تشهد أسواق المواشي بولاية النعامة، أياما قليلة قبل حلول عيد الأضحى المبارك، وفرة في العرض واستقرارا في الأسعار التي لم تعرف إرتفاعا محسوسا في الأثمان هذه السنة مقارنة بالمواسم السابقة. ويسجل بأسواق المواشي توافد متزايد للراغبين في اقتناء الأضحية حيث بلغ سعر الكبش الأكثر إرتفاعا سقف 50 ألف دج وأقل من ذلك فى بعض الأحيان فيما وصل سعر الحولي وهو ما يحبذه سكان المنطقة كأضحية حدود ال30 ألف دج فيما تباع الحولية بسعر يتراوح بين 15 ألف و18 ألف دج. ويتبادر إلى الذهن ومنذ الوهلة الأولى لدخول سوق الظلعة ببلدية العين الصفراء أن الكميات المعتبرة من الكباش والنعاج والماعز التي يعج بها خلال هذه الأيام ستغطي الطلب الذي قد يتزايد في الأسبوع الأخير قبيل عيد الأضحى مما يجعل الجميع يتنبأ بعدم ارتفاع أسعار الأضاحي وعلى وجه التحديد سعر الخرفان التي تفضل كأضحية العيد والتي تعرض حاليا بأثمان معقولة حسب تأكيدات عديد الموالين. أرباب الأسر متفائلون لتوفر العرض وغياب المضاربة وأرجع الموالون وفرة العرض المسجل في أسواق المواشي بالولاية إلى الإرتفاع في عدد الرؤوس وتراجع الطلب عليها من طرف تجار الجملة والمضاربين الذين لم يتوافد وبحدة حتى الآن كما جرت العادة في السنوات الماضية لإقتناء أعداد كبيرة وتحويلها لتموين ولايات الوسط والشرق مما أبقى على الأسعار في مستوياتها المعهودة. وتؤكد مديرية المصالح الفلاحية وفرة رؤوس المواشي هذه السنة وأن العرض يكفي لتغطية الطلب بل يسجل فائضا في قطعان رؤوس الأعنام المعروضة للبيع داخل أسواق الولاية بعد أن سجل ارتفاع بلغ سنة 2013 الماضية نسبة زيادة ب15 بالمائة في عدد رؤوس المواشي بالولاية التي تقدر حاليا بأكثر من 1.3 مليون رأس غنم، وتحقق ذلك بسبب ارتفاع الولادات والظروف الصحية الملائمة لتربية المواشي والإجراءات التي قامت بها الوزارة الوصية رفقة المصالح البيطرية لدعم الإنتاج الحيواني كفتح المحميات ودعم الأعلاف وغيرها، حسب المصدر. ولا حظنا أثناء تواجدنا بسوقي المشرية ومكمن بن عمار عرض أعدادا لا بأس بها من أغنام سلالة "السرندية أو الدغيمة"، كما يطلق عليها محليا وبأسعار معقولة مما جعلها تعرف إقبالا واسعا لإقتنائها من طرف المترددين على تلك الفضاءات بدفع سعر بأقل من 8 إلى 10 آلاف دج من أسعار مثيلاتها من مواشي الأنواع الأخرى كنوعي أولاد جلال والنايلية والسوڤرية. وبين اختلاف الآراء حول مصدر هذه السلالة الوافدة والهجينة والمحسنة وراثيا التي يقول البعض أنها مهربة من البلد المجاور المغرب وموطنها الأصلي هو إسبانيا، فالملاحظ هذه السنة أن هذه الشاة التي يميزها لطخ سوداء في وجه أو رقبة الحيوان قد اكتسحت الأسواق المحلية في الولاية بقوة خلال الأشهر الأخيرة لتضاف إلى العدد المعتبر لرؤوس الأغنام بالولاية التي تتميز سلالتها المحلية المعروفة بالدغمة بجودة مذاق لحومها لإعتمادها على الأعشاب التي تنمو بسهوب هذه الولاية الشاسعة. ويعتبر الحاج عمارة من منطقة عين خليل الحدودية أن مصدر السرندية هو الكسابة أوالمربين المنتشرين بكل من القصدير والقعلول وفرطاسة ولعريشة وسيدي الجيلالي الذين يدعمون قطيعهم من الأغنام الذي يعتمد على الرعي بعدد معتبر من هذه السلالة الوافدة حديثا إلى تراب الولاية والتي تكون هزيلة وذات بنية ضعيفة ويتم الإعتناء بها بتوفير الكلأ و المتابعة الصحية ليبيعها المربي بعد 5 أو 8 أشهر من التسمين بمبلغ للجملة يتراوح بين 14 و16 ألف دج.
تراجع تهريب المواشي ساهم في استقرار أسعارها وأشار مربو المواشي إلى عوامل أخرى ساعدت على وفرة العرض واستقرار الأسعار وزيادة إنتاج المواشي محليا خلال هذا الموسم من بينها تراجع نشاط التهريب على مستوى الشريط الحدودي للجهة الغربية وتضييق الخناق على هذا النوع من الإجرام الذي كان في وقت سابق يستنزف نسبة معتبرة من أجود أنواع المواشي يتم تربيتها بمناطق عدة من حدود الولاية. وتؤكد إحصائيات المجموعة الولائية للدرك الوطني بالنعامة تراجع الأعداد المحجوزة من رؤوس الأغنام المهربة بالولاية من 2.642 رأس خلال سنة 2009 إلى أقل من 236 رأس في الثمانية أشهر الأولى من سنة 2013 الجارية، ويرى أولقاق وهو مربي من منطقة صفيصيفة أن موسم جيد قضاه الموالون منذ مطلع العام الجاري بعد استرجاع المراعي للعشب والكلأ مما أدى إلى ارتفاع الولادات. وفي ظل توفر الظروف الصحية الملائمة لتربية المواشي، تزايدت أرباح المربين مما جعل المتوسط العام لبيع المواشي سواء منها صنف الحولى أو الحولية أوالنعجة يتراوح هذه السنة بحسب النوع والحجم بين25 ألف دج إلى 42 ألف دج وهي الأسعار التي تعد مناسبة وتخدم غالبية فئات المجتمع كما أضاف ذات المربي، ويعتبر الموالون الذين عرضوا مواشيهم بمختلف أسواق الولاية أن الأسعار الحالية لا تعكس التكاليف الباهضة التي يتطلبها تحضير تلك الأضاحي التي يستفيد من بيعها التجار والسماسرة لوحدهم وليس الموال الذي يبيع بهامش ربح ضئيل لايتماشى مع ما يتكبده من عناء أجرة الراعي وتنقل القطيع وأسعار مختلف الأعلاف والتكفل بتوفير الأدوية وتشريب القطعان وغيرها، ويتوقع الموالون أن تبقى أسعار المواشي مستقرة ولن يتغير سقفها بل ستنخفض في اليومين الأخيرين قبل عيد الأضحى إذا لم يسجل نفاذ للكميات الوفيرة المعروضة حاليا من روؤس المواشي مما يجبر المربين على خفض الأسعار للزيادة في وتيرة البيع لأن العرض الحالي يتجاوز الطلب، وسوف لن يؤثر في تغيير الأثمان سوى بعض السماسرة وتجار المناسبات الذين يقتنون المواشي من أصحابها الموالين والمربين أياما قليلة قبل عيد الأضحى من أجل إعادة بيعها محققين بذلك أرباحا خيالية وهو ما قد يصعب على المواطنين اقتنائها من ذوي الرواتب الزهيدة أو الذين يتعذر عليهم التنقل إلى الأسواق الكبرى للمواشي. وفي هذا الشأن، يرى رئيس فرع الفدرالية الوطنية للموالين ومربي المواشي ببلدية القصدير، الحاج ملياني، أن أسعار المواشي لن تعرف هذه السنة مستويات مقلقة ولن يتكرر سيناريو الغلاء خلال هذا الموسم نظرا لوفرة الإنتاج وتنوع العرض من رؤوس الأغنام مما يدفع الموال إلى خفض الأثمان والتي يعتبرها بعيدة عن تكاليف التربية الحيوانية التي يتكبدها، ويضيف ملياني أن ذوي الدخل المتوسط سيتمكنون هذه السنة من شراء الأضحية بسعر ملائم والأهم من ذلك وعلى غير العادة غياب شبه تام لظاهرة الإحتكار التي كانت تمارس من طرف تجار الجملة الوافدين من شرق البلاد الذين دأبوا على تحويل كميات هائلة من المواشي من منطقة الهضاب العليا نحو المدن الحدودية لشرق البلاد لتوجيهها نحو الدول المجاورة، وفق ما ذكر المتحدث. دعوة إلى وضع آليات لمراقبة الممارسات التجارية في أسواق المواشي لكن هذه الوفرة لن تثبط من عزيمة المضاربين الذين يكتسحون سوق الجملة بهدف الضغط على المربين للشراء بأسعار زهيدة بغية تحقيق زيادة في أرباحهم، كما عمد الكثير من المربين على انتقاء الكثير من رؤوس الغنم ذات السلالات الرفيعة من حيث الوزن ووضعها بالإسطبلات لتسمينها تحضيرا لاكتساح الأسواق بأيام قبل حلول مناسبة العيد الأضحى. وأبرز مواطنون جاؤوا لإستطلاع أسعار المواشي بسوق المشرية أهمية وضع آليات الرقابة لتنظيم سوق المواشي والحد من المضاربة مع اقتراب عيد الإضحى المبارك، وأكد في هذا الصدد لعيرج وهو موظف في سلك التربية أن غياب ضوابط قانونية لمراقبة الممارسات التجارية في أسواق المواشي خلال مناسبات عيد الأضحى يفتح المجال في كل مرة مع اقتراب هذه المناسبة الدينية للحديث عن ارتفاع أسعار الكباش وغلائها والحل يكمن كما أضاف في التحكم في أسواق الجملة لبيع المواشي. ومن جهتها، أكدت مديرية التجارة لولاية النعامة أنها لا تتدخل في تسقيف أسعار بيع الأضاحي لأن العملية تخضع لعاملي العرض والطلب ولا تستند إلى تشريع قانوني صريح يخول لأعوان التجارة مراقبة هذا النوع من الممارسات التجارية، وترى ذات المصالح أن دورها يبقى هام في الجانب التنظيمي خلال فترة بيع المواشي بالأسواق وفضاءات بيع رؤوس الأغنام التي تحددها مصالح البلديات بعيدا عن التجمعات الحضرية حيث يتمثل ذلك في التنسيق مع أعوان مفتشية البيطرة ومكاتب حفظ الصحة والنظافة للبلديات والجمعية الولائية لحماية المستهلك لتجسيد إجراءات مراقبة الصحة الحيوانية وظروف الذبح وإبلاغ المواطنين حول مرض الكيس المائي وغيرها.