لايزال سكان بلدية تسالة لمطاعي، الواقعة بأعالي ولاية ميلة، يعتمدون على الطريقة التقليدية في تربية النحل وإنتاج العسل، باعتبار أن المنطقة جبلية وهذا ما ساهم في بقاء هذه الحرفة بتقنياتها القديمة، رغم توفر التقنيات الحديثة في هذا المجال. وفي ذات الشأن، أكد احد القاطنين بمنطقة تسالة لمطاعي، أنه يمارس الطريقة التقليدية مثلما كان أجداده يمارسونها قبل الأربعينيات، مضيفا أن الطريقة التي يعتمدها تجعل الشخص لا ينهض من فراشه لمدة أربعة أيام. وفيما يتعلق بالنحل، أوضح المتحدث أن هناك نوعان، حيث يوجد النحل الذي لا يلدغ الشخص الذي يقترب منه، فيما يوجد نوع ثان من النحل يلدغ المربين أو كل شخص يقترب من شهدة العسل، وفي بعض الأحيان، يصل إلى درجة القتل نظرا لخطورته على صحة الإنسان. تجدر الإشارة إلى أن سكان المنطقة قاموا منذ القديم بجلب النحل من الجبال إلى بيوتهم بوسائل تقليدية وكانت الطبيعة عونا لهم في ذلك. وفي سياق متصل، أكد احد القاطنين بالمنطقة، ان الناس كانوا عندما يعثرون على النحل في الجبال سواء في الشجر أو في الصخر، يتركون انقضاء النهار ثم يقومون بإشعال النار في فضلات الأبقار في حدود غروب الشمس أي عندما يركن النحل للنوم لتفادي اللدغات، ويقومون بإحداث الدخان ويضعونه فيما يسمى ب الغنوش ، ويأخذون الدخان إلى الثقب الذي كان النحل قد دخل منه ويقومون بالنفخ فيه، لتمكين الدخان من الدخول إلى الثقب، فيصرع النحل. وكشف المتحدث أن الشخص يقوم بتوسيع الثقب إلى غاية أن يصل إلى الشهد، ليقوم بنزعه الواحد تلو الآخر، لينقل النحل بطريقة تقليدية إلى بيته ويجنّبه التعرض للمطر، ليمكث على حاله إلى غاية حلول فصل الربيع. وكان سكان منطقة تسالة لمطاعي، ومازال بعضهم، يصنعون بيوتا النحل أو ما يعرف ب الجبح من فلين أشجار البلوط ومن الطين. وفي السياق ذاته، أوضح احد القاطنين بالمنطقة، في تصريح أدلى به لإذاعة الجزائر بميلة، أن الجبح المصنوع من القشر يتم صناعته في شهر جويلية وذلك بإدخال الماء بين الجلد وعظم الشجرة، وبعد أن يتم نزع الجلد من البلوطة، يزول الماء لتعود الشجرة إلى حالتها الأولى ثم يقوم بقطعه في حدود 70 سنتيمتر، ليضع بداخله النحل ويغلق عليه بالداخل. هكذا يفرق سكان المنطقة بين أنواع العسل ويفرق سكان المنطقة بين أنواع العسل من خلال ما تقتات عليه النحلة، وعلى ذلك، فكل نوع يختار لعلاج مرض معين. وفي ذات الشأن، كشف احد القاطنين بالمنطقة أن العسل كان في القديم يتم استعماله على خلاف ما هو مستعمل اليوم، حيث أضحى من المكونات الأساسية للحلويات والمناسبات، مضيفا أن العسل المتواجد في الجبل هو نوع رفيع لأن رحيقه مستخرج من نباتات هامة مثل الزعتر الذي يتفتح على شكل الورود في شهر جويلية، وبالتالي، يتجّه نحوه النحل وهو عسل نادر الوجود. تجدر الإشارة إلى أن سكان منطقة تسالة لمطاعي أحبوا مجتمع النحل واحتضنوه وعاملوه برفق، فأعطاهم غذاء ودواء فيه شفاء للناس.