناء الوحيد في السينما المصريّة شبابنا مصاب ب"الزهايمر" والمسلسلات التركيّة لعبة تجاريّة تافهة مبدع "أم كلثوم"،"حليم" و"ناصر".. السيناريست المصري محفوظ عبد الرحمن في حوار ل"الفجر"
* بداية وعلى ضوء معرفته بالسينما الجزائرية، ماذا يستطيع محفوظ عبد الرحمن القول عن راهن السينما الجزائريّة؟ - لا أستطيع الحكم على الأعمال الكاملة لبلد ما من خلال حكمي على عمل أو عدة أعمال، هناك أعمال قديمة وحديثة تعجبني كثيرا، كما هنالك أعمال لا تروقني. وواضح أن هناك إجماعا من طرف المتدخّلين في اليوم الدراسي حول مشكلة السيناريو في الجزائر، أعتقد أن السينما والدراما الجزائرية تحتاج أكثر من أي وقت إلى كتاب سيناريو "مخطّطين". لكن هذا لا يقتصر على الجزائر فقط بل في كل دول العالم. بناء السيناريو هو تماما كالتخطيط لبناء عمارة؛ فإذا كان التخطيط سيئا تسقط العمارة، ولكي يكون الفيلم قويا، لابد أن يكون السيناريو قويا وجيدا.. السينما العربية على العموم فيها أفلام جيدة وأخرى متوسطة وهابطة، وهذا هو حال السينما في كل دول العالم وقد رأيت أفلاماً أمريكية تساءلت بعدها من يقف وراءها وكيف دفعوا أموالاً طائلة على أفلام هابطة فنياً مثلها. * عرفناك كاتب سيناريو لأبرز المسلسلات والأفلام التي تعالج السيرة الذاتية لبعض الشخصيات السياسية والفنيّة المعروفة، مع تسجيل رأي بعض النقّاد الذين أعابوا عليك إدخال بعض التفاصيل الشخصيّة "الخيالية" في الأعمال المذكورة، ما هو الحدّ الفاصل بين السيرة الذاتية والخيال؟ - لا بدّ للخيال أن يدخل مع كتابة السيرة الذاتية، فسيكولوجية الكاتب هي تحويل الخبرة الواقعية الحقيقة الحياتية إلى شيء ذاتي مع إدخال بعض التعديلات فيه لتختلط اللحظة الذاتية بالعامة، وإذا لم يختلط العام بالذاتية فهناك شيء ناقص. فأنا لو كتبت العام دون الإحساس بالذات لن أكتب سيناريو وإنما خبرا أو موضوعا صحفيا. لا بد على كاتب السيرة الذاتية أن يوازن بين كتابة السيرة الذاتية والخيالية. * انتشرت في السنوات الأخيرة ظاهرة العودة إلى التاريخ وبلورة أحداثه المختلفة في أفلام ومسلسلات، هل تعتقد أن هذا الرجوع صحّي أم مبالغ فيه؟ - نحن بحاجة إلى أن نعود إلى التاريخ، خاصة في المرحلة الراهنة. شبابنا مرضى بداء الزهايمر بدلا من الشيوخ.. فعندما يقول أحدهم إنه لا يعرف "جمال عبد الناصر" فإن عقله يحتاج إلى صعقة كهرباء.. عشت عمرا طويلا، اقتربت فيه من ذلك التواصل التاريخي بين الأجيال. واليوم افتقدنا إليه فنحن بحاجة إلى هذا التواصل وهناك مثل شعبي يقول "الذي ليس له تاريخ ليس له مستقبل"، وليس له أصل.. لذلك نحن اليوم في أمس الحاجة للعودة إلى التاريخ من خلال أقرب الوسائل لذهنية الشاب المعاصر سواء بالسينما أو بالتلفزيون. * ما دمنا نتحدّث عن الشباب، كيف تقيّم حركة الكتابة الشبابيّة للسيناريو في الوطن العربي وفي مصر بالتحديد؟ - هناك شباب موهوبون ولهم خبرات وأفكار بديعة، تتجاوز كل ما هو موجود لا تحتاج سوى إلى وقت لكي تنضج. كتابة السيناريو تحتاج إلى موهبة، وهناك من يملك هذه الموهبة لكنه لا يستثمر فيها ويتركها خامدة في مخيّلته.. الموهبة لا تكفي، يجب دعمها بالدراسة ودراسة السيناريو تتم بالاطلاع الواسع والقدرة على الخيال والإبداع، ثم تأتي الخبرة وتتأتى هذه الأخيرة بالاستفادة من خبرة الغير ومن تجاربه. * هل هناك فرق بين الكتابة الروائية وكتابة السيناريو، وما الذي يضيفه كاتب السيناريو للعمل الروائي المقدّم للسينما أوالتلفزيون؟ - تتميّز كتابة السيرة بطابعها التاريخي، لكن ميزتها أنّها تتطرّق إلى حياة شخصيّة معروفة، مما يضع كتابتك في وضع مقارنة بينها وبين كتب من قبل.. مثلا عندما أردت كتابة سيرة حياة كوكب الشرق "أم كلثوم"، سئلتُ عن الجديد الذي سأضيفه وما يمكن أن يميّز ما سأكتبه عن باقي الكتابات التي تطرّقت إلى سيرة حياة الشخصية فقلت لا جديد أقدّمه، غير طريقة الطرح التي أحاول من خلالها أن أضيف لمسة خاصة تحسب لي. من جهة أخرى هناك فرق بين ما يكتبه الروائي وما يكتبه السيناريست..الروائي يكتب ما يريد وكاتب السيناريو يكتب ما ينبغي أن يكتب. قد لا يحتاج كاتب الرواية إلى دقائق الأمور لكن كاتب السيناريو لابد أن يعرف كل شيء مطلوب عن الشخصيّات ويجب أن يرويها بطريقة مقنعة × كانت لك اعتراضات علي فيلم "حليم" بعد خروجه للنور، رغم أن بطله كان الفنان الكبير الراحل "أحمد زكي" الذي أبدع في تشخيص العندليب الراحل؟ - أحمد زكي فنان نادر الوجود، وتشخيصه لعبد الحليم حافظ لا غبار عليه، لكن أحمد زكي ليس استثناءً.. فقبله كان الفنان عبد الله غيث الذي اشتغلت معه طويلا، إضافة إلى فنّانين آخرين. لكلّ فنّان خصوصياته ولكلّ زمن مبدعوه. * هناك العديد من قضايا الراهن والمشاكل التي يتخبّط فيها المواطن العربي، لم تلق طريقها إلى سيناريوهات الأفلام العربية والمصريّة بالتحديد، هل تعتقد أن السينما العربية تخلّت عن واجباتها التوعوية لصالح الأولويات التجاريّة؟ - لا تمسكيني من لساني. ولا تحاولي جرّي إلى قول أشياء أندم عليها.. أحيانا أقول كلاما وبعدها أدور عليه. لكننا لا يمكن أن نحمل السينما أكثر من طاقتها ونتصور أن السينما ستحل لنا كلّ مشاكلنا.. مرة قالت لي امرأة في قاعة السينما على هامش العرض الشرفي لإحدى الأفلام "يا أخي اكتب لنا مسلسلا تحل فيه مشاكل طوابير العيش".. تصوّرَت أن بيدي الحلّ.. ! السينما فعلا تلعب دورا هاما في حياتنا اليومية.. فهي تسلّط الكاميرا على بعض المشاكل التي تحتاج إلى حلول وليست هي حلاّلة المشاكل. * هل سنرى يوما عملا سينمائيا أوتلفزيونيا مرتكزا على سيناريو للكاتب "محفوظ عبد الرحمن" يتطرّق لسيرة حياة شخصية تاريخيّة جزائرية؟ - لم أفكر يوما في ماذا سأكتب، كلما أعلنت نيّتي في كتابة موضوع ما أثبت دائما العكس.. لم أكتب يوما ما خطّطت له .. لذلك عندما أكون غير واثق من أي سيناريو، أقول للمنتج سأسلمك عملا ما عن موضوع ما أجد نفسي بعدها أسلمه عملا لا يمتّ بصلة للعمل المتّفق عليه.. أظنّني أشبه الشاعر الكبير أحمد شوقي في هذا الأمر. الفرق بين شوقي والشاعر حافظ إبراهيم، هو أن حافظ يتكلم كثيرا ولكنه لا يفعل، أما شوقي فإنّه يعمل في صمت. الأكيد أن كتابة سيرة حياة بعض الشخصيات العربية المعروفة تراود مخيّلتي في السنوات الأخيرة، وبما أن الجزائر تزخر بأكثر من شخصيّة تاريخيّة فذّة فأنا لا أستبعد الكتابة عنها. * مجمل أعمالك لا تخلو من الرسائل السياسية، فكيف تقيّم العلاقة بين الفنان والسلطة؟ - العلاقة بين الفنان، أوالمثقف عموما والسلطة هي علاقة إشكالية، وهي علاقة لعينة وضرورية في الوقت نفسه.. لا يستطيع أي طرف من الطرفين الاستغناء عن الآخر. تحتاج السلطة لتبرير وجودها على يد المثقف ويحتاج المثقف إلى السلطة لأجل لقمة عيشه.. وقد يكون الطرف الأكثر تضررا من هذه العلاقة هو المثقف، والسلطة هي الأكثر استفادة. * ما رأيك في موضة المسلسلات التركية التي شغلت مؤخرا بال المشاهد العربي؟ - هناك احتمالان اثنان حول هذه القضيّة.. ببساطة، إما أن قضيّة طفرة متابعة المسلسلات التركيّة قضيّة مدبرة من طرف بعض الجهات التي تقف وراء بعض المؤسسات الإعلامية الكبرى، تهدف إلى إفساد عقول الشباب العربي. أوأنّها صدفة ساذجة ولعبة تجاريّة محظوظة وجدت من يتبنّاها في مجتمعات تافهة.