الأصوات النسوية بات لها حضور قوي في الساحة الأدبية المشاركة بمجلات عربية هي مشاركة صحية للكاتب أديبة وشاعرة جزائرية.. صنعت مكانتها محليا ووطنيا وبدأ نجمها يسطع عربيا في سماء الشعر والأدب.. بفضل أسلوبها المتميز بالتشويق والإمتاع، وجرأتها في طرح المواضيع وبحروفها التي تمتلئ بالأحاسيس الرقيقة وكلماتها التي تكتنز بطلاقة الخيال، استطاعت أن تستحوذ على قاعدة جماهيرية بين ربوع الوطن وخارجه.. أما أعمالها الأدبية فتتوزع بين القصة والمقال والشعر. + من هي الأديبة والشاعرة أسماء مزاري؟ + كما قال جبران خليل جبران (ما عييت إلا أمام من سألني: من أنت؟)، أسماء مزاري من مواليد 1986 بالعاصمة الجزائر، صاحبة قلم لا يعترف بالتصنيفات ولا تحده أقطارها، بل أحب التنوع وتذوق كل الأصناف الأدبية على اختلافها، عشقت الحرف فقررت خوض غمار حربه، بدأت ألعب بالكلمات مند أمسكت القلم وداعبت به كراستي، كتبت في الرواية والقصة القصيرة والشعر وقصص الأطفال والسيناريو والهايكو والومضة والمسرح، لا أدعي أن تجاربي كانت كلها ناجحة بامْتياز ولا أكتب بغرض تحدي الذات، بل قلمي هو من يملي عليّ وأنا أطاوعه وأترك له حرية الإبحار في أي قارب شاء وإلى أي وجهة أرادها. + كيف كانت بداياتك مع عالم الكتابة؟ وممن تستلهمين أفكارك؟ + لا أذكر كيف كانت بدايتي مع الكتابة، فعلاقتي بالقلم كعلاقة الجسد بالروح، علاقة فطرية، كل ما أذكره أنني كنت طفلة في السنوات الأولى من العمر بدأت تغازل القلم وتنحرف عن الإملاء وحدود الخطوط التي كانت ترسمها لنا الأستاذة وتطلب منا اتّباعها، كنت أحيد عنها وأبحث عن طريق آخر يوصلني إلى وجهة ثانية ربما، أذكر كيف كنت أقوم برسم قصة في مخيلتي وأجسدها في وريقات وأقوم بقص صور الجرائد وإلصاقها إلى جانب القصص، كنت أجد في تلك اللعبة متعة لا تضاهيها متعة، وبعدها بدأت أقرأ وأدمت هذا العالم المدهش بعد أن تعرفت عليه، لم أكن أكتفي بالقراءة لكاتب أو شاعر معين، بل قرأت لعدة مدارس وتعلمت من كل قامة قيمة فعشقت الرمز عند جبران خليل جبران، وأمتعني سرد احسان عبد القدوس، وتشربت الوطنية من أشعار مفدي زكريا وسلاسة الأفكار من دانيال ستيل، أناقة الأسلوب من مصطفى لطفي المنفلوطي، تعلمت التمرد من أشعار أحمد مطر، واستمتعت بالتوغل في دهاليز الغموض من أغاثا كريستي. + ما هي أهم التتويجات التي تحصلت عليها؟ - شاركت بملتقيات أدبية داخل وخارج الوطن، أين تحصلت على جوائز وشهادات في الشعر والقصة والقصة الومضة وقصص الأطفال، فزت بعدة مسابقات أولها كانت سنة ال2015 في مجال القصة أين نلت جائزة 01 نوفمبر 1954 عن قصة (من أجل شجر الزيتون)، جائزة أحسن شعر وطني بولاية بومرداس (الجزائر) سنة 2015 أيضا عن قصيدة (في عشق الجزائر)، جائزة (خناتة بنونة) للإبداع الأدبي بالمغرب عن قصة (جد يعلم جيل) سنة 2016، أما سنة 2017 فتحصلت على جائزة مسابقة (مسافرون) للإبداع فرع القصة، عن قصة (في حضرة سيرتا) إضافة إلى قصة (أبابة) في مسابقة دار ضاد المصرية، في حين نلت المرتبة الرابعة في مجال القصة عن قصة (الأدب في زمن الساندويتش) بمصر والتي تلتها المرتبة الثالثة عن قصة (غابة البشر) لسنة 2018، كذلك فزت في مسابقة روسيكادا العربية بالاشتراك مع مقهى الشيشخان بتونس، أين حصلت على المركز الثاني في المقال الصحفي والمركز الثاني في الومضة في دورتها السادسة والمركز الخامس في المقال الصحفي في دورتها السابعة، أما سنة 2019 فقد فزت بالمرتبة الأولى بمسابقة القلم الحر المصرية عن قصة (حقوقهن). + ما هي دوافعك في كتابة القصة القصيرة.. هل هي التأثر بحياة الآخرين أم ما تتعرض له مجتمعاتنا العربية؟ - كل قصة لها حكايتها وظروف كتابتها، فمثلا قصة في (حضرة سيرتا) تتكلم عن مدينة قسنطينة العريقة وتضاريسها، والتي كتبتها بعد زيارتي لهذه التحفة الربانية، قصة (أبابة) كتبتها في لحظة حنين وشوق لأيام الجامعة، أما قصة (غابة البشر) فكتبتها تأثرا بالظروف السياسية الصعبة التي يعيشها العالم العربي، وبعض القصص تكون وليدة اللحظة أتجرد في حضرتها عن أناي وأسمح لقلمي بالتحليق في عالم الخيال. + من وجهة نظرك القارئ والمثقف العربي، ماذا يجذبه من قصص وكتابات وماذا يرفض منها؟ - أشعر بالأسى وأنا أجيب عن هذا السؤال، فالملاحظ في مجتمعاتنا المعاصرة هو انحطاط وتدني مستوى الذوق العام في جميع مجالات الحياة سواء في الفن أو الهندام أو لغة الخطاب وحتى السياسة، هذه العدوى انتقلت إلى الأدب فتأثر كغيره وأصبح الكاتب أو الشاعر يبحث عن جدب أكبر قدر من المعجبين بأسلوب طغت عليه اللغة الايروتيكية التي أصبح يعتمدها العديد من الكتاب والشعراء لجذب القراء، فتجدهم يتراقصون على أنغام الجسد بطريقة مبتذلة تخدش الحياء للوصول الى شريحة أكبر من القراء، ومن المفروض أن الكاتب هو الذي يعمل على رفع الذائقة الجمالية للقراء وليس العكس، طبعا أنا لا أعمم و لكن أغلب القراء تجذبهم صور اللحم المتدفق من غلاف الكتاب والعناوين التي تلامس وتر الغريزة . + شاركت في عدة مجلات عربية، كيف كانت التجربة؟ - تجربة المشاركة في مجلات عربية هي تجربة صحية ومفيدة لصاحب القلم، لأنها تساعده على الانتشار في مختلف أقطاب العالم العربي والتعريف باسمه وكتاباته ومنها اكتساب جمهور واسع ومختلف، ومن بين أهم المجلات العربية التي شاركت بها عراقية ومصرية حيث كانت تجربة مميزة ومفيدة، خاصة وأنها ساعدتني على نقل صوتي إلى خارج القطر الجزائري وهذا طبعا ما يحتاجه صاحب القلم للتعريف باسمه وايصال أفكاره وأعماله الأدبية. + كيف ترين واقع حضور المرأة الشاعرة والأديبة في المشهد الأدبي الجزائري؟ - كما أسلفت الذكر، أنا ضد الحدود والتصنيفات فحرف واحد لا يحدث الفرق بالنسبة لي، في حين المحتوى والطرح هو ما يحدد مستوى كاتبه وليس تاء التأنيت أو غيرها، أنا ضد تصنيف شعر نسوي أو رجالي، ولكن الملاحظ للحركة الأدبية الجزائرية يجد أن الأصوات النسوية أصبحت حاضرة بقوة في الساحة الأدبية بعد أن كانت البدايات محتشمة، فاليوم برزت وتألقت أسماء أنثوية كثيرة في سماء الشعر أو النثر على حد سواء خاصة بعد ظهور موجة ما يسمى بالشعر النثري والذي أسال حبر الكثيرات على غرار ربيعة جلطي، زينب الأعوج.. وهذا يحسب طبعا للمرأة الجزائرية التي لا تنفك تثبت ذاتها في كل المجالات سواء الأدبية أو العلمية وغيرها. + مع اكتساح مواقع التواصل الاجتماعي عالم الشباب، هل تعتقدين بأنّ عصرنا بات بعيدا عن عصر الرواية والشعر أم أنهما لا زالا بخير بلا منازع؟ - كل عصر له خصوصيتة وعصرنا الحالي يعرف غزوا رهيبا لوسائل التواصل الاجتماعي وشبكات المعلومات الرقمية، لقد تغيرت طريقة القراءة وتغير القارئ فأصبحت أغلب فئات المجتمع تبحث عن المعلومة السريعة والتي تجدها في المواقع والكتب الالكترونية وأصبحنا نلاحظ تغييب شبه تام للكتاب الورقي الذي يعد الأفضل والأصح لتنمية المدارك الفكرية للعقل البشري، فكمية المعلومات المتدفقة عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي مع قلة التركيز يجعل العقل يعاني من زخم معلوماتي كبير لا يستطيع العقل استيعابه ولا يحتفظ منه إلا بجزء بسيط جدا أما الكتاب الورقي الذي يحتاج قارئه إلى تركيز وهدوء وبالتالي تدفق سلس للمعلومة فقد غيب عن المشهد وأصبح أسير المكتبات والأدراج، للأسف وأنا أناشد من هذا المنبر شبابنا للعودة الى الأصل والتمسك بالكتاب الورقي، ولست ضد المواقع الالكترونية بل بالعكس أنا أستعين بها في الكثير من الأحيان ولكن في حدود المعقول، لأن الافراط في استعمالها مع إهمال الكتاب ينجم عنه إشكالية فقدان الهوية والتمسك بالسراب وبالتالي السير نحو مصير معتم للجيل القادم. + هل تتعاملين مع النشر الإلكتروني لما يتميز به من سهولة وسرعة في النشر؟ - أنا أفضل النشر الورقي على الإلكتروني هذا من جهة، ومن جهة أخرى أرى أن خطوة النشر لا تزال مبكرة فأنا أريد التأني قليلا لمراجعة أعمالي وتدقيقها قبل تقديمها للقارئ، لا أخفيك أن أغلب دور النشر تبحث عن الربح السريع دون الأخد بعين الاعتبار مستوى وجودة المادة، لقد قرأت كتبا مليئة بأخطاء لغوية ونحوية لا تغتفر ولا أريد الوقوع في نفس الخطأ، أنا كصاحبة قلم في بداية مشواره لا أريد التسرع في صعود سلم النجاح فقد يكون الارتطام بالأرض مؤلما جدا، لهذا أنا أبحث عن دار نشر جدية تضع جودة الكتاب على رأس قائمة أولوياتها. + هل من أعمال أدبية في الأفق؟ - هناك رواية جديدة أعمل عليها تحت عنوان (ثلاثة نساء ونصف رجل)، عندي أعمال كاملة مثل رواية حب تحت أقدام الغضب وعلى ضفاف الماضي، وموسوعة أمثال شعبية تحت عنوان: ريحة البهجة، وأحضر لجمع أعمالي الفائزة من القصص القصيرة في مجموعة قصصية لم أستقر بعد على اسمها.