النقد الذي تتعرض له أعمالي لا علاقة له بالنص بل بصاحب النص اختياري لعناوين رواياتي تكون بتلقائية يفرضها منطق النص وليس التجارة الروائي السوري خالد خليفة.. كاتب جيّد إلا أنني أحتفظ بحقي في النقد ما من عمل أدبي يصدره إلا ويحدث ضجة ورجّة في الساحة الأدبية الجزائرية والعربية، فيجد اهتماما بالغا لدى النقاد وانبهارا لدى القراء، فمواضيع إبدعاته لا تخلو من الغرابة لكنها تستنطق الواقع من صميمه، الطريقة التي يكتب بها وصفها البعض على أنها معقدة، إلا أنها مبهرة في كل كلمة يرصها لتكون في الأخير عملا إبداعيا أقل ما يقال عنه أنه رائع، مما جعل له بصمة من التميز في الساحة الأدبية الجزائرية.. ناقد عربي كبير وصف روايته قبل الأخيرة الحالم على أن يد الله هي التي كتبت سطورها بدل يد سمير قسيمي، عوالم يستنطق فيها الأديب الأشياء الخفية والهامشية في المجتمع الجزائر، فبين روايته الستة تصريح بضياع ويوم رائع للموت وهلابيل وفي عشق امرأة عاقر و الحالم يقف الكاتب كساحر يوزع تراتيله على قرائه في رحلات لا تنتهي وقراءات سيميولوجية تتمازج بين جدليات المادة والروح لا وقت لديها لتنضب عن الأسئلة، مستفزة الإجابة عن إشكالية الوجود والعدم، ليقذف بنا الأديب مرة أخرى في روايته الأخيرة -حب في خريف مائل- إلى نص جديد، وأحداث وشخوص وعوالم هامشية يصبر فيها بعض أغوار المجتمع الجزائري، في قضية تلقى فيها وابلا من الإنتقادات وردود فعل عن فحوى هذا العمل الذي تناول فيه موضوع الحب والجنس والوجود ككل. وتتربع الرواية الصادرة في الجزائرولبنان عن منشورات الإختلاف الجزائرية وضفاف اللبنانية على 200 صفحة.. وفي حوار حصري ل السياسي بعد صدوره لهذه الراوية، يشرح فيه الكاتب الفكرة الرئيسية التي تقوم عليها روايته السادسة التي نشرت في لبنان وستدخل الجزائر عما قريب، فضلا عن ردّة فعله عن الإنتقادات التي وجهت لمولوده الجديد، كما فتح النار على العديد من المتهمين إياه بالسرقة الأدبية قائلا: لا آمل لمثل هؤلاء بالشفاء من أمراض القلب التي يعانون منها، إذ لا أمل من الشفاء من الحسد إلا بالموت . + أثار مولودك الأدبي الجديد حب في خريف مائل ردود فعل متباينة من قبل القراء، فمنهم من وضعها في صنف الروايات الجريئة في مجتمعنا المحافظ، في حين يراها البعض عملا راقيا يسبر أغوار طابوه مسكوت عنه في المجتمع الجزائري والعرب؟ - لطالما أدهشتني الأحكام الجاهزة والتملّق الذي نحترفه كلما تعلّق الأمر بالجنس أو الدين أو السياسة، كأن ثمة ما يجبرنا على ذلك. لديّ يقين أن وصف محافظ هذا والذي أضفيته على مجتمعاتنا العربية، ليس إلا محاولة بائسة للإبقاء على آخر دفاعات التملق التي أحاول وغيري من روائيين وكتاب مؤمنين بكتابتهم القفز عليها. أليس من الغريب أن تلاقي روايتي حب في خريف مائل ما وصفته من ردود عنيفة لأشخاص لم يقرأوها بعد. الأدهى ومن خلال تعليقاتهم، أنني أكتشف أيضا أن لا إطّلاع لهم على سائر أعمالي. كل ما يفعلونه هو قراءة بعض المقتطفات التي أنشرها، والتي عليها بنوا أحكامهم. أقول أحكام لأن ما يصدر منهم مختلف عن الرأي والنقد. كل ما قرأته لهؤلاء هي أحكام تفتيشية، لا يفرق أصحابها بين الأدب والدين، ولا يفهمون الخط الفاصل بين الراوي والروائي، وهم بذلك يعتقدون أن كل رواية بضمير المتكلم ليست إلا رواية مذكرات. الغريب في الأمر، أن معظم هؤلاء من الجزائريين، والأغرب هو ذلك الشعور المتنامي داخلي الذي يجعلني أوقن أن ما تتعرض له هذه الرواية أو غيرها من رواياتي لا علاقة له بالنص بل بصاحب النص فحسب.. + يحمل عنوان روايتك الأخيرة قراءات سيميولوجية عديدة ودلائل كثيرة، ما تعني بحب في خريف مائل؟ - لا شك عندي أن الأمر سيتضح بعد قراءة الرواية، ومع ذلك يمكنني أن أوضّح أمرا عاما فيما يخص العناوين التي أختارها لأعمالي. أنا لا آبه بالعناوين التجارية ولم يسبق لي أن قبلت اشتراطات في ذلك وإن كانت اشتراطات الناشر. أختار العنوان بتلقائية يفرضها النص فحسب. + القارئ عندما يتتبع أحداث روايتك الأخيرة يلج إلى بهو مجتمع خفي يقف على النزوات والحرمان والألم والعدم والموت والحياة، ما الذي يرغب سمير قسيمي قوله من خلال هذه الراوية؟ - قلت فيها الكثير، ولكن أهم ما أردت قوله أن الحياة تستحق أن تعاش بأية طريقة ممكنة. + رغم إبداعاتك الرائعة وأسلوبك المتميز الراقي الذي مكنك من اعتلاء سماء الساحة الأدبية الجزائرية والعربية فضلا عن إنتاجك الأدبي الغزير، إلا أن هناك بعض الأطراف يريدون تشويه ما أبدعته، حيث لم يقف هؤلاء هنا فقط بل بلغت بهم الجرأة إلى اتهامك بتحوير أفلام غربية وروايات مغمورة وإعادة إنباتها في أجواء جزائرية، كيف تعلق على ذلك؟ - أتعلم أنني قبل سنوات خَلَت وبالضبط قبل أن ألج باب الكتابة، لم أكن مؤمنا بالشر المطلق ولا بالخير المطلق. لم أومن قط بوجود شخص مهما بلغت شروره يمتهن الشر فقط للمتعة، كنت قادرا على إيجاد آلاف الأعذار حتى لأكثر الناس انحدارا في الجرم والقذارة. إلا أنني أدركت بعد حين أنني كنت مخطئا: يوجد أشخاص يمثلون الشر المطلق. أشخاص هم في الحقيقة يمقتون أنفسهم إلى درجة أن يضعوا أنفسهم في خانة البهلوان الأعور. حين أقرأ ما يقولونه عني وعن رواياتي، أشعر بالرغبة في مراسلتهم والتأكيد لهم أنني أحبهم، وأتفهم جيدا رغبتهم الجامحة في إظهار نجاح سواهم بمظهر الاحتيال. صدقني أشعر بالأسى على هؤلاء، مع اعترافي أنني في البداية كنت أجد ما يصرّحون به مضحكا، لكن استمرارهم في ذلك جعلني أشعر بالحسرة والأسى عليهم. أؤكد مرة أخرى أنه مثلما لا مجال لرجل حالم مثلي أن يتوقف عن الحلم والكتابة والإبداع، فلا مجال للأسف.. ولا أمل لمثل هؤلاء للشفاء من أمراض القلب التي يعانون منها، إذ لا أمل من الشفاء من الحسد إلا بالموت. + يتساءل العديد من القراء عن سر إقبال الأدباء والكتاب الجزائريين وسمير قسيمي على دور نشر في المشرق العربي وعدم التوجه لدور نشر جزائرية لنشر أعمالهم؟ - ناشري هو منشورات الاختلاف وهي دار نشر جزائرية، بل أهم دار نشر جزائرية في الوقت الراهن من حيث الاهتمام بالنصوص الإبداعية والفكرية. بالطبع لديه شراكة مع منشورات ضفاف وقبلها مع العربية للعلوم، ولكن ذلك يدخل في إطار عملهم وتحقيق مصالح تجارية معينة، من دون أن يعني ذلك لي أي شيء غير التوزيع الممتاز في الوطن العربي. أعتقد أنني حتى وإن اتجهت لدار نشر مشرقية وهو أمر وارد بالنسبة لأي كاتب، فذلك لا يشكل ظاهرة بالنسبة للكتاب الجزائريين تستحق أن تناقش. + صنفت يوما جائزة البوكر العربية التي شاركت فيها عام 2009 برواية يوم رائع للموت ، بأنها جائزة مرموقة في حين انتقدتها فيما بعد على أن القائمين على الجائزة رشحت أعمالا لا تستحق، حتى أنك وصفت ترشيح رواية الأديب السوري خالد خليفة لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة على أنه تدريب رائع لكتابة رواية سيئة لتفوز بجوائز، ما هو تعليقك؟. - في آخر مرة لم أنتقد الجائزة، بل لجنة تحكيمها وعاتبت على المنظمين تلك التشكيلة من المحكمين غير المقتدرين التي جعلت من أعمال تجارية -فحسب- أعمالا تصنف ضمن أفضل الروايات العربية، ومع انتقادي أدبيا لرواية الصديق خالد خليفة، إلا أنني أعتبر ما قدّمه رواية ولم أصف عمله أبدا أنه تجاري صرف، على عكس نص الفيل الأزرق الذي صدمني وجوده في الطويلة والقصيرة. أعتقد أن خالد خليفة كاتب جيد، بل ممتاز في أعمال بعينها، لكن روايته تلك لم تبهرني وفيها ما فيها كما أوضحت في قراءة لي. أؤكد مرة أخرى على حقي في النقد، ليس من باب كوني روائيا بل كقارئ لا يرغب أن يذهب ماله ووقته سدى. + لماذا لم يفز في رأيك أي روائي جزائري بجائزة البوكر العربية منذ إنشائها رغم الأسماء والأعمال الأدبية المرموقة التي ذاع صيتها في الساحة العربية على وجه الخصوص؟ - ولماذا عليهم أن يفوزوا بها؟ هل أصبحت الجوائز فجأة دليل تميز وشهادة على الأفضلية؟