تحولت حياة الطلبة الجامعيين المقيمين في الإقامات الجامعية عبر مختلف جامعات الوطن إلى جحيم في هذه الأيام، حيث غابت التدفئة مع اقتراب فصل الشتاء الذي سيكون قاسيا على حياتهم الدراسية، عن غرفهم، ناهيك عن باقي الخدمات السيئة المقدمة في الإقامات، بداية من الوجبات الغذائية الرديئة، إلى الانفجارات التي تهدد حياة الطالبات والطلبة، باعتبارهم يستعينون بقارورات غاز البوتان الصغيرة من أجل التدفئة، وكذلك الطهي للابتعاد عن الوجبات الرديئة المقدمة. الطلبة بصوت واحد: «نحن نعيش في ثلاجات» اشتكى معظم الطلبة الجامعيين النازلين بالإقامة الجامعية باب الزوار«3» ممن التقت بهم «السياسي» أمس، من سوء الخدمات التي تتوفر عليها إقامتهم، حيث أكد رئيس فرع المنظمة الوطنية للتضامن الطلابي بالإقامة الجامعية للذكور باب الزوار «3» فليفي إدريس، أن التدفئة منعدمة تماما بالإقامة، وهو الأمر الذي لم يستسغه محدثنا، بعد أن وجد نفسه هو ومعظم زملائه يعانون من مشاكل بدائية كان من المفروض أن تتم معالجتها قبل الدخول الجامعي، حيث أردف محدثنا يقول أن الطلاب المقيمين باتوا مجبرين على إحضار مدفئات كهربائية أو تلك التي تعتمد على قارورات غاز البوتان، قصد تدفئة الغرف الباردة خصوصا أمام الاضطرابات الجوية التي تشهدها البلاد بمجرد حلول فصل الشتاء الذي ينذر بالبرد القارص، فيما يقوم ميسورو الحال باستخدام «الآجور» ووضع «مقاومات» به وإيصاله بالكهرباء للحصول على مدفأة وأداة للطبخ. من المسؤول عن غياب التدفئة؟ وأوضح ذات المتحدث أن الأمر ضروري لتفادي البرودة بالرغم من تعليمات الوزارة الوصية القاضية بمنع تداول «الريزيستونس» بالغرف لتجنب حوادث قد تكون عواقبها وخيمة في أغلب الأحيان، ودعا في ذات السياق إلى ضرورة توفير التدفئة بالغرف لتفادي جلب قارورات غاز البوتان والمدفئات الكهربائية. ويستمر الطلبة في اللجوء إلى الحلول البسيطة أمام عدم تفطن إدارات الإقامات الجامعية وجهلها لما يجري بحرمانها وإهمالها لواجباتها أمام الميزانية المخصصة لها، وليدفع الثمن الباهظ الطالب المقيم بعد حدوث حرائق قد تستهدف حياته، وتنشر الرعب في الحرم الجامعي على غرار تلك الحوادث التي سجلت في السنوات الأخيرة بكل من الإقامة الجامعية جيلالي اليابس بالعاصمة إثر نشوب حريق، تسببت فيه مدفأة كهربائية، انجرّ عنه حرق طالبتين وانهيار أسقف بعض الغرف، إلى جانب انفجار قارورة غاز البوتان من الحجم الصغير داخل إقامة للبنات بغليزان. وبالرغم من التعليمة السابقة لوزير الشباب والرياضة ووزير التعليم العالي والبحث العلمي بالنيابة الهاشمي جيار بإجراء تحقيقات ومعاينات ميدانية خاصة بوضعية الإقامات الجامعية، تفاديا لتكرار سيناريو انفجار الغاز بالإقامة الجامعية بتلمسان، التي جاءت تنفيذا لأمر رئيس الجمهورية بعد أن أشرف عليها وزير الداخلية والجماعات المحلية حول الإقامات الجامعية، وشروع مصالح الخدمات الجامعية بالقيام ببعض الترميمات بالإقامات الجامعية باستخدام الوسائل المحلية بصفة فورية بغرض حسن استقبال الطلبة للدخول الجامعي، وفي إطار التحضير لبطاقية وطنية لترميمات الإقامات الجامعية، وكذا الإعلان عن تشكيل لجنة وطنية للتأكد من الأمن الوقائي بكل الإقامات الجامعية والتكفل بكل الأمور ذات الصلة بالخدمات الاجتماعية المتنوعة وبكل مصالح الطلبة قصد إيجاد حلول للمشاكل العالقة للحيلولة دون وقوع كوارث تؤدي لخسائر بشرية، لايزال الطالب يعاني من غياب الظروف الملائمة المحفزة للنهوض بالعلم، والرهينة الأساسية أمام التلاعبات بالميزانيات الموجهة لصالحه. إقامة «طالب عبد الرحمن» خارج مجال التدفئة حيث أكد محمود بوراضي وهو طالب مقيم بالإقامة الجامعية «طالب عبد الرحمن» ببن عكنون في اتصال هاتفي ل«السياسي»، أن المقيم يعاني الأمرّين، إذ أنه وبمجرد الدخول للإقامة يجد نفسه محاصرا في غرفة بين «أربع حيطان» تخلو منها كل المرافق الضرورية للعيش الكريم، فلا أسرة ولا نوافذ ولا تدفئة بها وإن وجدت فلا تمت بأي صلة للصحة، فالأغطية المتحصل عليها بالإقامة متسخة جدا إلى جانب الوسادات وحدث ولا حرج بالنسبة للأسرة فهي متعفنة ولا تصلح حتى للنوم والتنبؤ بخطورة الإصابة بأنواع عدة من الأمراض الجلدية والحساسيات، وهو ما يوجب على الطالب التصرف من تلقاء نفسه من خلال شراء أو إحضار مقتنياته المنزلية إلى الحرم الجامعي من أفرشة وأغطية ومدفئات كهربائية ويصل به الحد إلى سرقة «سوبر بوزي» من الغرف المحاذية بسبب عدم توفر غرفته عليها. وأوضح محمود أنه وبالرغم من البرودة القاسية فإن نوافذ الغرف مكسرة إلى يومنا هذا، وهو ما يؤزم من الوضع ويؤدي إلى ضرورة اقتناء قارورات غاز البوتان أو المدفآت الكهربائية التي قد تتسبب في كوارث لم تخطر على البال، كحادثة الإقامة الجامعية 2 للبنات التابعة لجامعة «20 أوت 55» بسكيكدة، أين أتى الحريق الذي اندلع بسبب شرارة كهربائية على محتويات الغرفة من أفرشة وأغطية ولوازم المقيمات، إلى جانب حادثة إقامة «البشير الإبراهيمي» بتلمسان التي كان سببها الرئيسي تسرب غاز المطبخ، فهل ستتحرك مديرية الخدمات الجامعية لتحسين ظروف الإقامة بمختلف الجامعات الوطنية، من خلال وضع مصلحة تحسين الخدمة العمومية بالجامعة الجزائرية وإيفاد لجان تفتيش لرصد معاناة الطالب الجزائري وتخبطه في ظروف إقامة بدائية تخلو منها التدفئة، والحمامات، وتغيب عنها كل ظروف الصحة. أمام هذا الوضع الكارثي تستمر معاناة الطلبة وتخبطهم في مشاكل الإقامات الجامعية مما قد يؤثر على مستواهم العلمي وحتى النفسي أمام هذا الوضع الذي يزداد سوءً عاما بعد عام رغم تخصيص ميزانية معتبرة لقطاع التعليم العالي والبحث العلمي، إلا أن ظروف الطلبة «حدّث ولا حرج».