ما الذي يُحدث حرقة المعدة عند الأطفال؟ عادة ما تكون حرقة المعدة علامة لإرتجاع العصارة المعدية إلى المريء تلك الأنبوب التي تصل ما بين الفم والمعدة، والتي تحتوى بأسفلها عضلة تسمى الصمام السفلي للمريء والذي بدورة يمنع إرتجاع العصارة المعدية من المعدة إلى المريء، وبذلك يحافظ على تواجد الحمض المعدي بداخل المعدة ولكن ما إن يحدث إرتخاء متزايد في هذا الصمام، يندفع هذا الحمض المعدي إلى المريء مهيجاً الغشاء الرقيق المبطن للمرئ، مسبباً ذلك الإحساس بالحرقة المعدية. وبسبب عدم إكتمال نمو الجهاز الهضمي، فإن الحرقة تظهر لدى الصغار أما الأكبر قليلاً، فإن زيادة الوزن والتعرض للتدخين وتناول الأطعمة الحارة والشلل الدماغي هي بعض عوامل الخطورة المتسببة في ظهورها. والسؤال هنا، ما هي الأعراض التي تظهر عند الإصابة بهذا الإرتجاع؟ الحرقة في حد ذاتها هي إحساس يظهر في الصدر والحلق والرقبة، وفي حالة حدوث الإرتجاع تظهر أيضا بعض الأعراض. مثل: ألم الصدر وإحتقان الحلق وبحة في الصوت والكحة، وإنخفاض الشهية وتقوس الظهر أثناء الأكل وألم أثناء البلع، وترجيع وأزيز في الصدر وصعوبة في زيادة الوزن، وأيضا تتكون بعض التقرحات بجدار المريء بسبب الإرتجاع المستمر لذلك الحمض المعدي، والتي إن لم تعالج قد تتسبب في تضييق جدار المريء ليأخذ شكل القارورة وأيضا قد تؤدي إلى النزيف وصعوبة التنفس. إذاً، كيف نشخّص إرتجاع العصارة المعدية عند الأطفال؟ هناك بعض الصعوبة في تشخيص حرقة المعدة لدى الأطفال، حيث أنهم لا يحسنون التعبير عن شكواهم بدقة. فعند شعور طفلك بأي من أعراض الإرتجاع يمكنك الذهاب لطبيب الأطفال والذي بدوره يقوم بتحويل الطفل إلى طبيب الجهاز الهضمي والذي سيقوم بالسؤال عن كافة أعراض الإرتجاع ومن ثم إختباره ليتأكد من تواجده. وذلك عن طريق الآتي: 1- أن يشرب الطفل سائلا طباشيريا والذي يحتوي على مادة صبغية تسمى الباريوم، وتقوم أشعة (X) بتصوير الجزء العلوي من الجهاز الهضمي، والذي يضم المريء والعدة والجزء العلوي من الأمعاء الدقيقة. 2- المنظار: حيث يوضع الطفل تحت التخدير ونقوم بإدخال أنبوبة صغيرة قابلة للإلتواء من الفم إلى المريء والمعدة، وبذلك نسمح برؤية الأنسجة المبطنة لكل منهم وأيضا أخذ عينة إذا لزم الأمر. 3- مجس لدرجة حموضة المريء: حيت تدخل أنبوبة رفيعة وقابلة للإلتواء من الأنف إلى المريء لإختبار درجة حموضة المريء. 4- دراسة حركة خروج الطعام من المعدة: حيث يشرب الطفل لبنا يحتوي على مواد مشبعة خاصة، يقوم الطبيب بتصويرها بكاميرا (غاما) ليتسنى له فحص حركة خروج المواد خلال القناة الهضمية. بعد التشخيص، ماذا عن العلاج؟ يعتمد علاج الحرقة على سن الطفل وسبب هذه الحرقة، فبالرغم من أنها تتحسن مع مرور الوقت وبلوغ الطفل عامه الأول، إلا أن علاج الحرقة تشمله بعض الصعوبات. فبعض الوسائل العلاجية التي تنفذ في البيت لا تؤتي ثمارها مثل: أن ينام الطفل في وضع رأسي أو زيادة كثافة غذاء الطفل أو استخدام المصاصة. يمكنك جعل طفلك يتجشأ أو جعله في وضع رأسي لمدة 30 دقيقة بعد إطعامه ليساعد في التقليل من أعراض الحرقة. هناك بعض الأدوية التي تساعد في علاج الحرقة التي لا تتحسن من تلقاء نفسها وتشمل: 1- مضادات الهيستامين (تاغاميت، زانتاك ، بيبسيد). 2- مضادات مضخة البروتون (ديكسيلانت، بريلوسيك، نيكسيم، بريفاسيد). فهذه الأدوية تقلّل من كمية الحمض الذي ينتج من المعدة، وبالتالي تقلّ كمية إرتجاعة إلى المريء. وأخيراً، بعض النصائح 1- إعطي طفلك وجبات صغيرة متكررة خلال اليوم بدلاً من وجبات كبيرة الحجم. 2- لا تدعي طفلك ينام بعد الأكل بأقل من ساعتين. 3- جنبي طفلك الأطعمة الآتية: (الشوكولاطة، القهوة المضافة إلى الصودا، النعناع، المأكولات المتبلة والمقلية، البرتقال والمأكولات الحمضية الأخرى). 4- إرفعي رأس الطفل عن سريره 10-12 سم بوضع أقمشة من الصوف تحت رأسه، لأن زيادة الوسادات لن تفيد كثيراً. إن لم تنجح هذه الأدوية والإرشادات، قد يلجأ الطبيب في نهاية الأمر إلى الجراحة والتي تتضمن ربط الجزء العلوي من المعدة بالصمام السفلي للمريء لينتج ما يشبه حزاما يحول دون ارتجاع العصارة المعدية إلى المريء. لا يمكننا أن نتجاهل إنتشار الحرقة المعدية لدى أطفالنا، ولذلك وجب على الأطباء توعية الأمهات بضرورة إتباع الوسائل اللازمة لمنع حدوث الحرقة عند طفلها أو التقليل من أضرارها ليعيش أطفالنا بصحة وعافية.