- توعك المعدة أكثر المشاكل الصحية شيوعا في بلادنا وفي العالم، ومصدر إزعاج وقلق حقيقيّين، لذلك ولِما رأيت له من كبير أهمية أعددت هذا الموضوع عن مصادر التوعك الثلاثة، وفصلت في أسبابها وركزت كالعادة أيضاً على التوصيات والنصائح العملية، وأردت في بداية الموضوع أن أعرف لكم هذا العضو المهم وأعطيكم نبذه عن عملية الهضم. - المعدة هي جيب مرن في الأنبوب الهضمي يأتي مباشرة بعد المرئ، يزيد حجمه بعد تناول الوجبات، تقع تحت الحجاب الحاجز في الجهة اليسرى للبطن أين تكون محمية بالخمسة أقسام الأخيرة للقفص الصدري. - بعد ساعتين إلى أربع ساعات من تناولها، تبدأ الأطعمة في الخضوع لعملية الهضم، والتي كان بدايتها الأولى على مستوى الفم. - الحركة الانقباضية للمعدة من شأنها أن تعجن الأطعمة وتخلطها بالعصارة المعدية، هذه العصارة لا يتم البدء في إنتاجها إلا بعد التحفيز بواسطة رائحة الطعام ورؤيته، ووصوله إلى المعدة، ويتم ذلك بواسطة بعض الهرمونات، تحتوي العصارة المعدية على إنزيمات حالّة تقوم بتفكيك الأطعمة إلى وحدات بسيطة. - الغدد الهضمية في المعدة تفرز مادة حمضية تشارك في عملية الهضم، وتقضي على البكتيريا الخطيرة. وغدد أخرى تقوم بإفراز مادة مخاطية لحماية جدار المعدة من تأثيرات المادة الحمضية. توعك المعدة: - سوء الهضم يؤدي إلى ثلاثة أنواع من توعك المعدة: الحريق (عندما تصعد العصارة المعدية من المعدة إلى المرئ)، الآلام التشنجية التي تحدث عندما تنقبض المعدة، وظاهرة أخرى هي التجشؤ وهي عبارة عن أصوات تنتج عن محاولة المعدة إبعاد وإخراج الهواء الذي يعيق عملية الهضم ويكون مصحوبا أحيانا بآلام وحريق في المعدة. الحريق المعدي: - نتيجة زيادة في الإفرازات الحامضية للمعدة، أو صعودها لعدم تخليص المرئ من جميع بقايا الطعام. - يكون مصحوباً ب: تباطؤ في الهضم، آلام في البطن، غثيان، آلام على مستوى الصدر، وفقدان الوزن في حالات أخرى. - من نتائجه: حصول مذاق حمضي في الفم أثناء التجشؤ، تغير في الصوت، سعال جاف، عسر في البلع وآلام مصاحبة له. الآلام التشنجية: - يظهر في البداية بضيق وعدم ارتياح في المنطقة العلوية للبطن. - قد يكون مصحوبا ب: إسهال، إمساك، أو انتفاخ بطني. - قد يكون ظهوره بصورة مستمرة أو متناوبة. التجشؤ: - ظاهرة عادية ليس لها مضاعفات خطيرة، لكنها تسبب إزعاجا حقيقياً. - يمكن أن تكون مصحوبة بحريق في المعدة. الأسباب: 1- حريق المعدة: - الارتجاع المعدي، الذي يرجع لسوء عملة الهضم التي لا تخلص في بدايتها المرئ من جميع بقايا الأطعمة، أو عدم قيام صمام المعدة الذي يفصلها عن المرئ بعمله جيداً، مما يجعل الحموضة المعدية تصعد إلى المرئ. - زيادة في الإفرازات المعديّة الحامضية، فالإفرازات الحامضية المستمرة يمكن أن تؤدي إلى جرح جدار المعدة وبالتالي القرحة المعدية، كما يمكن أن تتسبب الحموضة الزائدة تلك في بعض أنواع الربو، أو أمراض الفم، أو التهاب البلعوم. - القلق: يتسبب القلق بصفة مباشرة في زيادة الإفرازات الحامضية للمعدة، وعند الشعور بالحريق فيها يزداد القلق فتزداد الإفرازات مرة أخرى! وهكذا، لذلك ينصح لمرضى القرحة المعدية الابتعاد كلية عن كل ما يسبب القلق. - بعض العادات الغير سليمة: التدخين، المشروبات الكحولية، الإكثار من الأكل، المأكولات الغنية بالدسم وكذلك التوابل، عدم تنظيم الوجبات الغذائية اليومية، الأكل بوجود الفوضى، الأكل مسرعاً، الأكل والشرب واقفاً، الإكثار من القهوة..الخ. - بعض الأدوية يمكن أن تكون السبب: بعض مخفضات ضغط الدم (بالضبط مثبطات الكالسيوم)، النيترات التي توصف لمرضى القصور الكلوي، البروجسترون (هرمون موجود في حبوب منع الحمل)، وكما هو معروف أغلب مضادات الالتهاب والأسبيرين لها دور كذلك. - بكتيريا ''إليكوباكتر بيلوري'' هي المتسبب الرئيسي لزيادة الإفرازات الحامضية في المعدة، لا يتم التخلص منها إلا بتناول تشكيلة من المضادات الحيوية لمدة طويلة يصفها الطبيب المعالج بعد التشخيص بالمنظار وإجراء بعض التحاليل. 2- الآلام التشنجية: - الأكل بسرعة (الالتهام)، وضع التوابل في الطعام كثيراً، تناول الأطعمة الحامضة، هي الأسباب الرئيسية لتلك الآلام. - القرحة المعدية: تتسبب في الآلام المعدية الحادة، هذه الأخيرة تختفي بعد فترة قليلة من تناول وجبة ما. - التسممات الغذائية أو الدوائية: التي تنتج عنها تشنجات لا إرادية على مستوى المعدة وبصورة مكثفة، وهي استجابة مباشرة ضد الفيروس، البكتيريا، أو المادة السامة المبتلعة. - اعتلال في الحركة المعدية، الذي يبعث الشعور بالضيق، وعدم الارتياح، وأن الهضم بطيء، قد يكون السبب أيضا في: غثيان وانتفاخ في البطن مصاحبان للآلام. - أمراض الجهاز الهضمي الأخرى: التهاب القولون، داء كرون، التهاب الزائدة الدودية..الخ 3- التجشؤ: - إدخال كميات كبيرة من الهواء، تتسبب أيضاً في الإحساس بالانتفاخ البطني، الغازات. مضغ العلك يحفز الإفرازات اللعابية ودخول الهواء إلى الأنبوب الهضمي. - تناول المشروبات الغازية: المشروبات الغازية ومعظم المشروبات الأخرى يمكن أن تسبب ظاهرة التجشؤ (التقراع)، لأنها تحتوي على حبيبات هواء صغيرة جداً، وأي حبيبات هوا دخلت المعدة يجب أن يتم إخراجها. - السكري، والأمراض التي تؤثر على الحالة الصحية العامة: تعيق الحركة المعدية الجيدة المطلوبة، وهذه الأمراض تتسبب أيضاً في كثرة الغازات. نصائح عملية: 1- حالة الحريق المعدي: - تغيير نمط الأكل: مهم جدا أن تتناول العديد من الوجبات الصغيرة في اليوم لتفادي تثقيل المعدة بالطعام، وراقب طعامك جيداً واكتشف الأطعمة التي تزيد من الشعور بالحريق، ذلك أن الأمر يختلف من شخص لآخر كما أفادت به الدراسات الأخيرة، لكن هناك أطعمة لا اختلاف في أنها تتسبب في الحريق: المقليات والوجبات الدسمة، الشوكولاتة، النعناع، القهوة، الشاي، الحليب، الطماطم، التوابل، فتناولها يجب أن يكون بصورة معتدلة. - تجنب التأخر في تناول الوجبات اليومية، لأن وضعية الاسترخاء من شأنها أن تؤدي إلى صعود الإفرازات المعدية، لذلك ينصح بتناول وجبة العشاء ثلاث ساعات قبل النوم على الأقل، وأن لا تكون وجبة العشاء كبيرة جداً لأنه كلما امتلأت المعدة كلما زادت كمية إفرازاتها. - استعمل مضادات الحموضة التي تباع دون وصفة طبية، يصفها لك الصيدلي، واتبع الجرعات الموصى بها والطريقة التي يصفها لك الصيدلي. - استعمل وسادة عالية قليلاً وذلك للتقليل من الارتجاع المعدي - تجنب السراويل الضيقة، إرخاء السروال قليلاً أثناء الأكل يساعدك كثيراً في التخلص من تلك الأعراض المزعجة - حذار من الاستعمال الكثير لمضادات الالتهاب والأسبيرين، فقد أثبت العلماء ضررهم المباشر على المعدة، مثلاً إذا كنت تأخذ الأسبيرين مرتين في الأسبوع فأنت قد لا تكون معرضا للإصابة بالحروق المعدية، أما إن كان بصورة أكبر فالاحتمال وارد أن تصاب بالحريق المعِدي. ودائما طبيبك المعالج هو المخول بأن يغير لك العلاج أو يصححه لك، وكبديل للأسبيرين هناك الباراسيتامول في حالة الحمى والألم، وأدوية أخرى للألم نافعة جداً ولا تسبب ضرراً للمعدة. - التدخين يزيد من الإفرازات الحامضية باحتوائه على عناصر كيميائية تحرض على تلك الإفرازات، لذلك حاول الإقلاع عن هذه العادة لتحمي نفسك من أمراض المعدة ومن أمراض فتاكة أخرى. - تعلم كيفية التعامل مع القلق، وكيف تحد من تأثيره السلبي على نمط حياتك، وذلك بالإكثار من ذكر الله وقراءة القرآن، والدعاء، وكذلك القيام بالتمارين الرياضية، تناول وجبات غذائية متوازنة، الإقلاع عن التدخين والعادات المماثلة، تنظيم الوقت والعمل في نظام. 2- الآلام التشنجية: - خذ وجبات متوازنة، لا تكثر من القهوة، التوابل، الكولا، الشوكولاتة، الدسم، لأنها تتسبب في اعتلال الحركة المعِدية. - كن دائماً متتبعا لحالتك جيداً: ما المأكولات التي تسبب لك الآلام، مدة الآلام، مكانها، العوامل التي تقلل منها، هذه الأمور تساعد طبيبك على التشخيص الجيد لمرضك. - تجنب التسممات الغذائية والدوائية (يمكنك مراجعة التوصيات الخاصة في الموضوعين الخاصين)، وفي حالة حصول تسمم غذائي أكثر من شرب الماء، ومن الأحسن تناول كميات قليلة بفواصل زمنية ثابتة لزيادة كمية الماء تدريجياً. 3- حالة التجشؤ: - تجنب المشروبات الغازية، ومن الأفضل شرب الماء والعصائر الطبيعية، ولا تستعمل الجلة في الشرب لأن ذلك يزيد من كمية الهواء التي تدخل المعدة. - لا تسرع في الأكل، ولا تكثر من كمية الطعام خصوصا في العشاء. - تجنب مضغ العلك، لأنه يزيد من إفراز اللعاب، وعند ابتلاع هذا اللعاب فإنك تبتلع معه كمية من الهواء. - امضغ الطعام بروية والفم مغلق، هكذا تتجنب دخول الهواء، واشرب الماء بعد إكمال الوجبة فهو أفضل. - عليك بالهدوء أثناء الأكل، وكلْ في مكان هادئ بعيداً عن الضوضاء. متى يجب عليك زيارة الطبيب؟ - استمرار الحريق في المعدة على الرغم من تغيير العادات الغذائية الغير سليمة. - إذا لم تعط مضادات الحموضة أي نتيجة. - إذا كان لديك فقدان في الوزن مصاحب للأعراض. - إذا كان لديك عسر في ابتلاع الطعام. - استمرار الآلام التشنجية حتى بعد إجراء الحمية المناسبة وتغيير نمط الأكل المعتاد. - هناك أدوية للتخلص من مشكلتي الحريق المعِدي والآلام التشنجية يصفها الطبيب المعالج، لكن التجشؤ ليس له دواء، يكفي فقط أن يتجنب الإنسان دخول الهواء أثناء الأكل. الإكثار من الأكل كما رأينا هو سبب مشترك للمشاكل الهضمية الثلاثة، لذلك علينا تجنبه قدر المستطاع والعمل بوصية نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - بأن يكون ثلث المعدة للطعام، وثلث للشراب، وثلث فارغ كي تستطيع المعدة القيام بعملها دوت تعب. وأيضاً قوله: ''ما ملأ بن آدم وعاءً أشرّ من بطنه''، فإن ملء البطن لا يأتي إلا بالأمراض والقلق النفسي، وإن من أكل كثيراً، شرب كثيراً، فنامَ كثيراً، فخسِر كثيراً. من لديه استفسار أو سؤال فلا يتردد في مراسلتنا عبر العنوان الإلكتروني: هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته من إعداد الصيدلي: ''مسعودي عبد القادر''