منى.. أول امرأة جزائرية تقود حافلة جميلة تتحدّى الواقع وتتفنن في صباغة الجدران يحتفل العالم اليوم 8 مارس من كل سنة باليوم العالمي للمرأة، وهي مناسبة تحتفل بها النساء في كامل أنحاء العالم لإيصال صوت المرأة إلى أبعد الحدود، كما تعتبر المناسبة فرصة لإبراز أوضاع المرأة عبر العالم ومستوى التقدم الذي أحرزته، عن طريق تعزيز مكاسبها المشروعة في هذا اليوم. حيث يحتفل عالميا بالانجازات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي حققها الجنس اللطيف في الكثير من المناسبات، وتحتفل المرأة الجزائرية، كغيرها من نساء العالم، بعيدها العالمي الذي يأتي كل سنة باحتفالات عديدة، تكرم فيما إطارات وشخصيات مرموقة بمناصب عالية، كما يأتي الثامن مارس على فئة أخرى ممن يعملن في صمت وخفاء اقتحمن ميادين ذكورية، ليصبح للمرأة حضور فيها. منى.. أول امرأة جزائرية تقود حافلة أثبتت المرأة الجزائرية وعيها المتنامي في استيعاب الأفكار المؤسسة لمجتمع الغد في دعمها للمصالحة الوطنية الشاملة، وتحليها بالموقف النبيل تجاه كل الاستحقاقات الوطنية الهامة، فهي من خلية واحدة مع الرجل وتصب معه في خانة واحدة في بناء الأسرة وتأسيس المجتمع المتكامل المتناغم مواجهة إلى جانبه كامل التحديات والصعوبات التي يفرضها الواقع بكل شجاعة وشهامة. فالمرأة الجزائرية هي الخلية المركزية في المجتمع والمؤسسات التربوية وفي المعامل ومراكز البحث والمستشفيات والتجارة وجل الأنشطة في قطاعات الدولة والخواص، ما يؤكد قدرتها ونجاعتها وتفوقها في إدارة الأعمال وأداء المهن والإسهام في التنمية الوطنية بجميع فروعها وها هي اليوم تخوض تجربتها بتميز في سياقة حافلة النقل الحضري وقد كانت منى حسان عوالي، المنحدرة من ولاية الجلفة، من بين اللواتي خضن ذلك، فكانت أول امرأة جزائرية تخوض تجربتها بتميّز في سياقة حافلة النقل الحضري بالولاية. تحدّت الصعاب وتخطّت كل العقبات التي تحول بينها وبين خوض تجربتها بتميز، فاقتحمت عالم السياقة من بابه الواسع، عالم كان حكرا على الرجال دون غيرهم، فأثبتت وجودها وحققت حلما لطالما راودها. منى وبعفوية تامة، اعتبرت دخولها غمار سياقة حافلة النقل الحضري داخل المحيط العمراني تحديا كبيرا في ولاية محافظة لم تشهد ممارسة امرأة هذا النشاط، مشيرة إلى أن أسرتها شجعتها ووقفت إلى جانبها في تحقيق جزء من حلمها حيث كانت في السابق تتوق لأن تكون طيارة. وللإشارة، لمنى عدة شهادات دبلوم إعلام آلي وفي الميكانيك لتصليح المركبات، هذا الأخير نال جانبا تطبيقيا مارسته منى، وبعد مبادرة وتشجيع والدتها التي لها الفضل في إتقان المهنة، كان شغفها لقيادة المركبات الكبيرة والثقيلة ممّا أوصلها لقيادة أكبر مركبة بالولاية، إلاّ أن مهنتها لا تعرف صعوبات أو عراقيل عدا نظرة الإستغراب في وجوه المواطنين، كيف لامرأة أن تقود حافلة، وأكدت منى أثناء حديثها ل السياسي ، أنها تلقى كل الاحترام من عمال هذه المؤسسة العمومية إلى جانب مديرها الذي لا يترك فرصة إلا ويزيد من تشجيعها لكي تقوم بمهامها على أحسن وجه وبتوقيت مماثل للسائقين الرجال بمعدل سبع ساعات سواء في الفترة الصباحية أو المسائية، حسب البرنامج المعد كل أسبوع. فتحية.. أنموذج المرأة الناجحة بتيبازة ولم تكن منى الوحيدة التي خاضت هذا المجال بكل جدارة، فقد كانت فتحية القاطنة بتيبازة أنموذجا آخر لإبراز دور المرأة الجزائرية في المشروع التنموي الذي تنتهجه بلادنا من خلال حرصها على التقدم والرقي واكتساب المعارف والعلوم، رغم الصعوبات والعراقيل التي تواجهها، إلا أنها اقتحمت المجال الاقتصادي واستطاعت الريادة فيه، فتحية شابة لا تتجاوز ال25 سنة هي إحدى نساء هذا الوطن اللائي حققن وأثبتن وجودهن من خلال مشاريع تخدم الوطن، فقد استطاعت من خلال ورشة النجارة ان تحقق أمنها المالي وتخدم المجتمع كفرد منتج، وهو ما لاحظته السياسي خلال تقربها من ورشة الخشب ببلدية فوكة التابعة لتيبازة، فقد صنعت فتحية لنفسها مستقبلا في بلاد الخير والأمان لتقول في هذا الصدد: إن الظروف الاجتماعية الصعبة التي كنت أعيشها أجبرتني على خوض التجربة واقتحام الميدان الذي يعد حكرًا على الرجال فقط ، تقطيع الخشب وتمليسه.. وأعمال أخرى تشكّل سلسلة يوميات فتحية التي تعيش رفقة ابنتها الصغيرة ذات العامين داخل غرفة ضيقة، إلا أنها وبعملها الشريف، أثبتت وجودها ودورها في المجتمع وأثبتت أن المرأة الجزائرية مثال للشجاعة والقدرة على أعمال شاقة، تستحق الدعم والإلتفاتة. جميلة تتحدّى الواقع وتتفنن في صباغة الجدران وقد اختارت جميلة مهنة دون جميع المهن كانت ولا زالت حكرا على الرجل ألا وهي صباغة الجدران، حيث روت لنا جميلة حكايتها مع ألوان الدهن منذ سنة 1998 أين تركت مقاعد الدراسة لتلتحق بمركز التكوين المهني وتختار هذه المهنة. فتحت جميلة ذات الأربعين سنة قلبها ل السياسي لتروي لنا بدايتها في هذا المجال والصعوبات التي واجهتها عند دخولها عالم التكوين خاصة انها كانت هي الفتاة الوحيدة وسط عدد كبير من الرجال وكانت تعاني من الإحراج يوميا حيث ينتقدها الجميع لاختيار هذه المهنة خاصة انها ترتدي الحجاب ولم يمنعها ذلك من التقدم في عملها، تضيف جميلة ان والدها كان عاملا بسيطا وكان حلمها ان تغير ديكور بيتهم العائلي ولان جلب وشراء الدهن يتطلب إمكانيات كبيرة، لم يتمكّنوا من ذلك وفور بدئها في التكوين وتعلمها بعض التقنيات، بدأت في تغيير ديكور البيت تدريجيا وكان أول بيت قامت بصبغه هو بيت والدها وكان الجميع يشك في قدرتها على ذلك، الا انها تمكّنت من ترميم بعض الجدران، إضافة الى عملية الصبغ برسومات جميلة وألوان زاهية وكان ذلك دافعا لها حتى تتقدم أكثر في عملها، تقول جميلة: بداية العمل خارجا ومواجهة الناس والمجتمع كانت صعبة جدا ولم تكن لديّ الجرأة الكافية لخوض هذه التجربة، ولكنني كنت أحب هذا العمل وأتفنن فيه كما أنني أحب الرسم على الجدران وجاءتني اول فرصة للعمل في صباغة أحد المطاعم بزرالدة وكان ذلك أول تحدٍّ بالنسبة لي، توجهت الى صاحب المحل وبعد التحدث معي، طلبي مني القيام بعمل بسيط من أجل رؤية عملي بعدها أعجب بما قمت به وأتممت عملي كله، كان ذلك كله في سنة 2000 ورغم ان صاحب المطعم قام ببيعه، إلا ان المشتري الحالي لم يقم بتغيير الديكور لأنه أعجبه كثيرا وبدأت بعدها أتعرف على أشخاص كثيرين أصبحوا يطلبونني بكثرة عندما يرون عملي ولكن المشكلة أنني عندما أتوجه إليهم يتخوفون مني كوني امرأة ولا أستطيع ان أقوم بهذا العمل الذي لا يقدر عليه سوى الرجل، حسبهم، كونه يتطلب مجهودا كبيرا وواصلت العمل في الكثير من المحلات والبيوت، اذ ان الكثير من النساء المطلقات او الأرامل من لا تستطيع ان تدخل رجلا الى البيت من أجل القيام بدهن الجدران وترميمها، فأصبحت أتعامل معهن بكثرة الى ان تزوجت وأصبحت أعمل رفقة زوجي الذي علمته تقنيات الصباغة، لنتشارك بعدها في جميع الطلبات التي تصلنا وكان الكل ينبهر من عملنا وتفاجئون من زوجي عندما يقول لهم أنني صاحبة العمل وهو مجرد مساعد لي فقط ومرت سنوات وأنا أعمل، والحمد لله، تلاشى الخوف من هذا العمل ونظرة الناس لي، خاصة ان زوجي كان دائما يقف الى جانبي، كما أنني شاركت في الكثير من المعارض الوطنية في الرسم بمختلف أنواعه وذاع صيتي في مجال عملي، خاصة أنني أخوض تكوينا في مختلف الأنواع الجديدة للصباغة لتتماشى مع آخر صيحات ديكور المنازل ولم يعقني ذلك على أداء مهامي داخل البيت والاعتناء بابني الوحيد وحتى هو أصبح يحب عملي كثيرا ولكنني الآن متوقفة عن العمل بسبب وفاة زوجي المفاجئ، حيث ترك لي فراغا رهيبا في حياتي وفي عملي لأنه كان مرافقي ومساعدي فيه، لكن رغم هذا، الا أنني أود ان أعود الى عملي فور انتهاء العدة وأتطور فيه من أجلي ومن أجل ابني الذي سأعلمه هذا العمل كهواية بعد دراسته. و قد تعلمت ان التحدي والإصرار يصنع المستحيل، فالمرأة الجزائرية كما شاركت في تحرير البلاد وخاضت الثورة التحريرية رفقة شقيقها الرجل، هي الآن قادرة على ان تساهم معه في بناء الوطن وتطويره . وعلاوة على كل هذا، فإن دور المرأة المعاصرة ما فتئ يتعاظم يوما بعد يوم، ويترسخ في مجتمعنا بحكم التطورات والتحولات العميقة التي شهدتها بلادنا منذ عقد من الزمن، وقد فرضت وجودها وحضورها على جميع الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية.. وغيرها. جمعية سندس تحتفل باليوم العالمي للمرأة واحتفاء بهذا اليوم وبإبداعات أنامل المرأة الجزائرية، نظمت جمعية سندس الثقافية، الترفيهية صالونا ولائيا خاصا بنشاطات المرأة، إذ تقوم الجمعية في سياق هذا الصالون بمسابقات في كل من الحلاقة، التجميل، الخياطة، الطرز والطبخ وغيرها من الحرف المصنوعة بأنامل ذهبية للمرأة الجزائرية، أين تتنافس عليها 30 عارضة مشاركة على مستوى القطاع الولائي للبليدة. خصصت جوائز قيّمة للمتحصلات على المرتبة الاولى، كما سيختتم الحفل بعرض مسرحي وعروض موسيقية وسيعرف الحفل ايضا تكريمات لكل من نساء ناشطات في كل من المجتمع المدني، الحماية المدنية والشرطة. المنار النسوية تكرم أكثر من 40 امرأة وفي ذات السياق، قامت جمعية المنار النسوية، في إطار البرنامج الخاص بهذه المناسبة، بتكريم حوالي 42 امرأة في أمسية ترفيهية بدار العجزة بدالي إبراهيم. وقد لقيت هذه المبادرة استحسانا كبيرا من طرف الأمهات المسنات والمشرفين على الدار، وتخلل هذا اليوم مجموعة من الأنشطة ساهمت من خلالها الجمعية في تفعيل دور المرأة وإبراز دورها الإيجابي في المجتمع، حسبما أكدته كريمة لقدر، رئيسة الجمعية ل السياسي .