ومع الأمر بالمسارعة في إعطاء العامل أجره، وعدم الإنقاص منه، والتخفيف عنه، حث النبي صلى الله عليه وسلم صاحب العمل والمخدوم على شكر العامل والخادم، فالإنسان بطبعه يحب من يحسن إليه ويشكره ويقدر عمله، وشُكْرُ من أسْدَى إلينا معروفا أو صنيعا مِنْ شكرِنا لله عز وجل ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم: (لا يَشْكرُ اللهَ مَنْ لا يشكرُ الناس) (رواه أبو داود). قال الخطابى: (هذا يتأول على وجهين، أحدهما: أن من كان من طبعه وعادته كفران نعمة الناس، وترك الشكر لمعروفهم، كان من عادته كفران نعمة الله تعالى وترك الشكر له، والوجه الآخر: أن الله سبحانه لا يقبل شكر العبد على إحسانه إليه إذا كان العبد لا يشكر إحسان الناس ويكفر معروفهم، لاتصال أحد الأمرين بالآخر). وقد حرم النبي صلى الله عليه وسلم استغلال العامل، وعدم إعطائه ما يستحق من أجر بسبب حاجته إلى المال: فقال صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار) (رواه ابن ماجه)، وهذه القاعدة العامة التي وضعها النبي صلى الله عليه وسلم لم تصل إليها النظريات الاقتصادية والقوانين الوضعية، وهي أصل عظيم من أصول الدين، فإن الفرد إذا التزم بصيانة حقوق غيره وعدم الإضرار بها، فإن من شأن ذلك أن تقل المنازعات بين الناس، فينشأ المجتمع على أساس صيانة الحقوق والاحترام المتبادل بين أفراده، وهذا الحديث على قصره يدخل في كثير من الأحكام الشرعية، ويبيّن السياج المحكم الذي بنته الشريعة لضمان مصالح الناس، في العاجل والآجل.