تبذل الجزائروتونس، الحريصتان على البقاء على مسافة واحدة من معسكري الحرب في ليبيا والرافضتان لأي تدخل أجنبي في البلد الجار، جهودهما للتوصل إلى حل سلمي في ليبيا. ووسط نشاط دبلوماسي حثيث، حضت الجزائر المجتمع الدولي وخصوصا الأممالمتحدة على تحمل مسؤولياتها لفرض وقف فوري لإطلاق النار وإنهاء التصعيد العسكري في ليبيا. ومنذ قرار تركيا الأخير بنشر قوات في ليبيا، تكثف الدبلوماسية الجزائرية المشاورات، بغرض تهدئة الازمة المهددة بالتدويل. واعتبر مدير البحوث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية بباريس كريم بيطار أن الجزائرتسعى خصوصا للحفاظ على استقرارها. وأضاف أن الجزائر ليست لها مصلحة في أن تكون في قلب هذه الحرب بالوكالة في ليبيا. واعترافا بدورها الإقليمي رغم عدم ظهورها دوليا منذ إصابة رئيسها السابق عبد العزيز بوتفليقة بجلطة دماغية في 2013، تمت دعوة الجزائر رسميا للمؤتمر الدولي المقرر قريبا في برلين، لمحاولة التوصل الى حل سياسي في ليبيا برعاية الأممالمتحدة. وليبيا الغارقة في الفوضى منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي في 2011، منقسمة اليوم بين سلطتين، حكومة الوفاق الوطني المعترف بها من الأممالمتحدة ومقرها طرابلس، وسلطة موازية في الشرق مدعومة من المشير خليفة حفتر. وتعتبر الجزائر التي ترفض كل تدخل أجنبي في ليبيا، طرابلس خطا أحمر لا يجب تجاوزه. وتدعو الى عودة سريعة لمسار الحوار الوطني الشامل. ويرى مراقبون أن أولويات السلطات الجديدة في الجزائر واضحة وهي رفض كل تدخل أجنبي وتعزيز أمن الحدود وتجديد التأكيد على سيادة حكومة الوفاق وشرعية فائز السراج، الذي يستقبل بانتظام في الجزائر. وقال المحلل جلال حرشاوي إن "الجزائريين ضد حرب حفتر على طرابلس لأنهم على قناعة تامة أنه لا يستطيع إنهاءها". وأضاف: "هم يعتقدون أننا إزاء حرب مدن لا يمكن الانتصار فيها وبلا نهاية ما سيعني أزمة إنسانية متعاظمة وموجات نزوح يمكن أن تؤثر على تونسوالجزائر، دون نسيان مخاطر تصاعد الآفة الجهادية". وللجزائر وتونس اللتان تتشاوران في الملف الليبي، الانشغالات الأمنية ذاتها. فالجزائر لها نحو 1100 كلم من الحدود مع ليبيا، ولتونس حدود طولها 450 كلم مع جارتها الشرقية. يذكر ان سلسلة الاعتداءات الجهادية التي شهدتها تونس في عامي 2015 و2016 تم التخطيط لها في ليبيا، كما حاول تنظيم "الدولة" انطلاقا من الأراضي الليبية الاستيلاء على مدينة بنقردان (ولاية مدنين، جنوب شرق تونس) في 2016. وأثارت الزيارة غير المعلنة للرئيس التركي رجب أردوغان مؤخرا لتونس تساؤلات، وتساءلت صحيفة "لابراس" التونسية الحكومية "هل ستستخدم تونس قاعدة خلفية للتحالف المعادي لحفتر أو ستكون وسيطا في هذه الأزمة؟". ووضعت الرئاسة التونسية حدا للتكهنات بتأكيدها أن "تونس دولة ذات سيادة ولن تقبل أبدا أن تكون ضمن أي حلف".ورأى المحلل السياسي التونسي يوسف الشريف "أن تونس باقية على السياسة الخارجية التقليدية القائمة على عدم الانحياز". وأضاف: "الأمر المهم الذي بإمكان تونس أن تفعله هو وضع مستشفياتها على ذمة الجرحى وعدم غلق حدودها أمام اللاجئين". وكانت تونس آوت في 2011 مئات آلاف الأشخاص الفارين من النزاع في ليبيا، وهي تستعد لتدفق محتمل جديد للاجئين.أما الجزائر فهي بحسب المنظمة الدولية للهجرة، تستقبل يوميا عددا من المهاجرين يفوق ما تستقبله أوروبا كلها. وفد من الهلال الأحمر الليبي اليوم بالجزائر موازاة مع ذلك، سيحل وفد من الهلال الأحمر الليبي، اليوم السبت، بالجزائر العاصمة، للتوقيع على اتفاقية شراكة وتعاون مع الهلال الأحمر الجزائري، حسبما أعلنته الخميس، سعيدة بن حبيلس، الأمينة العام للهلال الأحمر الجزائري. وفي تصريح على هامش حفل انطلاق قافلة لفائدة العائلات الجزائرية القاطنة بتين زواتين (تمنراست) أوضحت بن حبيلس أن الوفد الليبي سيقيم بالجزائر من 11 إلى 13 جانفي، مشيرة أن الطرفين سيوقعان خلال هذه الزيارة على اتفاقية شراكة وتعاون من أجل “وضع خارطة طريق سويا لمواجهة كل الصعوبات التي قد تعتري الليبيين”. وستصادف زيارة الوفد الليبي إطلاق القافلة الإنسانية الثانية من الجزائر إلى ليبيا بعد تلك التي جسدت مؤخرا. مصر والجزائر تبحثان جهود التصدي لمحاولات التدخل في ليبيا وبحث وزير الخارجية صبري بوقادوم، مع نظيره المصري سامح شكري، الخميس، مستجدات الأزمة الليبية وجهود التصدي لمحاولات التدخل العسكري الأجنبي، على هامش الزيارة التي يقوم بها شكري. وبحث الجانبان تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين، والقضايا محل الاهتمام المشترك. وأكد شكرى الأهمية التي توليها القاهرة لدفع مسار التنسيق والتعاون الثنائي مع الجزائر على ضوء الروابط الوطيدة والعلاقات الراسخة بين البلدين الشقيقين. وأوضح البيان أن اللقاء شمل كذلك تبادل الرؤى حول القضايا والأوضاع الإقليمية محل الاهتمام المشترك، وعلى رأسها الأزمة الليبية على ضوء المُستجدات المتسارعة هناك. وأكد الوزير شكري أهمية تجنب إضفاء المزيد من التعقيد أو التصعيد على المشهد الليبي عبر التصدي لمحاولات التدخل العسكري الأجنبي. ودعا وزير الخارجية المصري إلى تكثيف الجهود الرامية إلى دفع مسار التسوية السياسية الشاملة لكافة جوانب الأزمة الليبية، ودعم جهود المبعوث الأممي واستكمال تحضيرات مسار برلين السياسي. وتشهد الجزائر منذ أيام نشاطا دبلوماسيا كثيفا، من أجل إيجاد حل سلمي لأزمة ليبيا التي تتقاسم مع الجزائر حدودا تمتد لنحوألف كلم. ودعت الجزائر المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته وفرض وقف لإطلاق النار في هذا البلد المنقسم. وينتظر أن تشارك الجزائر في مؤتمر دولي في برلين من أجل إيجاد حل للأزمة الليبية تحت إشراف الأممالمتحدة. وكان وزراء خارجية مصر وفرنساوإيطاليا واليونان وقبرص قد أكدوا، الأربعاء، ضرورة الحل السلمي الشامل لأزمة ليبيا، منددين بالتدخل التركي في شؤونها الداخلية. الجزائروإيطاليا تتفقان على رفض التدخل العسكري الأجنبي وجددت الجزائروإيطاليا، الخميس، موقفهما الرافض للتدخلات العسكرية الأجنبية في ليبيا، ورؤيتهما لحل أزمتها من خلال “العودة إلى مسار الحوار ووقف إطلاق النار”. وأعلن وزير خارجية إيطاليا لويجي دي مايو، خلال لقائه الرئيس عبد المجيد تبون ووزير الخارجية صبري بوقادوم، عن تطابق وجهات النظر بينهما في رفض التواجد العسكري الأجنبي والحل السلمي للأزمة الليبية. ووصف دي مايو الدور الجزائري في حل الأزمة الليبية ب”المحوري”، موضحاً أن كل الدول التي زارها متفقة على ضرورة الوصول لحل سلمي ووقف إطلاق النار. وأضاف الوزير الإيطالي الذي سبق أن زار بروكسلوالقاهرة في إطار مساع دبلوماسية لحل الأزمة، أنّ “الجميع متفق على ضرورة وقف إطلاق النار في ليبيا”. من جانبه، شدد وزير الخارجية صبري بوقادوم على محورية دور الجوار في حل الأزمة الليبية، وعلى خطورة التدخلات العسكرية الأجنبية في الجارة الشرقية لبلاده. ووصف بوقادوم التنسيق بين بلاده وإيطاليا في الملف الليبي ب”الجيد جداً”، موضحاً تطابق وجهات النظر مع روما حول ضرورة حظر تزويد ليبيا بالسلاح. ودعت الجزائر المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته وفرض وقف لإطلاق النار في هذا البلد المنقسم. وينتظر أن تشارك الجزائر في مؤتمر دولي في برلين من أجل إيجاد حل للأزمة الليبية تحت إشراف الأممالمتحدة. الجميع متفق على ضرورة وقف النار وأكد دي مايو في تصريح صحافي أنّ “الوقت حان لجمع كل الدول وجميع الأشخاص حول طاولة واحدة وإيجاد حل يضمن السلم في هذه المنطقة”. وأضاف الوزير الإيطالي الذي سبق أن زار اسطنبولوبروكسلوالقاهرة في إطار مساع دبلوماسية لحل الأزمة، أنّ “الجميع متفق على ضرورة وقف إطلاق النار في ليبيا”. وتأتي زيارة دي مايو، في وقت حضّ رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي الجيش الوطني الليبي على وقف هجومه على طرابلس. والاثنين، زار السراج الجزائر، ثم تبعه وزير خارجية تركيا مولود تشاوش أوغلو، بعد بضعة أيام من موافقة البرلمان التركي على مذكرة تقدّم بها الرئيس رجب طيب اردوغان تتيح إرسال قوات إلى ليبيا طبقا لاتفاق بين البلدين. وأعلن اللواء أحمد المسماري، الناطق العسكري للجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر أنه تم توسيع منطقه الحظر الجوي فوق طرابلس. وأضاف المسماري في بيان مصور الأربعاء نشر على موقعه الرسمي، أن على شركات الطيران الالتزام بالحظر الجوي على مطار معيتيقة والقاعدة الجوية بطرابلس، وعدم تعريض طائرتها لخطر التدمير. وكانت قد نشرت معلومات في السابق تفيد أن شركات طيران مدنية مثل طيران الأجنحة وطيران الأفريقية تقوم بنقل مسلحين سوريين من تركيا إلى ليبيا في رحلات غير مسجله في هذه الأيام. وكان الرئيس التركي اردوغان اعلن مساء الاحد ان بلاده سترسل “محاربين غير اتراك” الى ليبيا مع بدء تنفيذ خطة التدخل التركي المباشر في هذا البلد، وسط مخاوف من اتساع النزاع المستمر منذ ثماني سنوات. وقال اردوغان في مقابلة مع قناة سي ان ان ترك إن جنودا من الجيش التركي بدأوا بالفعل التوجه تدريجيا إلى ليبيا. واضاف ان بلاده ستقيم مركز عمليات في ليبيا بقيادة جنرال من الجيش التركي. وقال ايضا سيكون لدينا فرق أخرى مختلفة كقوة محاربة، وأفرادها ليسوا من جنودنا”. حفتر يرفض وقف النار ويرحب بمبادرة بوتين رحّب قائد الجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر، مساء الخميس بمبادرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لوقف إطلاق النار، لكنّه أكد استمرار العمليات العسكرية ضد ما اعتبرها، الميليشيات الموالية لحكومة فائز السراج التي طلبت ارسال قوات تركية. وفي غضون ذلك، حذرت فرنسا من التصعيد التركي ووصل وزيرا خارجية مصر وايطاليا الى الجزائر لبحث الملف الليبي. وحسب بيان صادر عن المتحدث باسمه أحمد المسماري، أعلن المشير حفتر “استمرار جهود القوات المسلحة في حربها على المجموعات الإرهابية المصنفة بقرارات من مجلس الأمن الدولي التي ثبت عبر التجربة أنه لا سبيل لإقامة الدولة المدنية إلا بالقضاء التام عليها، حيث إنّ هذه المجموعات قد استولت على العاصمة طرابلس وتتلقى الدعم من بعض الدول والحكومات”. ويشن الجيش الوطني عملية عسكرية منذ بداية أفريل للسيطرة على طرابلس مقر حكومة السراج، ورحب حفتر في بيانه بمبادرة بوتين “الرامية إلى إحلال السلام وتحقيق الاستقرار في ليبيا”. وكان بوتين والرئيس التركي رجب طيب إردوغان وجها دعوة الأربعاء الى وقف اطلاق النار في ليبيا، رغم تضارب مصالحهما هناك. واتهم “بعض الدول والحكومات” بتزويد القوات المتمركزة في طرابلس “بمعدات عسكرية وذخائر أسلحة مختلفة فضلاً عن الطائرات الهجومية المسيرة، إضافة إلى أن هذه الدول والحكومات تقوم بنقل أعداد كبيرة من الإرهابيين من جميع أنحاء العالم للقتال ضد القوات المسلحة والشعب الليبي”. ويشير حفتر بذلك إلى تركيا التي ترسل مسلحين سوريين موالين لها للقتال في ليبيا. وقال وزير الخارجية الفرنسي في مؤتمر صحفي عقب لقائه الرئيس التونسي قيس سعيد “استقرار ليبيا على أساس احترام القانون الدولي يمثل أولوية نتشاركها مع تونس”. وأضاف “في الاجتماعات مع زملائي من الاتحاد الأوروبي أوفي مصر نؤكد على خطر استمرار الأزمة في ليبيا التي تهدد كامل المنطقة من المغرب العربي الى الساحل”. وعلق لودريان على اتفاقين وقعتهما تركيا مع حكومة السراج أواخر تشرين الثاني/نوفمبر، أحدهما عسكري ينص على ان تقدّم تركيا مساعدات عسكرية إلى حكومة السراج الوطني برئاسة فايز السرّاج، والثاني يتناول ترسيم الحدود البحرية بين ليبيا وتركيا. ويمسّ اتفاق ترسيم الحدود بين تركيا وحكومة السراج باتفاق بحري آخر موقع بين اليونان ومصر وإسرائيل وقبرص، ما أثار قلق هذه الدول. لودريان: الاتفاق مع تركيا مخالف للقانون الدولي وسيفاقم الوضع وقال لودريان ان الاتفاق بين حكومة السراج وتركيا مخالف للقانون الدولي وسيؤدي إلى تفاقم الوضع. وتدعم تركيا حكومة السراج التي تتخذ من طرابلس مقرا وقالت إنها سترسل مستشارين عسكريين وربما قوات لتعزيز دعمها بعد توقيع الطرفين اتفاقا لترسيم الحدود البحرية بين البلدين. وأكد وزير الخارجية الفرنسي أن الخروج من الأزمة يستدعي حوارا ليبياً داخليا وتوجها سياسيا يدعمه بشكل خاص اللاعبون الاقليميون في المنطقة وجيران ليبيا. خبراء: الجزائر تنخرط في مسار التسوية ويجمع مراقبون على أن الجزائر عادت مجددا لتأدية دور في حل الأزمة الليبية، بعد أن لزمت الحياد لسنوات عديدة، ونأت بنفسها عما يجري في البلد المجاور، الذي يشهد حربا بين قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، والحكومة الشرعية في العاصمة طرابلس. وبحسب خبراء، فإنه بتلك التصريحات والمواقف، تكون الجزائر قد أنهت سنوات من الاكتفاء بدور “المراقب”. وعن دلالات التحرك الجديد للدبلوماسية الجزائرية، وصدور تصريحات شديدة اللهجة من رئاسة الجمهورية، وليس وزارة الخارجية، اعتبر المحلل السياسي، لزهر ماروك، أن السياسة الخارجية الجزائرية استعادت “ديناميكيتها القوية”، بعد سنوات من الغياب بسبب مرض الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة. وقال ماروك، إن الحركية الملفتة للدبلوماسية، “طبيعية” لأن الأمر يتعلق “بأخطر أزمة على الأمن القومي الجزائري”، في الوقت الحالي. ورأى في تصريح رئاسة الجمهورية بأن “طرابلس خط أحمر لا يجب تجاوزه”، إبرازا “لسقف الموقف الجزائري”، بمعنى “أنها لا يمكن أن تتسامح مع سقوط العاصمة الليبية في يد مليشيات حفتر”. وتابع: “سقوط طرابلس في يد هذه المليشيات، يعني سقوط الشرعية (حكومة الوفاق المسيطرة على العاصمة معترف بها دوليا)، ويكرس واقعا أمنيا خطيرا جدا؛ لأنه ستصبح بجوارنا دولة تحكمها المليشيات”. وأثار تصريح الرئاسة الجزائرية بشأن طرابلس، تكهنات عديدة، بشأن ما ستفعلها لحماية طرابلس من الانهيار، وما إذا كانت ستلجأ للتدخل عسكريا؟. غير أن الخبير في الشؤون الأمنية، محمد خلفاوي، استبعد قيام الجزائر بتدخل عسكري “مهما كان نوعه” في ليبيا، بسبب المانع الدستوري وعوامل “تكتيكية” وأخرى “مبدئية”. وتقول المادة 29 من الدستور الجزائري: “تمتنع الجزائر عن اللّجوء إلى الحرب من أجل المساس بالسّيادة المشروعة للشّعوب الأخرى وحرّيّتها… وتبذل جهدها لتسوية الخلافات الدّوليّة بالوسائل السّلميّة”. وقال خلفاوي، إن “تصريح الرئيس، بأن طرابلس خط أحمر، يفهم بأن سقوطها سيضع الأمن القومي الجزائري، أمام خطر فعلي، أي إن درجة التأهب ستتلون بالأحمر”. وأفاد بأن “الأزمة الليبية، خرجت من أيدي الليبيين أنفسهم، وعندما نتبع خيوط الأزمة، نجد أن المتحكم الحقيقي في الوضع هم الأعضاء الدائمون لمجلس الأمن (أمريكا، روسيا، فرنسا وبريطانيا)”. وتابع: “الجزائر ستقدم القراءة المناسبة لقطعة الشطرنج في ليبيا قبل الإقدام على أية خطوة”. وتملك الجزائر في رصيدها تجربة ناجحة في التدخل العسكري “الدقيق” في ليبيا، وحدث ذلك سنة 2014، عندما قامت فرقة من نخبة القوات الخاصة بسحب السفير الجزائري عبد الحميد بوزاهر رفقة 50 موظفا من السفارة الجزائري في طرابلس. ورصدت المخابرات الخارجية الجزائرية، وقتها تخطيط جماعات مسلحة في ليبيا لاختطاف السفير وطاقمه ونفذت عملية الإنقاذ بسرعة ودقة، دون أية احتكاك مع جهات مسلحة ليبية. وبغض النظر عن الموانع الدستورية، يسجل التاريخ للجزائر قدرتها الكبيرة على التأثير في مجريات الأحداث على الأرض، حيث قدمت سنوات الستينيات والسبعينيات دعما قويا “بالسلاح”، لحركات التحرر في مختلف البلدان الأفريقية على غرار أنغولا والرأس الأخضر رغم بعد المسافة. الوجود التركي يخدم الجزائر وفي السياق، قال الخبير الأمني محمد خلفاوي، “إن تقدم (الجزائر) دعما لشعب من أجل الاستقلال عن مستعمر شيء، وأن تدعم فصيلا مسلحا (مليشيا) على حساب آخر في بلد جار شيء ثان”. وتابع خلفاوي، “إن الجزائر متحكمة جدا في حدودها، ولا يمكنها أن تخشى شيئا على الصعيد الأمني”، معتبرا أن “الوجود العسكري التركي في طرابلس، يصب في مصلحة الجزائر لأنه يسهم في ردع قوات حفتر، والدفع بالقوى الكبرى لإيجاد تسوية فيما بينهم تنهي الأزمة”. وقال إن وزن الجزائر سيساهم رفقة دول أخرى عبر الحنكة التفاوضية على ردع الأطراف المتناحرة على الأرض وإيقاف الحرب. وفي السياق قال، لزهر ماروك، إن “الجزائر ستستخدم ثقلها السياسي والدبلوماسي وآليات تفاوضية من أجل التوصل إلى تسوية ملائمة للأزمة الليبية”. ورأى المحلل السياسي، أن الجزائر شرعت فعليا في تنسيق جهودها مع دول شريكة مثل دول الجوار المنطقة المغاربية (تونس) وتركيا والدول الأوروبية، و”ستكثف اتصالاتها مع روسيا والولايات المتحدة، من أجل الدفع لتحقيق تسوية سياسية منسجمة مع رؤيتها للحل”.