يتساءل العديد من المواطنين حول سر الارتفاع الجنوني وغير المسبوق في أسعار الخضر والفواكه خلال الفترة الأخيرة، خاصة وأن البعض اعتبر بالأمر غير مسبوق، وحتى الأسواق الشعبية التي كانت قبلة " الزوالية" بالأمس، باتت اليوم تنافس بأسعارها الملتهبة نظيرتها في "السوبر ماركت". لهيب الأسعار يطال الأسواق الشعبية خلال الجولة الاستطلاعية التي قامت بها "السياسي" إلى السوق اليومي لبومعطي، في القسم الخاص بالخضر والفواكه، كانت لنا وقفة مع أحد التجار، الذي سألناه حول ارتفاع الأسعار بالسوق، فأجاب بأن السبب لا يعود وحده إلى تجار التجزئة، بل إن الأسعار مرتفعة حتى في سوق الجملة على غرار سوقي بوفاريك والكاليتوس، مشيرا إلى أن سعر البطاطا على سبيل المثال بهما يتراوح ما بين 70دج و80دج، فيما أرجع أحد التجار ارتفاع أسعار الخضر والفواكه إلى التقلبات الجوية التي سادت البلاد في شهر فيفري المنصرم، مؤكدا في هذا السياق بأن هذه الأخيرة أثرت كثيرا على عملية جني المنتوجات الزراعية، كما أن كميات البرد الغزيرة أفسدت العديد منها. أما المواطنون فيؤكدون بأن ارتفاع الأسعار راجع بالأساس إلى غياب الرقابة من السلطات التي تبقى الضامن الأساسي والوحيد- حسبهم- حيث قال أحد المتجولين بذات السوق، أن الأسعار باتت ملتهبة نتيجة المضاربة، وجشع التجار أحيانا والذي يدفعهم إلى بعض الممارسات الدخيلة كاحتكار السلع، وهو الأمر الذي أفضى لبلوغ الأسعار إلى ما هي عليه. البحث عن أسعار منخفضة وسط ظروف غير صحية رغم أن الأسواق الشعبية تعد من أكثر الأماكن التي تنتشر بها النفايات، بسبب قيام الباعة بالتخلص من الفضلات كبقايا الخضر والفواكه المتعفنة وبقايا السمك واللحوم من دون مراعاة شروط النظافة، وهو الأمر الذي يخلف انتشار الحشرات الضارة والروائح الكريهة التي تشمئز منها النفوس، حيث أكدت لنا إحدى الزبونات بالسوق، أن التجار يخلفون النفايات من دون أن يتكبدوا عناء تنظيفها في آخر النهار، كما أن المصالح المعنية لم تبادر إلى وضع الحلول اللاّزمة وهي غائبة، وكل هذا بسبب سوء التسيير، وهو ما يبقي في نهاية الأمر صحة المواطن على "المحك". وفي ذات السياق، فإن ما لاحظناه خلال الجولة التي قمنا بها، أن مختلف السلع لم تكن معروضة في الظروف الصحية اللازمة، إذ أنها تبقى معرضة لأشعة الشمس وللأتربة المتطايرة طيلة النهار، على غرار مواد الحليب ومشتقاته التي تفسد بسرعة عقب تعرضها لدرجات الحرارة المرتفعة، وعلى الرغم من ذلك يبقى دافع المواطنين القوي للجوءه إلى الأسواق الشعبية هو البحث عن سلع ذات أسعار منخفضة، وهو ما أكده عدد من الزبائن سيما محدودي الدخل وممن تضم عائلاتهم عددا كبيرا من الأشخاص وغيرها من الأسباب التي تدفع بهم قصد الأسواق الشعبية على الرغم من ارتفاع أسعارها مقارنة بما سبق، إلا أنهم يجدون ضالتهم في توفر سلع بأثمان بخسة. "السوبر ماركت" وجهة بديلة للمواطن يبدو أن محلات "السوبر ماركت" لم تعد ملجأ أصحاب الدخل الميسور حالا كما كان متعارفا سابقا، بل حتى أصحاب الدخل المحدود باتوا يلجؤون إليها، وذلك لعدة أسباب فالنظافة متوفرة، من خلال احترام هذه الأخيرة لشروط الحفظ الصحي للمواد الاستهلاكية، كما أن أبرز نقاط الاختلاف بينها وبين الأسواق الشعبية يكمن في تباين الأسعار التي لم تعد كالسابق، وهو الأمر الذي بات يجلب إليها الزبائن لاقتناء حاجياتهم حتى أن البعض منهم اتخذ قرار مقاطعة الأسواق الشعبية المعروفة لدى العامة، وهو الأمر الذي أكدته لنا إحدى المتجولات، حيث ردت في سؤالنا لها عن سبب تفضيلها لهذه المحلات عوض الأسواق الشعبية قائلة: "بأن الاختيار يكمن في نوعية السلع المعروضة، خاصة وأن الأمر أصبح سواء من ناحية الأسعار، ومن جهة أخرى فإن المواطن بات يتجنب المشاجرات التي تنشب مع الباعة بسب عدم صلاحية بعض الخضر والفواكه للاستهلاك، والتي قد يضطر لرمي نصفها، ناهيك عن مشكل السرقة والتي عادة ما تحدث في الأسواق الشعبية نتيجة الاكتظاظ والازدحام بين الزبائن، وفي المقابل فإن المستهلك يضمن شراء منتوجات صالحة كلها وليس جزء منها". كما أضاف الزبائن، أن محلات "السوبر ماركت" تتميز بالتنظيم الجيد في كيفية عرض السلع وإقناع الزبون بعدالة الأسعار، مقارنة بالجودة والتخفيضات التي تقدمها هذه المحلات من فترة إلى أخرى، إذا ما تغيرت ظروف السعر فيما يخص المواد ذات الاستهلاك الواسع، هذه الأمور التي عادة ما تغري المستهلك، وهو ما جعل بعض المواطنين يكنون الولاء لمنتجات محلات السوبر ماركت. وفي الأخير، يبقى المواطن صاحب الدخل الضعيف هو المتضرر الوحيد من ارتفاع الأسعار سواء في الأسواق الشعبية أو السوبر الماركت، إذ استخلصنا من خلال جولتنا أن هنالك تباينا في الآراء بين من يفضل الأسواق الشعبية ومحلات السوبر ماركت وكل له أسبابه في ذلك.