عاد المخرج أحمد راشدي إلى الأفلام الثورية من خلال الفيلم الملحمي (كريم بلقاسم)، الذي قدم أول أمس في عرض خاص بالصحافة بحضور المخرج وجانب من الطاقم الفني. يواصل صاحب (الأفيون والعصا) بهذا الفيلم الطويل (ساعتين ونصف) الذي يتناول الثورة التحريرية من خلال أبرز صناعها المشوار الذي بدأه في 2008 بفيلم (مصطفى بن بولعيد). وقد جال راشدي في هذا العمل الجديد عبر مختلف مراحل ثورة نوفمبر المجيدة، من خلال ترصد نشاط وكفاح البطل كريم بلقاسم الذي بدأ العمل المسلح ضد المستعمر في 1947. واستطاع راشدي بكل جرأة تقديم فيلم عن تاريخ الثورة التحريرية بوجه إنساني غير معهود في السينما الجزائرية في تناولها لهذا الموضوع، حيث قدم صورة للمجاهد الانسان بمبادئه وطموحاته وأيضا بأخطاءه. ورصدت كاميرا المخرج المسار النضالي لكريم المتمرد على المستعمر والرافض لطغيانه، حيث حمل السلاح قبل اندلاع الثورة ودافع عن حق الجزائريين بعد البطش الذي تعرضوا له في أحداث ماي 1945 وواصل الكفاح بعد قرار انطلاق الثورة. واستعرض الفيلم عبر البطل كريم بلقاسم الذي عايش عن قرب أهم المراحل التي مرت بها الثورة، بدءا من مؤتمر الصومام إلى غاية مفاوضات (إيفيان) التي وقّع بيده على وثيقتها الختامية عن الجانب الجزائري والتي انهت الوجود الفرنسي بالجزائر. وسعى راشدي من خلال سيناريو متين كتبه المجاهد الرائد عزالدين والصحافي بوخالفة أمازيت لأول مرة، إثارة بعض المسائل التي كانت إلى وقت غير بعيد تعدّ من الطابوهات مثل اغتيال عبان رمضان أحد قادة ومنظري الثورة التحريرية، إلى جانب اشارته إلى بعض الاختلافات التي كانت بين القادة. وركز الفيلم في جانب منه على العمل السياسي والتفكير في بناء المستقبل وبعض الخلافات بين القادة حول تفضيل السياسي عن العسكري أو العكس، وأيضا مسألة الخلافات التي طرحت بين العمل في (الداخل والخارج). ورغم بعض النقائص كالمشاهد التي تصور المعارك وأيضا عدم الغوص في بعض المسائل الحرجة، خاصة مسألة مقتل عبان، إلا أن الفيلم نجح في إعطاء صورة ممجدة لشخصية كريم بلقاسم وهي شخصية صعبة بشهادة كتاب السيناريو، وليس من السهل الإحاطة بكل جوانبها الانسانية والنضالية و كانت بعض المشاهد جد مؤثرة. وعن انتهاء الفيلم عند مفاوضات (إيفيان) مع أن كريم بلقاسم أغتيل ثمان سنوات بعد الاستقلال بألمانيا، إعتبر المخرج أن الفترة التي تلت الاستقلال (تحتاج إلى عمل آخر). وساهم في إنتاج الفيلم صندوق تنمية الفنون والتقنيات السينمائية (فداتيك) التابع لوزارة الثقافة، ومن بين الممثلين الذي ظهروا فيه مصطفى لعريبي في دور عبان رمضان واحمد رزاق في دور أوعمران وسليمان بن واري في دور بن مهيدي وكمال رويني في دور بوالسوف وبوعلام زبلاح في دورعميروش إلى جانب بهية راشدي. يتكون الطاقم التقني من عبد الحميد اكتوف مدير التصوير، في حين وقع الموسيقى التصويرية فريد عوامر