أجمعت منظمات دولية واقليمية وعدة حكومة على أن الاولوية بليبيا الآن هي تحقيق وقف لاطلاق النار من أجل حقن دماء أبناء هذا البلد، والعودة الى مسار الحل السياسي الذي يظل السبيل الوحيد لاعادة الامور الى حالة التهدئة طويلة الامد. وأمام استمرار تدهور الوضع والدرجة التي تسارعت بها الاحداث في ليبيا، والتي سترمي بتبعاتها حتما على استقرار المنطقة، تعالت الاصوات المطالبة بضرورة ارساء وقف لاطلاق النار وانهاء المعارك. وكانت الجزائر من السباقين في المناشدة لما فيه مصلحة الليبيين وسيادة دولتهم ووحدة أراضيهم، ولم تتوان في تكثيف الجهود من أجل تشجيع الليبيين على العودة الى طاولة الحوار. فهي التي أكدت منذ البداية على ضرورة أن يكون الحل للازمة بالبلد الجار، ليبيا-ليبيا، واستقبلت على أرضها من أجل ذلك عدة جولات للحوار بين الشخصيات و الاحزاب السياسية الليبية، و هو من بين المسارات التي انبثق عنها الاتفاق السياسي الليبي لسنة 2015 المسطر للخروج من الازمة. وهذا ما أكدت عليه الجزائر من خلال رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، الذي استقبل الاثنين الفارط رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية، فائز السراج، حيث أبرز أن موقف الجزائر تجسد منذ اندلاع الأزمة الليبية، في الدفاع عن الوحدة الترابية الليبية في المحافل الدولية وعلى كل المستويات، وفي تقديم مساعدات للشعب الليبي الشقيق، تعبيرا عن المودة التي يكنها له الشعب الجزائري ويمليها عليه واجب الأخوة والتضامن وحسن الجوار، وأيضا التزاما من الجزائر باحترام مبادئ القانون الدولي . ودعت الجزائر، خلال هذا اللقاء، المجتمع الدولي وبالخصوص مجلس الأمن الدولي، إلى تحمل مسؤولياتهم في فرض احترام السلم والأمن في ليبيا . المحادثات كانت فرصة أيضا جدد فيها رئيس الجمهورية التذكير ب الموقف الثابت للجزائر حيال الأزمة الليبية والذي يستند أساسا إلى مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير . ومع تواصل التصعيد العسكري حول العاصمة طرابلس وفي عدد من مدن البلاد واستمرار سقوط الليبيين بين قتلى وجرحى، تلوح في الافق بوادر أزمة انسانية في ظل صعوبة ايصال المساعدات الانسانية الى مستحقيها الذين يزيد عددهم يوما بعد يوما مع استمرار التوتر. وقد حذرت مساعدة مبعوث الأممالمتحدة إلى ليبيا، ماريا دو فالي ريبيرو، الأسبوع الماضي، من خطورة الأوضاع الإنسانية في طرابلس،واشارت الى احتمال تدهورها. صورة اخرى للازمة الانسانية التي تتهدد ليبيا جراء الاقتتال، أظهرتها الارقام التي قدمتها الاممالمتحدة أمس وأوضحت فيها أن أزيد من 50 ألف أسرة ليبية نزحت من ديارها بسبب تصاعد المواجهات العسكرية حول العاصمة طرابلس. وتوخيا لتفاقم آثار الحرب، وجهت العديد من الدول والمنظمات الدولية الاقليمية رسالة لجميع الليبيين بكل أطيافهم بضرورة التوصل إلى وقف لإطلاق النار، والعودة إلى الحوار على مسار الحل السياسي للازمة.